2007 / 11 / 23
صدر عن الشيخ ياسر الحبيب البيان التالي:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
حُرّر في 28 من ربيع الآخر 1425
مرّت نحو سنة ومازال يقبع في السجن سماحة المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ يعسوب الدين الرستكاري الجويباري (دام ظله وفرج الله عنه) من قبل أجهزة المخابرات الإيرانية، دون أي احترام لمقام المرجعية والعلم، ولا تقدير لجهاد سماحته وجهوده في الدفاع عن الإسلام والتشيع، ودون تقديم مبررات منطقية لمثل هذا الإجراء الإجرامي، إلا الادعاء بأن سماحته قد أقدم على نشر كتاب أهان فيه أبا بكر وعمر وتعرّض فيه لما يسمى بمشروع الوحدة الإسلامية!
ولسنا ندري ما نقول لهؤلاء الذين لا يراعون حرمة لعلماء آل محمد فيما هم يراعون كل المراعاة "حرمة" أبي بكر وعمر (عليهما اللعنة) إلى درجة تعريض نائب من نواب إمام الزمان (عجل الله فرجه) للحبس والاضطهاد؟! لسنا ندري هل أن هذه السلطنة أو المملكة – على حد تعبير المرجعين الروحاني والوحيد - ترى نفسها ملزمة بحفظ مقام ألدّ أعداء الله وأعداء رسوله وأعداء أهل بيته! ولسنا ندري بأي جواب يجيبون يوم القيامة إذا ما سئلوا عن سبب دفاعهم عن قتلة رسول الله والزهراء واللذين أسسا أساس الجور والظلم على أهل بيت النبوة والرسالة صلوات الله عليهم؟! ولسنا ندري متى يتوقف كل هذا الاضطهاد ضد مراجع الدين والعلماء العاملين؟!
إن هذا الشيخ الجليل والمرجع القدير أفنى عمره في خدمة الإسلام والذب عن شريعة سيد المرسلين وأهل بيته الطيبين الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين) ويكفينا في ذلك تأليفه لأضخم موسوعة عرفها التاريخ الإسلامي في تفسير كتاب الله العزيز.. ألا وهي موسوعة "البصائر" التي تربو على المئة مجلد.
وسجنه واعتقاله بهذا الشكل المهين، ودون مراعاة لشيبته، تلبية لضغوطات الجماعات الوهابية الناصبية في إيران التي هتفت في صلوات الجمعة بالموت له! لا شك أنه يؤلم القلب المقدس لإمامنا الحجة المنتظر المهدي (صلوات الله عليه)، فضلا عن كونه مخالفة سافرة لأحكام الإسلام وموازينه.
إن على الجائرين أن يفهموا أن الظلم لن يولّد لهم استقرارا ولا مَنَعة، ولن يحفظ لهم المنصب والحكم، بل إنه يعجّل في زوالهم، فهل هذا ما يريدون؟! أوليس الأفضل لهم أن يحققوا السلام والوئام والعدالة في الداخل لكي يكون الشعب كله متحدا خلفهم في مواجهة "المخططات الخارجية"؟!
ثم بأي شرع وبأي قانون وبأي اعتبار يقضي مرجع تقليد – وهو يمثّل أعلى منصب ديني ودنيوي في عالم الإسلام والتشيّع – أيامه في السجن بدلا من قضائها على منبر الدرس أو التأليف؟! وأين هي حقوق الإنسان الإسلامية التي من أولها حقه في إبداء رأيه؟! هل أن سماحته قد خالف حكما من أحكام الله تعالى بفضحه أبا بكر وعمر حتى يتم اعتقاله وسجنه؟! وأين؟ في دولة "إسلامية شيعية" لا بكرية أو عمرية أو وهابية!
ساعد الله قلب إمامنا المهدي سلام الله عليه!
ليعلم المؤمنون الأعزاء أننا لم نألُ جهدا في ما مضى من الأيام للمساعدة في إطلاق سراح مرجعنا الرستكاري (مد ظله) بالوسائل الدبلوماسية إن جاز التعبير، فوسّطنا بعض العلماء والفضلاء ممن لديهم اتصال مع قيادة الحكم، وحاولنا أن نحل القضية من دون إثارتها على الملأ، ولكن باءت الوساطات بالفشل لأن التعنّت والتغطرس هو السائد على العقلية التي تحكم هناك!
وها قد مضت سنة دون أي بوادر للحل ولإطلاق سراح هذا المرجع المظلوم، فكان لابد من إعلان الموقف وبيانه أمام الكافة، ومن هنا سنكون مضطرين لأن ينحو العمل منحى آخر سيكون بلا شك "مؤذيا" لهؤلاء الجائرين، إذ لا تنفع معهم إلا لغة من نوع آخر خاص قد جرّبناها معهم ورأينا آثارها!
لم يكن في واردنا أن نلجأ إلى هذا الخيار حفظا للوضعية الشيعية العالمية، ولكن آخر الدواء الكي! فلا يلومنّنا أحد بعد اليوم إذا ما وظّفنا كل أجهزتنا لكشف كل الأوراق فتفقد الجماهير ثقتها المهزوزة أصلا بهذا النظام، فإن القبول باستمرار هذا الظلم يجعلنا مشاركين فيه والعياذ بالله! وإذا كان البعض فضّل السكوت خوفا من التبعات فنحن لا نخاف ولا نسكت ولا نرى بأسا من المضي شهداء في هذا السبيل عسى أن لا يحاسبنا ربنا يوم القيامة فيقول: ماذا صنعتم لإنقاذ أخيكم المؤمن المظلوم؟!
على المؤمنين والمؤمنات – كلٌّ من موقعه – أن لا يقصّر في رفع هذه الظلامة والانتصار لمقام المرجع الكبير وتفريج كربته، وذلك بمختلف الوسائل وعلى رأسها الدعاء والابتهال لله تعالى والتوسل بأئمتنا "الذادة الحماة" صلوات الله وسلامه عليهم، ثم العمل على كشف هذه الظلامة ونشرها لتكون أداة من أدوات الضغط الإعلامي إلى جانب إثارة الاحتجاجات القوية المؤثرة في إركاع الظالمين للمطالب العادلة.
وإذا لم يستجب السجّانون الكبار للمطالب وصمموا على استمرار حبس المرجع المظلوم؛ فسيرون منا ومن المؤمنين المخلصين ما لا يحبّون بل ما لا يطيب لهم النوم بسببه إن شاء الله تعالى. أما إن استجابوا وأفرجوا عن الشيخ الجليل، فليس لنا شأن بهم، وقد سبق أن قلناها لبعض الذين جاءوا من طرفهم؛ أن أوقفوا اضطهادكم للمراجع والعلماء، وأوقفوا منهجكم التحريفي للتشيّع الأصيل، ولن تروا منا إلا جميلا.
نسأل من الله تعالى أن يعجّل في ظهور إمامنا المهدي المفدى (صلوات الله عليه) ليخلّص المؤمنين في كل مكان من المظالم الواقعة عليهم، وليذيق أعداء الدين والجائرين الظالمين أشد العذاب. إله الحق آمين.
ياســـــــر الحبـــــــيب