تكرّم سماحة الشيخ ياسر الحبيب «حفظه الله» في السنة الثالثة على التوالي لاحتفال «هيئة خدام المهدي عليه السلام» في لندن بذكرى هلاك عدوّة الله عائشة، بإلقاء كلمته المدوّية بهذه المناسبة السعيدة التي وافقت ذكرى انتصار المسلمين في يوم بدر، ونقلت وقائع الاحتفال على الهواء مباشرة قناة فدك الفضائية في مساء يوم الإثنين الموافق لليلة السابع عشر من شهر رمضان لسنة 1433 هجرية.
وكان أبرز ما جاء في كلمة سماحته بعد رفع أسمى آيات التبريكات والتهاني إلى مقام رسول الله «صلى الله عليه وآله» وأهل بيته الطيبين الطاهرين واللعنة على عائشة وأبيها، إشارته حفظه الله إلى ما رواه الخاصة والعامة على السواء عن رافع مولى عائشة الذي حدّث بهذا الحديث: ”كنت غلاما أخدمها إذا كان رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم عندها، وأن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم قال: عادى الله من عادى عليّا“. (أسد الغابة في معرفة الصحابة/ج2/ص154 ؛ الإصابة في تمييز الصحابة/ج2/ص373)
ونوّه سماحة الشيخ الحبيب إلى أن هذا الحديث مبتور لدى العامة، قبل أن يكمل حفظه الله الحديث عن هذه الحادثة من كتاب (الكافئة) للشيخ المفيد رضوان الله عليه، مبيّنا تتمة الرواية التي توضح أن مقصود رسول الله صلى الله عليه آله هو عائشة ومن معها؛ ثم أبرز سماحته توصيات رسول الله صلى الله عليه وآله لوصيّه علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) في عائشة الحميراء المدانة من فوق سبع سماوات.
وأضاف سماحته.. أن مِن حقد عائشة على أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه أنها لمّا بلغها أن عليًا تولّى الحكم بعد ربع قرن من العزل والإقصاء المتعمد قالت: وما لعلي يستولي على رقابنا.. لا أدخِل المدينة ولعلي فيها سلطان. (الإمامة والسياسة/ ج1/ ص66 لابن قتيبة)
وقالت: والله ليوم من عثمان خير من علي الدهر كله. (المحصول/ ج4/ ص343 للرازي)
وأكد الشيخ أن أخشى ما كانت تخشاه عائشة من علي هو ألا يُفسِح لها المجال في أن تتفحش وتمارس المجون، لأنه سيقرها في بيتها مطبّقا بذلك أمر الله تعالى، مانعًا إياها من أن تخالط الرجال، ولذا أرادت إزاحته عن الحكم متخذة بذلك شتى أصناف الوحشية والإجرام بإعلانها الحرب عليه مع رفض الجنوح إلى السلم.
ونقل الشيخ حفظه الله بعض الصور المشرقة لأمجاد شيعة علي في مجريات هذه الحرب، من الذين رابطوا في الميدان وحاربوا رأس الكفر عائشة وجنودها الأشرار، من كتاب (الجمل) للشيخ المفيد، وتضمنت هذه المشاهد المتلألئة أشعارًا وأراجيز بليغة أنشأها جند أمير المؤمنين صلوات الله عليه في ساحة القتال.
ومن الصور السوداء المظلمة لأنصار عائشة نقلَ الشيخ قول كعب بن ثور (لعنة الله عليه)، وهو القاضي الذي كان ممسك بزمام جمل عائشة حينما حفّ بها جيشها من كل جانب واستقدموا من عسكر الخصم فألقت على نفسها بُردة وتناولت كفـًا من تراب لتحث به وجوه أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، فدعا هذا اللعين حينها بهذا الدعاء الأحمق: (اللهم إن أردت أن تحقن الدماء وتطفئ هذه الفتنة فاقتل عليّا).
وبيّن الشيخ أن هذا المنطق هو منطق المفسدين في الأرض، الذين قلبوا المقاييس تجاه من يدافع عن نبي الإسلام وخلفائه الحقيقيين ودين الله تعالى من هجمة هذه المرأة التي لوّثت الدين الإسلامي وأحدثت فيه وخالفت تعاليمه ليصبح هو صاحب الفتنة لا أنه صاحب الإصلاح!
وفي الختام أكّد سماحته أن عائشة كانت وما زالت رأس الفتنة، مشددا على أن تداعيات معركة الجمل باقية إلى يومنا هذا، وقد تنبأ أمير المؤمنين عليه السلام كما جاء في نهج البلاغة أن في كل زمان سيخرج قوم من الأبرار المؤمنين يحملون راية الحق ليجاهدون باطل عائشة وينتصر بهم الدين، قبل أن يعلن سماحته هزيمة عائشة بتنامي ظاهرة إقامة مجالس الاحتفال بهلاكها في شتى أرجاء العالم، وينهي كلمته بالصلاة على محمد وآل محمد.
الجدير بالذكر أن هذا الاحتفال هو الثالث من نوعه الذي تقيمه هيئة خدام المهدي بعد ان أقامته لأول مرة قبل سنتين وتسبب في ضجة مفتعلة لبقايا أبناء عائشة وأشقائهم بالرضاعة في الوسط الشيعي.
وأقيم الاحتفال هذه المرة تحت شعار (الله أكبر.. عائشة في النار) وجهزت له خيمة كبيرة نصِبت بجوار هيئة خدام المهدي عليه السلام، سهر على تجهيزها جمع من المؤمنين الذين تدفقوا من كل حدب وصوب لحضور الاحتفال.
وشارك في هذا الاحتفال الذي اُطلِقت قبل بدءه مجموعة كبيرة من البالونات حملت لافتة كُتِبَ عليها (عائشة في النار) كلٌ من: الباحث المتشيّع عبدالله الخلاف والذي تولّى مهمة عريف الحفل، والمقرئ مجيد الصراف الذي تولّى مهمة قراءة دعاء صنمي قريش، والشاعر عادل الخطيب الذي ألقى قصيدة هجا فيها الحميراء وانتصر فيها للبتول الطاهرة، والشاعر سعد مطلوب الخفاجي الذي شارك ببعض أشعاره الطيّبة، والشيخ محمد سيروس الذي ألقى كلمتين إحداهما بالإنجليزية والأخرى بالفرنسية، إلى جانب الشيخ الحبيب، وأمير رواديد البراءة من أعداء أهل البيت الملا حيدر الكرخي، وانتهى الحفل البهيج بتوزيع الهدايا والجوائز على الأطفال الصغار الذين أبوا إلا أن يشاركوا آبائهم الفرحة في هذه العيد العظيم.