إحياءًا لمناسبة عيد الغدير الثاني، الموافق للتاسع من ربيع الأول لسنة 1433 من الهجرة النبوية الشريفة، أقامت هيئة خدام المهدي عليه السلام في لندن الحفل السنوي البهيج بذكرى هلاك عمر بن الخطاب لعنة الله عليه، ونقل الاحتفال لأول مرة في التاريخ الشيعي المعاصر على الهواء مباشرة على قناة فدك الفضائية، مما يعد نقلة نوعية متميزة وخطوة متقدمة إلى الأمام نحو إسقاط اعتبار الشخصيات المنحرفة التي كان لها الدور الأبرز في تزييف الإسلام وصنع نسخة بديلة له أسفرت عن إضلال هذه الأمة.
وبدأ الحفل بقصيدة من التراث الفلكلوري البحراني في عيد فرحة الزهراء بهلاك الطاغوت عمر، قرأها عريف الحفل الباحث عبد الله الخلاف، تلاها كلمة للأخ المستبصر الأمريكي داوود مقداد، وشارك في الحفل الرادود نور الدين الكاظمي والطفلان الأخوان محمد باقر ومحمد جواد.
وكان أبرز ما جاء في الاحتفال الكلمة التي ألقاها سماحة الشيخ ياسر الحبيب حفظه الله، والتي بدأها سماحته بالحديث القدسي عن الله تعالى: ”يا محمد، إنـّه كان في سابق علمي أن تمسك وأهل بيتك محن الدنيا وبلاؤها، وظلم المنافقين والغاصبين من عبادي، من نصحت لهم وخانوك، ومحضت لهم وغشوك، وصافيتهم وكشحوك، وأرضيتهم وكذبوك، وانتجيتهم وأسلموك، فإني بحولي وقوتي وسلطاني لأفتحن على من يغصب بعدك عليًا وصيّك حقه ألف باب من النيران من أسفل الفيلوق، ولأصليـّـنه وأصحابه قعرًا يشرف عليه إبليس آدم فيلعنه، ولأجعلن ذلك المنافق عبرة في القيامة كفراعنة الأنبياء وأعداء الدين في المحشر، ولاحشرنهم وأوليائهم وجميع الظلمة والمنافقين إلى نار جهنم زرقا كالحين أذلة خزايا نادمين، ولأخلدنهم فيها أبد الآبدين، يا محمد، أن مرافقك ووصيك في منزلتك يمسه البلوى من فرعونه وغاصبه الذي يجتري علي ويبدّل كلامي، ويشرك بي ويصد الناس عن سبيلي، وينصب من نفسه عجلا لأمتك، ويكفر بي في عرشي، إني قد أمرت ملائكتي في سبع سماواتي وشيعتك ومحبيك أن يتعيّدوا في اليوم الذي أهلكته فيه، وأمرتهم أن ينصبوا كرسي كرامتي بإزاء البيت المعمور ويثنوا علي ويستغفرون لشيعتك ولمحبيك من ولد آدم، وأمرت الكرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن الخلق كلهم ثلاثة أيام من ذلك اليوم ولا أكتب عليهم شيئا من خطاياهم كرامة لك ولوصيك، يا محمد، إني قد جعلت ذلك اليوم عيدا لك ولأهل بيتك ولمن تبعهم من المؤمنين و شيعتهم، وآليت على نفسي بعزتي وجلالي وعلوي في مكاني لأحبون من تعيّد في ذلك اليوم محتسبا ثواب الخافقين، ولأشفعنه في أقربائه وذوي رحمه، ولأزيدن في ماله إن وسّع على نفسه وعياله فيه، ولأعتقن من النار في كل حول في مثل ذلك اليوم آلافا من شيعتكم ومحبيكم ومواليكم، ولاجعلن سعيهم مشكورا، وذنبهم مغفورا، وعملهم مقبولا.“
وأشار سماحته إلى اعتبار هذا الحديث القدسي الشريف، مشددًا على أن اعتباره يأتي لوروده في كتب جمع من علماء الشيعة الأبرار، كالشيخ الصدوق والسيد ابن طاووس والشيخ حسن بن سليمان الحلي والعلّامة المجلسي، بسند عن الإمام الهادي عليه السلام.
وأردف سماحته الحديث الأول بحديث آخر وردنا عن الإمام جعفر الصادق «عليه السلام» يقول فيه: ”يؤتى يوم القيامة بإبليس مع مضل هذه الأمة، في زمامين غلظهما مثل جبل أحد، فيسحبان على وجوههما فينسد بهما باب من أبواب النار“.
وعمدَ سماحته إلى إثبات أن الطاغية الوغد السافل الحقير المدعو عمر بن الخطاب هو مضل هذه الأمة، وذلك من خلال الواقعة التي سمّاها ابن عباس "رزيّة الخميس" ، حيث أراد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يكتب كتابًا لا تضل بعده الأمة أبدا، فتصدى له عمر ورفعَ شعار التمرد عليه متهمًا إياه بالهجر، ومنعَه من كتابة هذا الكتاب، ففتح بذلك باب الضلال على هذه الأمة للأبد.
وتعقيبًا على هذا الدليل نقلَ سماحة الشيخ الحبيب أقوال علماء طائفة بقايا المعتقدين بعمر بن الخطاب، متسائلاً كيف أن جماعة ممن يسمون أنفسهم بالمسلمين يريدون منّا أن نحترم هذا المضل الذي أضل هذه الأمة، طالبًا منهم تفسير هذه الأحاديث الصحيحة والمعتبرة التي وردت عندهم في إثبات جريمة عمر بتصديه لرسول الله وتمرده عليه ومنعه من كتابة ذلك الكتاب الذي لو كتبه لن تضل الأمة أبدا، فكان من جملة تلك الأقوال المنقولة القول بأن عمل عمر كان دالاً على قوة فقهه واجتهاده!، كما قال ابن حجر العسقلاني نقلاً عن النووي، الذي أضاف أن النبي تركَ الإنكار على عمر بعد تمرد ه وعصيانه عليه!
وبيّن سماحته النتائج الخطيرة المترتبة على هذا التبرير والاعتذار الذي جاء به أهل الخلاف، مؤكدًا أن من يقبل هذا الاعتذار فأنه خارجٌ عن الإسلام، دون أي تهويل ومبالغة، لأنه يناقض القرآن والمعتقد الإسلامي من أسسه، معددًا سماحته خمسًا من هذه النتائج الخطيرة في حال قبول هذا الاعتذار وهي: أن عمر أفقه من رسول الله صلى الله عليه وآله!، وأن الاجتهاد جائز حتى في قبال الأمر النبوي الفوري!، وجواز عدم طاعة النبي!، وجواز تكليف الله للبشر تكليفـًا لا يطاق!، وأن صد الامتثال لأمر الله ورسوله أمر يؤجر عليه المرء!.
وفصّل سماحته بطلان هذه النتائج الخمس، ناقضا كذلك القول بأن النبي تركَ الإنكار على عمر بعد تمرده وعصيانه عليه، ناعتـًا القائل لهذا الكلام بأنه "حمارٌ يحمل أسفارا"، وذلك لتغافله عن عشرات الأحاديث التي تثبت أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» كان منكِرًا لهذا التمرد الذي حصل بقيادة عمر في محضره الشريف فطرد القوم وقال لهم: ”قوموا عني“، مبديًا صلى الله عليه وآله امتعاضه وانزعاجه مما حدث، فغمّ مما جرى.
وتبع كلمة الشيخ هوسات وأهازيج الرادود الملا حيدر الكرخي، التي تفاعل معها الحاضرين.
الجدير بالذكر أن سماحة الشيخ الحبيب قد ألقى كلمة في ليلة التاسع من ربيع الأول لهذه السنة بعنوان "وصية الإمام العسكري للحجة عليهما السلام" أدان في ختامها بدعة تسمية هذا اليوم بيوم تتويج الحجة كما نهى المؤمنين عن الاحتفال به في مساء الثامن من ربيع الأول وذلك احترامًا لمقام الإمام العسكري عليه الصلاة والسلام.