تصادفا مع المناسبة السعيدة بذكرى يوم مولد السيدة الزهراء «عليها الصلاة والسلام» لسنة 1433 هجرية؛ قدِم إلى مقر هيئة خدام المهدي «عليه السلام» في لندن شاب فرنسي كان قد تشيّع مؤخرًا بفضل برامج قناة فدك الفضائية باللغة الفرنسية، وذلك للقيام بإعلان تشيّعه وولائه لأهل البيت الطاهرين والبراءة من أعدائهم.
الشاب الفرنسي توماس توسّط الشيخين محمد سيروس وياسر الحبيب «حفظهما الله» لتلقينه الشهادة من قِبل الأخير على بركة الله تعالى، بوحدانية الله، وبنبوة خاتم الأنبياء والمرسلين، وبولاية أمير المؤمنين وسيدة نساء العالمين وابنائهما الأئمة المختارين صلوات الله عليهم جميعا وأتم التسليم، وبالبراءة من أعداء الله وأعداء رسوله وأعداء أهل البيت أجمعين.
ليتلقى بعدها الأخ المهتدي الجديد التهاني والتبريكات من قبل الحاضرين بهذه المناسبة السعيدة الأخرى المتمثلة في إشهاره إسلامه، وسط دعوات الشيخ الحبيب له بالتسديد والثبات ودخول الجنة مع محمد وآل محمد من خلال التوفيق لحسن العمل بالمعروف من طاعة الله ورسوله وأئمة أهل البيت الطاهرين واجتناب المنكرات التي نهى الله و رسوله وأهل البيت الأطهار عنها، مع رفض أعداء أهل بيت رسول الله «صلى الله عليه وآله» كائنا من كان.
تلا ذلك حديث الأخ توماس؛ الذي تعنـّى بالمجيء من مدينة تور التاريخية وسط غرب فرنسا ليفصح عن رحلته للإسلام الحق، فعرّف نفسه بأنه يبلغ من العمر 19 عاما وكان قد وُلِد ابتداءًا في أسرة ملحدة ليس لها دين، ولكنه درسَ في مدرسة نصرانية فساعده ذلك للبحث في الأديان، فتعلّم النصرانية إلا أنه لم يكن نصرانيا بالفعل إذ أنه لم يعتقد بصحة النصرانية.
الأخ توماس سردَ قصته منذ أن كان على مقاعد الدراسة في مدرسة ثانوية نصرانية قائلا: سمعت ذات مرة في المدرسة القسّيس وهو يتحدث حول الله فاصبح عندي إيمان ضعيف بالله ولكن ليس عبر ما تطرحه النصرانية، فبحثت عنه في الأديان الأخرى التي تبدو منطقية فوجدت الجواب في الإسلام.
وزادني تشجيعًا على البحث في الأديان الأخرى أنني درست في كلية نصرانية أيضا، فقد دفعني كلام القسيس في الكلّية وهو يتحدث عن الأديان الأخرى إلى أن أستكشف الأديان الأخرى، فلم أصل إلى نتيجة سوى أن الإسلام قد يقودني إلى الله.
فاشتريت قرآنا مترجما باللغة الفرنسية، ولأني لم أكن معتادا أن أقرأ كتابا بهذا المستوى في مفرداته جاء في بالي أن أذهبت إلى أحد المساجد لكي يوضحوا لي مفردات القرآن فقد كنت منذهلا من مصطلحات هذا الكتاب، ولذا ذهبت بالفعل إلى أحد المساجد وكان مسجدا بكريا وهابيا وكان لديّ العديد من الأسئلة، وعندما دخلت كنت أنا الأبيض الوحيد بينهم فقد كانوا عرب ونهضوا لي فورا، كانوا وهابية من جماعة الدعوة والتبليغ، اقتربوا مني وأوضحوا لي أن هناك مجموعة كبيرة من الفرنسيين سيكونون اخوتي وسأكون بينهم، فتواصلت مع تلك الجماعة (التبليغية) لمدة شهرين في رحلة تسمى (الخروج في سبيل الله) سألتهم خلالها الكثير من الأسئلة ولكنهم لم يجيبوا على الكثير منها ولم يقدّموا لي إجابات شافية لأنهم ذوو مستوى ثقافي منخفض، لذلك البعض منهم أتوني بإجابات لاحقا وبقت عندي الكثير من الاستفهامات فإجاباتهم كانت سطحية والكثير من أسئلتي لم يكن لديهم لها إجابات.
أصروا كثيرا أن أزورهم مرة أخرى فعدد كبير من الشباب ذهبوا إليهم وأصبحوا بكريين، وأرادوا مني أن أقابلهم.
أجريت العديد من الأبحاث، والدي ملحد لذا كان له الكثير من المناقشات في القرآن الكريم في مواجهة العلم فشجعني على بذل المزيد من البحوث، لكونه بعيد عن الدين، وكان أبرز ما نفرني عن العقيدة الوهابية هو التجسيم إذ ادركت أن إلاههم له ذراع ووجه وبالنسبة لي هذا أمر غير مقبول.
وكان من ملاحظاتي على الوهابية أنهم كلهم يهاجمون الشيعة بشكل مفتوح، فكنت أسأل نفسي أسئلة حول دين الشيعة لأن الوهابية تروّج في كثير من الأحيان أن الشيعة يعتقدون أن النبي الأكرم هو علي وأنهم كانوا يعبدون علي وإدعاءات أخرى كثيرة تجعلني أضحك.
وأضاف الأخ المهتدي الكريم.. واحدة من الأشياء التي اعتبرها بالفعل نعمة هي أن الوهابية تخصصوا في العمل على تشويه سمعة الشيعة فأعطوني الفضول إلى أن أبحث أكثر وأسأل أكثر؛ إلى أن التقيت أخيرا بأحد الشيعة فطرحت عليه بعض الأسئلة فضحك على أسئلتي وأدركت أنني قد ضلّلت من قبل الوهابية تجاه الشيعة فأردت أن أتعلم المزيد وكنت واثقا بأني كنت مخطئا جدا مع الشيعة ولذلك بحثت عن رجل شيعي لأطرح الأسئلة على الشيعة وأفهم عقيدتهم.
فأعطاني أجوبة من خلالها أدركت أن الوهابية يكذبون إلى درجة الإفراط ووقفت على تناقضاتهم.
وأسهب الأخ توماس في بيان مراحل رحلته قائلا: شيئا فشيئا اتصلت بالعديد من الشيعة الذين ينطقون بالفرنسية عبر الإنترنت وتواصلت والتقيت ببعض منهم من شتى أنحاء فرنسا لأن مدينتي صغيرة والشيعة فيها ليسوا كثر، وأكثرت عليهم أسئلتي حتى عرفت الشيخ محمد سيروس فتشيعت على يده ودعاني للقدوم إلى لندن للقاء سماحة الشيخ ياسر الحبيب، فأتيت وسنحت لي الفرصة لالتقائه.
و ردًا على سؤال للشيخ الحبيب عن صنف ذلك الشيعي الذي التقى به الأخ توماس، أجاب توماس بأنه إيراني من مؤيدي البترية والخمينية ولكني أحب أن أشكره لأنه أهداني تربة ولأنه أظهر لي هذا الدين وتربطني به علاقة جيدة، فعلق الشيخ الحبيب ”قنطرة توصلك إلى التشيّع الحق.. نسأل الله أن يهديه“.
وعما يخطط إليه الأخ توماس في المستقبل قال توماس: أدركت أن المذهب الشيعي لم يُعرف جيدا من قِبل الملحدين ومن يتسمون بالمسلمين لذا أود أن أتعلم المزيد عن الدين وانهمك في الكتابة وتأليف الكتب وتسجيل أشرطة الفيديو لتبث ونشرح للناس ما هو المذهب الشيعي، فأنا الآن أعلم أن هذا المعتقد هو دين سماوي غير معروف في بلدي، فمن واجبي اجراء المزيد من البحث والدراسة ومن ثم الكتابة عن هذا المعتقد، لقد قمت بتأسيس موقع باللغة الفرنسية على شبكة الانترنت بالتعاون مع بعض الأخوة لتوضيح المزيد من النقاط والمعلومات الأساسية حول الشيعة.
وهنا نزل كلام الأخ المتشيع كالثلج على صدر الشيخ الحبيب ما أدى إلى ارتسام البهجة على وجهه فحيّاه بدوره على هذه الهمة العالية مبلغا إياه دعائه إليه وسائلا المولى «عز وجل» أن يجعل على يديه هداية قومه إلى ولاية أهل البيت عليهم السلام والبراءة من اعدائهم عليهم اللعنة والعذاب.
منبئا سماحته الأخ الكريم بأن هذه الهداية تعود إلى طيب أصله في العوالم السابقة، وبأنه سيكون إن شاء الله تعالى أصلا لشجرة كبيرة من المؤمنين الموحدين من الشيعة الرافضة في فرنسا وثواب كل هؤلاء يصب في النهاية بميزان حسناته لأنه اتخذ الخطوة الأولى، داعيا «حفظه الله» للأخ الكريم بالتوفيق للزواج والإنجاب وأن يبارك الله في نسله وفي من يتشيعون بواسطته.
رابط للموقع الإلكتروني الذي أسسه الأخ المهتدي الكريم:
http://www.rawafidh.com/