2012 / 07 / 21
تلقى برنامج «البث المباشر المفتوح مع الشيخ الحبيب» على قناة فدك الفضائية، في يوم الجمعة الموافق 23 شعبان الأغر 1433 هجرية، اتصالا من متصل من العراق تكلّم فيه عن عدة نقاط كان أهمها حول صدور بعض التصريحات الخطيرة ضد شيعة أهل البيت «عليهم السلام» من قبل الداعية الوهابي بدر المشاري.
حيث كان من أخطر ما صرّح به المأبون بدر المشاري في مكالمة معه بتاريخ 20 شعبان 1433 هجرية هو قوله بأن الشيعة مرتدون وحكمهم القتل ولكنه لا يحبذ ذلك لأنه سيستجلب مضرّة ومفسدة على أبناء الطائفة البكرية وليس منعه لذلك محاباةً للشيعة، ولكنه بصورة عامة يرى صحة العمل بفتوى شيخه ابن تيمية «لعنه الله» في أن الرافضة كفار وزنادقة ينبغي قتلهم أو أخذ الجزية من عندهم.
كما أخبر المتصل أن بدر المشاري قام بإخراج مكنونات صدره من حقد على الشيعة خلال الاتصال، فاستدرك أن الشيعة هم مواطنون في عدد من البلدان التي تحكمها حكومات بكرية كدول الخليج، ولهم الحق في أن يعيشوا دون ظلم وأن يأخذوا حقهم وأن يأخذ الواحد منهم مواطنته من راتب وما أشبه مع الحذر منهم، معقبًا أما ما عدا ذلك من التميّع وإعطائهم ما لا يستحقونه فهذا أمرٌ مخالف للشريعة الإسلامية دون أن يبيّن قصده.
من جانبه علّق سماحة الشيخ الحبيب بأن كلام المشاري ليس بجديد عند الطائفة البكرية بل إنه رأيٌ موجود عندهم، وقد تنوعت آرائهم بين من يرى أن الشيعة بعلمائهم وعوامهم كفار وتلحقهم أحكام الكافر، وبين من يقتصر تكفيره على العلماء فقط، وبين من لا يكفر لا العلماء ولا العوام.
وجزم سماحته بإمكانية محاكمة أصحاب الآراء التي تستحل الدماء أمام المحاكم الدولية باعتبارهم دعاة للقتل والإرهاب في حق الناس، مبديًا أسفه من أن المِلل والطوائف الأخرى حين يُطال عليها اللسان تتحرك بسرعة كالملّة اليهودية فأنها تمضي بكل السبل القانونية وتصرف الكثير من الأموال من أجل أن تثبت هيبتها، وكمثال لذلك نجاحها في أوروبا بإدانة من يشكك في (المحرقة اليهودية) بجرّه إلى المحاكمة في المحاكم وبهذا أتخذت الملّة اليهودية وضعية تحمي بموجبها هذه الحادثة كتأريخ عبر القوانين، فيحاسب من يطرح ولو تساؤلاً حول هذه المحرقة هل أنها بالصورة البشعة التي يصوّرها اليهود أم أنها كانت بأقل من هذه البشاعة؟
وعبّر الشيخ الحبيب عن أسفه الشديد لكون الشيعة على العكس من ذلك تمامًا، إذ سمحوا للقاصي والداني بالدوس عليهم وتكفيرهم، فلا يجد أيّ أحدٍ من البكريين حرجًا في أن يقول بكفر الشيعة وإباحة دمائهم، مبيّنا أنه إذا كان الأمر على القول بالكفر فقط فالأمر طبيعي إذ أن حتى الشيعة يقولون بكفر المخالفين ولكن ذلك في الآخرة فلا يرتبون على المخالفين أحكام الكفر في الدنيا كترتيبها على غيرهم من الكفار من أمثال اليهود والنصارى، كما أننا لا ندعو لقتلهم واستحلال دمائهم.
مردفا سماحته أن المشكلة تكمن في أن بعض المتطرفين من الطائفة البكرية كغلاة الوهابية يكفّرون الشيعة ويرتبون عليهم أحكام الكفر في الدنيا ويستحلون قتلهم، وفيما يمكن به مجابهة هذه الفئة هناك اتجاهين:
الأول: أن نتحرك عالميًا لتجريم الوهابية كفكر كما جُرِّمت النازية عالميًا كفكر.
ضاربًا سماحته مثالاً في لندن كيف أنه لو وضع أحد الناس على بيته شعار النازية أو علمها فأنه يتعرض لاستجواب من الشرطة كون النازية فكر عنصري تطهيري يسعى إلى تطهير الناس على أساس عرقي وفكري.
مقارنا سماحته الوهابية بالنازية في مبدئها ”من لم يكن معي فهو كافر مباح الدم“ مستدركًا «حفظه الله» أن الوهابية الحديثة أجريَ عليها الكثير من التعديلات في هذا العصر، فالوهابية الموجودة الآن ليست هي الوهابية الموجودة في زمن محمد عبد الوهاب – مؤسس الفكر الوهابي – وإنما حصل فيها تطور كبير إلى درجة أن بعض دعاة الوهابية صاروا يدعون للتعددية!
وأعرب الشيخ عن أسفه الشديد لأنه ما من أحد يتحرك في هذا الاتجاه مرجعًا السبب في عدم التحرك إلى عدم توفر الأموال الكافية لتجنيد طائفة من المحاميين الغربيين الأكفاء لرفع القضية في المحاكم الدولية وطرحها على مائدة الأمم المتحدة لاستصدار قرار على مستوى أممي دولي يقضى بموجبه تجريم الوهابية كفكر دوليًا.
وأضاف معلّقًا.. أنه من المعلوم أن مثل هذه الخطوات تحتاج لمصاريف ونحن تجّارنا كثيرٌ منهم هم فُجّارنا والقسم المتدين منهم محيط تفكيره منغلق فلو أراد أن يخدم الدين بشيء فهو إمّا أن يؤسس مسجدًا أو حسينية أو يدعم كفالة الأيتام أو ما شابه، فالفكر عندنا لا يزال غير متطور بحيث بحث يؤهلنا إلى أن نحاول أن نخطو خطوات نطوّر بها الوضع الشيعي العالمي؛ فلا نعرف تاجرًا مستعدًا إلى أن يتبنى مثل هذا الطرح فيدعم مشروع تجريم الوهابية كفكر عالميا، فنحقق بذلك إنجازا عظيما بحيث بمنع الترويج للفكر الوهابي والدعوة لمحمد بن عبد الوهاب وابن تيمية فيتم بموجب تحركنا استجواب دعاة الوهابية من قِبل الشرطة كما يتم استجواب دعاة النازية والفاشية.
بعض قد يقول أن النظام الإيراني لديه الإمكانات ولكننا للأسف قد ابتلينا بالنظام الإيراني إذ أنه لن يموّل مثل هذه الأعمال لعدم وجود مصلحة سياسية له فيها.
وتحفظ سماحته عن التصريح بأسماء بعض الجهات المرجعية المتمولة التي لديها الإمكانات لذلك لكنها لا تحمل هذا الهم، معقبًا حفظه الله أن النتيجة هي بقاء الشيعة في كل الأحوال مضطهدون ومستحلّون الدماء، داعيًا سماحته إلى رصد وتسجيل تصريحات دعاة الفرقة البكرية في هذا الشأن لتدعيم الموقف في مثل هذه القضية.
الثاني: هو المعاملة بالمثل؛ إذ لا شك أن كل الشرائع والأعراف الدولية والعالمية تسمح للشخص أن يُعامل بالمثل إذا اعُتدِيَ عليه أو حرض عليه بالقتل والإرهاب.
أي أن من يحرّض على قتل الشيعة يجب تجريمه والقول أنه إرهابي مباح الدم، فلا يتمكن أحد بعد هذه الخطوة أن يلعب مع الشيعة الذين قوة عالمية إلا أنهم لا يعرفون ذلك.
فلو اجتمعت الوهابية كلهم بعدتهم وعتادهم واجتمع عشرة بالمئة فقط من الشيعة فهذا كافٍ لحسم المعركة بيننا وبينهم إذ أن الانتصار سيكون حليفنا، لأنهم لا قبل لهم بنا، فرجال الشيعة أيًا كانوا صقلتهم الحروب كالإيرانيين والعراقيين واللبنانيين أما الوهابية الذين يعيشون في الخليج مثلا فهم يعيشون في الرفاهية والترف فلا قبل لهم بالحرب لأن هذه هي طبيعة الإنسان المُرهّف، ولذلك تجد كمثال الحوثيون وهم ذوي العتاد القليل دخلوا داخل حدود ما يُسمى بالسعودية ولم تستطع القوات السعودية مجابتهم إلا بعد اللتي واللتيا، ومن حسن حظ هذا النظام أنه طول هذه الفترة محمي من الأمريكان والغرب فلو أن الأمريكان والغرب يرفعون يدهم عنه وعن غيره من الدول الخليجية فإن دولته كسائر دول الخليج ستتبخر.
موجهًا سماحته النقد ذاته في نهاية حديثه عن المحور الثاني إلى شيعة الكويت، مؤكدًا أنهم لكونهم مرفهين فأنهم لا قِبل لهم بالحرب؛ ومحذرًا في الوقت نفسه الوهابية من التحرش بالشيعة بإنهم لو أرادوها حربًا فأنهم سيكونون الخاسر الأكبر ليس فقط بسبب ما يمتاز به الشيعة من التمرس للحرب وإنما للاحتياطي الوافر الذي يمتلكونه من المتشيّعين.
وفسّر سماحته قبيل الختام جرأة الوهابية على الشيعة والعمل على استفزازهم والتحريض على سفك دمائهم بأنها راجعة إلى تبعثر القوى الشيعية وتخاذلها وعدم وجود قيادات شيعية شجاعة تحمل العزة والكرامة والثقة بالنفس لتحمل لواء التشيع وتدفع بالشيعة نحو حسم المعركة الحقيقية وتحرير مكة المكرمة والمدينة المنورة وإعادة بناء مراقد أئمة البقيع الغرقد ودار رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإستعادة كل المقدسات الإسلامية ووضع هاتين المدينتين المقدستين تحت الإشراف الدولي، مشددًا حفظه الله على عدم الدعوة إلى إلغاء الآخرين بل التأكيد على المبدئية في ضمان حقوقهم كما فعل الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام بالخوارج في زمن حكمه العادل.