2012 / 08 / 31
أبدى الشيخ ياسر الحبيب شجبه واستنكاره للوقاحة التي صدرت من الرئيس المصري محمد مرسي أثناء انعقاد قمة دول عدم الانحياز في العاصمة الإيرانية طهران مؤخرا حيث تعمّد في بداية كلمته استفزاز مشاعر المسلمين بذكر الترضي عن رموز النفاق وزعماء الانقلاب على الشرعية الإسلامية أبي بكر بن أبي قحافة وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان (لعنة الله عليهم) الذين وصفهم بالسادات!
الشيخ الحبيب أعاد التذكير بأن الترضي عن هؤلاء المنافقين الطغاة وإبداء المودة لهم هو أمر تحرمه الشريعة الإسلامية وهو من كبائر الإثم والمنكر الذي يجب النهي عنه، مستنكرا في الوقت ذاته عدم مقاطعة محمود أحمدي نجاد وغيره من رموز النظام الإيراني الذين حضروا المؤتمر لكلمة مرسي، وعدم اعتراض منتحل المرجعية علي خامنئي على ما تفوّه به مرسي مما يعد خروجاً عن أصول اللباقة وقواعد الاستضافة رغم أن كلمة خامنئي جاءت بعد كلمة مرسي.
وقال الشيخ أن هذا يكشف عن أن هذا النظام الإيراني الظالم والمنحرف أبعد ما يكون عن الاهتمام بالمواقف الدينية الحقيقية التي هي مواقف الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله) القائل: «فمن رَضِيَتْ عنه ابنتي فاطمة رضيتُ عنه، ومن رضيتُ عنه رضي الله تعالى عنه، ومن غَضِبَتْ ابنتي فاطمة عليه غَضِبتُ عليه، ومن غَضبتُ عليه غضب الله عليه». (ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ج2 ص332) والمطلعون على التاريخ يعلمون أن الزهراء (عليها السلام) ماتت شهيدة وهي غاضبة على أبي بكر وعمر وعثمان، فهؤلاء إذاً مغضوب عليهم من الله ورسوله صلى الله عليه وآله، فمن يترضى عنهم يكون متحدياً لله ولرسوله، ومن يسكت عن هذا المنكر في عقر داره وعاصمته ويمرّره مرور الكرام يكون فاسقاً.
وأضاف الشيخ أن التهوين من فداحة هذا الأمر هو بذاته من المنكر، فكرامة الزهراء (عليها السلام) هي كرامة الله ورسوله صلى الله عليه وآله، والترضي عن أبي بكر وعمر وعثمان هو إهانة للزهراء (أرواحنا فداها) وهو بالتالي إهانة لله ولرسوله صلى الله عليه وآله، فلقد أقسم النبي (صلى الله عليه وآله) ثلاث مرات على أنه لن يرضى إلا عمّن رَضِيَتْ عنه بضعته الطاهرة (صلوات الله عليها) حيث قال: «ثم والله يا فاطمة.. لا أرضى حتى ترضي! ثم والله يا فاطمة.. لا أرضى حتى ترضي! ثم والله يا فاطمة.. لا أرضى حتى ترضي»! (بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج22 ص485) وقد قالت الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء عليها السلام لأبي بكر وعمر لعنهما الله: «فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني! ولئن لقيتُ النبي لأشكونكما إليه»! (الإمامة والسياسة لابن قتيبة ج1 ص31)
وقال الشيخ: «إن هذا النظام يزعم أنه نظام إسلامي يطبّق منهاج رسول الله صلى الله عليه وآله، فهذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقسم على أنه ليس براضٍ عن أبي بكر وعمر وعثمان، فكيف سمح هذا النظام بأن يُذكر هؤلاء في عاصمته بالترضي والثناء عناداً لرسول الله صلى الله عليه وآله! وكيف لم يعترض أركانه أو يستدركوا في كلماتهم أثناء المؤتمر. تُرى؛ لو قيلت في هذا المؤتمر كلمة في الثناء على الشاه المقبور أو على رمز من رموز المعارضة لهذا النظام أو لمؤسسه؛ أكانوا سيسكتون ويمرّرون ذلك مرور الكرام؟! بالطبع لا، إذ كانت ستأخذهم الغيرة على الخميني المقبور والحمية له ولأنفسهم، فما بالهم لم تأخذهم الغيرة على المصطفى وبضعته الطاهرة صلوات الله عليهما وآلهما؟! ما ذاك إلا لأنه لا حمية فيهم لله ولرسوله ولأهل البيت عليهم السلام! ألا بئس نظام العقوق والمذلة هذا».
ونبّه الشيخ الحبيب إلى أن كلمة المدعو محمد مرسي لم تأتِ فلتة أو على عادته في الكلام، بل كانت كلمة مقصودة تعمّد بها استفزاز المشاعر، فكلماته وخطاباته الأخرى تخلو من ذكر أبي بكر وعمر وعثمان، خاصة إذا كانت في المحافل السياسية لا الدينية. وهذا المؤتمر الذي انعقد في طهران هو محفل سياسي لدول عدم الانحياز، فلماذا تعمّد ذكر هؤلاء الطغاة الثلاثة ووصفهم بالسادات على خلاف العادة؟! وما شأن منظمة عدم الانحياز بأبي بكر وعمر وعثمان؟! إنما فعل ذلك قاصداً لإهانة الشيعة واستفزاز مشاعرهم ليس إلا، والظاهر أنه لم يأتِ إلى طهران إلا لهذه الغاية، لأنه كان يرفض سابقاً مجرد مقابلة القائم بالأعمال الإيراني في القاهرة بدعوى الاعتراض على موقف النظام الإيراني في دعم النظام السوري، فما عدا مما بدا حتى قَبِلَ فجاة أن يأتي إلى طهران بنفسه؟!
وقال الشيخ: «يبدو أن هذا الأخرق أخذته نوبة من نوبات الصرع الذي يُعالَج منه فتصوّر أنه سيحقّق إنجازاً أو انتصاراً إذا ذهب إلى طهران لهذه الغاية! نذكّره بأنه إنْ كان قد جاء ليترضّى على الثلاثة المنافقين في طهران، فإنّ الشيعة المصريين وعلى رأسهم العلامة الشيخ حسن شحاتة قد سبقوه ولعنوا هؤلاء الثلاثة علناً في القاهرة! وإنه لن يطول الزمان حتى يُسمع لعنهم على كل منبر في مصر إن شاء الله تعالى، لأن الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه، والحق دوما منتصر على الباطل. وننصحه أيضاً كما ننصح بقية حكام الغفلة بأن يتقوا الله ويتوبوا إليه ويتعظوا مما وقع على سلفهم، فليس بمثل هذه الحركات الصبيانية يمكن مواجهة المد الشيعي في مصر وفي غير مصر، فالتشيع قادم لا محالة، وهو مستقبل هذه الأمة شاء من شاء وأبى من أبى. ولن ترهبنا سجونكم ومعتقلاتكم يا إخوان الشياطين كما لم ترهبنا سجون ومعتقلات حسني مبارك من قبل».
يُذكر أن المدعو محمد مرسي ينتمي إلى ما يسمى «جماعة الإخوان المسلمين» وقد تلقت هذه الجماعة دعماً معنوياً واضحاً من إعلام النظام الإيراني أثناء الانتخابات المصرية الأخيرة، ويُقال أنها تلقت أيضا دعماً مادياً كما تتلقاه «حركة حماس» الفلسطينية. هذا على الرغم من أن الداعية البكري أحمد حسين يعقوب صرّح أثناء الانتخابات بأنه سمع من محمد مرسي شخصياً أنه يعتبر الشيعة أشد خطراً على الإسلام من اليهود! وأنه سيواجه المد الشيعي في مصر إذا فاز بمنصب الرئاسة.