بناءًا على طلب أحد الأخوة، نقله "مجيد الصراف" الزميل في هيئة خدام المهدي عليه السلام، علّق سماحة الشيخ ياسر الحبيب على اصدار اليعقوبي فتواه المشؤومة ضد شعيرة التطبير المقدسة بقول رسول الله صلى الله عليه وآله: ”من أفتى الناس بغير علمٍ فليتبوأ مقعده من النار“ ، وأكد سماحته أن مسألة الافتاء بغير علم هي من أكبر الكبائر، مبديًا أسفه الشديد لما آل إليه حال هذه الأمة بعد سقوط النظام الديكتاتوري الصدامي في العراق بنشوء ظاهرة "مراجع الحواسم" وهي ظاهرة اختلاط الحابل بالنابل بتصدي أصحاب الهوى والمطامع الدنيوية لوظيفة المرجعية المقدسة.
وعرّف سماحة الشيخ الحبيب المدعو محمد اليعقوبي بأنه واحد من مراجع الحواسم، وأضاف سماحته أنه كان يضحك سابقـًا على ما يروّج له هذا الرجل عن نفسه، بأنه قد درسَ الهندسة فألّف كتاب "الرياضيات للفقيه" وما أشبه!، بينما يضحك عليه من يقرأ ما يقوله وذلك نظرًا لضحالته العلمية وعدم فقهه بما يقول، فأي دخالة للرياضيات وعلومها في عملية الاستنباط بما يرجح كون الفقيه الذي يعرف الرياضيات هو الأعلم؟
إلا أنه نجحَ في بناء مرجعيته التي أعلنها بهذا الشكل المخزي بانسياق مجموعة من السذج والجهلة وراءه من الناعقين مع كل ناعق، فعبث بالعقائد وترحّم على بعض المنحرفين كأمثال فضل الله ومن أشبه، والحمد لله أن حوزة النجف الأشرف لم تعترف بهذا الرجل منذ إعلانه لمرجعيته المزعومة رغم محاولاته المستميتة ليجعل لنفسه موقعًا وسط المراجع الكبار المعتبرين.
ودعا سماحة الشيخ الحبيب إلى وقفة تصدي لمنكرات الفتيا بغير علم وعدم تفويتها مرور الكرام، فأنه لا دليل على حرمة التطبير أو الإدماء إذا كان على سيد الشهداء ولا مبرر شرعي لمنعه، فالقاعدة الفقهية الأساسية معروفة واسمها قاعدة "أصالة الإباحة"، وهي أن كل شيئ مباح حتى يرد دليل من رسول الله أو أهل البيت عليهم السلام على أنه حرام، فإن أدعى مدعي أن الإدماء فيه ضرر ولذلك فهو حرام .. قلنا له أن بهذا المبنى يصبح الحج ويصبح الصيام حرامًا لأن فيهما ضرر، إلا أن هذا الضرر غير موجب للحرمة، ولو قلنا بأن كل ضرر ولو كان يسيرًا موجب للحرمة لما بقى لنا من الأحكام شيئ، فالضرر الذي يوجب الحرمة هو الضرر الذي فوق العادة كمن لو طبّر مات وهذا أمر لم يحدث على مدى مئات السنين، بل أنه لا ضرر من وراء التطبير أصلاً.
فإن ادعى متنطع أن التطبير يشوّه المذهب، أجبناه بهذا المثال الذي ذكرناه كرارًا ومرارًا، وهو أن منظمات الدفاع عن حقوق الحيوان في بلاد الحضارة الغربية التي فتنت هؤلاء المتنطعين الذين يريدون أن يجعلون الحضارة الغربية تقيّم أعمالنا، هذه المنظمات التابعة للحضارة الغربية والأمم المتحدة تقوم في كل سنة بتنزيل بيانات تعترض بشدة على ذبح الخراف في ممارسات الحج على أنها أضاحي! ، وبمثال آخر نشرته الصحف قبل سنوات عديدة لبروفيسور ألماني امتدح الإسلام ولم يدخل فيه لأن عقله لا يتقبل الحج!
وأضاف سماحته أن الإدماء على سيد الشهداء «صلوات الله عليه» أمر وردت فيه الكثير من النصوص الشريفة، بل حتى أن الإدماء نفسه مستحب شرعًا بعنوان وهيئة الحجامة، فقد أدمى أهل البيت «صلوات الله عليهم» أنفسهم على الحسين وكذلك أنبياء الله العظام، ولم يُعهد من فقهائنا العظام الخضوع للثقافات الأخرى وتغيير الأحكام الشرعية بأساس أن هذه الأعمال تشوّه المذهب استدلالاً بهذا المنطق السخيف، فالفقيه الحق يرقب الله «عز وجل» ويخاف أن يفتي في مسألة لا يكون فيها موافقة لحكم الله تبارك وتعالى، والبعض يسهر طوال الليل بالتوسل بالإمام الحجة «صلوات الله عليه» والصلاة والتهجد ليفتي بالصباح في المسائل المستعصية والحرجة والبعض الآخر لا يفتون في بعض المسائل، إلى درجة أنه قبل سنوات ذهب شاب إيراني في قم المقدسة إلى مجلس حسيني، في ليلة العاشر من محرم، وكان في المجلس أحد الخطباء المتمكنين وذكر مصيبة الإمام الحسين عليه السلام فتأثر الشاب تأثرًا شديدًا وظل فاقدًا السيطرة على وضعه وهو يلطم نفسه ويلطم نفسه إلى أن وصل إلى البيت وضرب رأسه بالحائط لعدم مقدرته على التحمل ثم ذهب في منتصف الليل وألقى نفسه من على سطح المنزل فمات من هذا التأثر، فوُجّهت استفتاءات للمراجع في حكم هذا الشاب، الذي يظهر أنه قد فقد شعوره وعقله فسقط عنه التكليف، فأجاب أحد المراجع أنه يستحي من فاطمة الزهراء عليها السلام يوم القيامة لو أفتى بأن هذا الشاب انتحر.
وقال سماحته أنه لا يأسى على حال اليعقوبي وأمثاله الذين سيذهبون إلى جهنم إن شاء الله، معقبًا سماحته على المأثور من قول السيدة زينب «عليها السلام»: ”وليجتهدن أئمة الكفر وأشياع الضلالة على محوه وتطميسه فلا يزداد إلا علوّا“ ، معقبًا أن اليعقوبي من رؤوس الكفر لأنه يعمل ضد شعائر أبي عبد الله الحسين «صلوات الله عليه» ، وسماحته يأسى لحال الناس المساكين الذي يتبعون اليعقوبي وأضرابه كالصرخي والناصري وغيرهم ممن لم يحوزا على شرائط الإفتاء والمرجعية وتبوّء مقام النيابة عن صاحب العصر «صلوات الله عليه»، مناشدًا سماحته الشعب العراقي للتدبر والوعي في مسألة إتباعهم للمرجعية فلا يسمحون لليعقوبي وأمثاله بالضحك عليهم من خلال توزيع أكياس الرز وما أشبه عليهم وبالتالي اقتيادهم وراءه وتركهم المراجع الفقهاء الفطاحل الأتقياء الذين تجتمع فيهم الشرائط ممن حازوا على ملـَكة الإجتهاد والاستنباط.
وتسائل سماحته عن عمر مرجعية اليعقوبي التي بدأت مع سقوط نظام البعث البائد في العراق، للإشارة إلى الفترة الزمنية الممتدة بين فتواه وبين إعلان مرجعيته المزعومة، معلّقـًا سماحته أن اليعقوبي طوال سبع سنوات كان يرى التطبير بأم العين في كل سنة ولم يفت إلا في هذه السنة بالذات فإذا كان التطبير حرامًا فأنه كان طوال هذه الفترة شيطان أخرس، وإذا كان حلالاً فعجبًا أنه اليوم صار حرامًا! ، وبيّن سماحته فلسفة صدور هذه الفتوى، التي تجرأ بها اليعقوبي على أحكام الله، بأنها تأتي للدافع الدنيوي الذي يرغب فيه اليعقوبي وهو تكثير انتشار اتباعه وشعبيته وجمهوره من خلال سرقة مقلدي البتري الهالك محمد حسين فضل الله الذي سبق لليعقوبي أن صدّر فيه بيانـًا تأبينيًا كان يبحث عنه مقلدو فضل الله، فبعدما سكت المراجع عن تأبين وتعزية فضل الله فيما عدا المتردية والنطيحة من المتسمين بالمرجعية من أمثال اليعقوبي وكاظم الحائري، تلقف أتباع الهالك محمد حسين فضل الله هذا البيان منه ورفعوه من "الشيخ الزعطوط اليعقوبي" إلى "آية الله العظمى الشيخ اليعقوبي"، ولكن مكتب فضل الله قطعَ الطريق على من حاولوا أخذ تركة الميت من بعده، فقالوا: يجوز البقاء على تقليد "المقدّس" فضل الله مطلقـًا إلى يوم يبعثون، فأراد اليعقوبي بفتواه هذه إكمال الطريق "المبارك" لفضل الله الذي كان ضد الشعائر الحسينية وضد مظلومية الزهراء عليها السلام وضد حديث الكساء وضد اللعن في زيارة عاشوراء وضد الولاية التكوينية للمعصوم وغير ذلك من الأمور التي لا تخفى على بال أحد من الواقفين على حال هذا الهالك.
واستطرد سماحته بنقل فتوى المرجع الشيخ زين العابدين النجفي – قدس سره – من كتاب ”بيان الأئمة“ لحفيده الشيخ محمد مهدي زين العابدين النجفي، الذي ذكر أن جده حينما استفتي في التطبير تأخر في الجواب ثم كتب بعد فترة جوابًا جاء فيه أنه كان متوقف في شأن التطبير فذهب إلى مسجد السهلة وانقطع إلى صاحب الزمان «صلوات الله عليه» ليلقاه ويفتيه، فالتقى به وأفتاه الإمام بأن التطبير جائز، وأنه يفتي طبقـًا لفتوى المولى صاحب الزمان «صلوات الله عليه».
وأقسم سماحته أن التطبير لا يشوّه سمعة المذهب أبدًا، وعلى الحمقى الذين يعتقدون بخلاف ذلك أن يأتون إلى الغرب ليشاهدوا كيف أن الغربيين يكتبون دراسات عن التطبير والإدماء ويعتبرونها من مظاهر قوة الطائفة الشيعية، وأضاف سماحته أنه في كل سنة تخرج علينا هذه الأصوات الشاذة النكراء التي تجرح قلب الحسين وقلب الزهراء وقلوب أئمة أهل البيت وقلب صاحب العصر «صلوات الله عليهم» ولا ندري ما مشكلتهم مع هذه الشعائر، إلى درجة أن وصلت الوقاحة بأحدهم وهو فضل الله بأن قام بتحريم اللطم العنيف على الحسين، ناصحًا مقلديه باللطم الخفيف!.
وقال سماحته أن على هذه الأصوات النكراء أن تفهم أن الإسلام متوقف على قضية الحسين، التي إن لم يتم إحياءها كل سنة فإن الإسلام ينجلي ويذهب ويتحول إلى إسلام أبي بكر وعمر وعائشة، فما يحفظ إسلام محمد وعلي هو قضية الحسين فقط، التي تتوقف على الشعائر الحسينية المجيدة بكل أنواعها بدءًا من البكاء والإطعام وصولاً إلى الإدماء، فإذا أزيح الإدماء اليوم أزيح ما دونه غدًا إلى أن يصل الإنسان الشيعي إلى نظرية أحد أفراد حزب الدعوة الكافر باختزال ممارسات يوم العاشر من محرم بالوقوف دقيقة صمت حدادًا على الحسين.
وعبّر سماحته عن التطبير بأنه الحارس الحقيقي لقضية الحسين وشعائر الحسين، وأردف «حفظه الله» أن بعض الفقهاء ومنهم من هم أحياء يرزقون قد أفتوا بوجوب التطبير وجوبًا كفائيًا للمحافظة على قضية الحسين بهذا الزخم وهذه الحرارة وهذه القوة، كما عبّر سماحته عن التطبير بأنه فخر التشيّع، وأنه نوع من أنواع تهذيب السلوك وتشجيع القلب لأنه ينزع الخوف من منظر الدم مما يجعل المطبّر مستعدًا للحرب والعيش في أجواء المعركة في حال ظهور الإمام الحجة عليه السلام، داعيًا سماحته اليعقوبي وأمثال اليعقوبي إلى تطويل لسانهم على المناورات العسكرية للجيش العراقي بحجة أنها تؤدي إلى موت بعض الأفراد عن طريق الخطأ وإلى تضرر البعض الآخر، فتلك التدريبات العسكرية الواجب إجرائها يتوقف عليها تشجيع الجندي على القتال والحرب، أو أن يعتبرون الحسينيين قائمين بنفس الصنيع لإقبالهم على حرب، خاتمًا سماحته تعليقه المطوّل بدعوة العراقيين إلى التظاهر أمام بيت اليعقوبي وإنزاعه عمامته وتأديبه.