وجه سماحة الشيخ الحبيب خطابا مسجلا للشعب الإيراني باللغة الفارسية مساء الثلاثاء العشرين من شهر جمادى الأولى لسنة 1442، وذلك في قناتي فدك وصوت العترة عليهم السلام، وذلك بعد الاتهامات التي وجهها نظام خامنئي لفيلم سيدة الجنة وزعمه أنه يثير الفتنة.
بسم الله الرحمن الرحيم
شعب إيران العظيم. أيها الشعب المفعم بعشق أهل بيت العصمة والطهارة صلوات الله عليهم. الشعب الذي تنبأ رسول الله والأئمة الأطهار عليهم السلام بأن رجاله سينالون الدين ولو كان في الثريا. أبناء سلمان المحمدي، والمذخورون مع الخراساني لنصرة إمام الزمان المهدي عجل الله فرجه الشريف.
أيها الشعب الكريم. اليوم تعيش أمتنا الإسلامية ثورة استثنائية ليست كأي ثورة أخرى. ليست ثورة سياسية أو دنيوية. إنها ثورة زهرائية. ثورة تهدف إلى إيصال صوت حضرة الزهراء سلام الله عليها إلى العالم. ثورة توصل قصتها ورسالتها ومظلوميتها إلى العالم.
لقد نجحنا بتوفيق الله تعالى في إكمال الفيلم العالمي سيدة الجنة. هذا الفيلم الذي جرى إنتاجه وفق أعلى المواصفات الاحترافية لسينما هوليود. وهذه هي المرة الأولى التي يتمكن فيها شيعة أهل البيت عليهم السلام من الدخول في مجال السينما العالمية. وهي المرة الأولى التي ننقل بها قضايانا الدينية من ساحتنا المحلية المحدودة إلى الساحة العالمية التي لا حدود لها.
إنه حقا نصر عظيم، فما أروع أن نشاهد الإنسان الغربي يتعرف على قصة أطهر وأعظم سيدة في الوجود. هذه القصة المأساوية التي أخفاها الظالمون وساعدهم على ذلك الجبناء والسياسيون الفاسدون مثل علي خامنه اي ومعاونيه، فلعلكم الآن تنظرون إلى هذه الفضيحة الكبرى، وهي كيف أن هؤلاء يعملون ليلا ونهارا على محاربة هذا الفيلم وكأنهم في صف أبي بكر وعمر وقنفذ! إنهم مثلهم تماما! نفس السياسة الظالمة، نفس الخداع والمكر والغدر، نفس استغلال الدين لتحقيق المآرب الشخصية، نفس النذالة.
عندما خطبت الزهراء عليها السلام ضد أبي بكر في مسجد أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله، رد عليها الطاغوت أبو بكر بأنها مدفوعة من أمير المؤمنين عليه السلام وأنه «مربٍّ لكل فتنة»! كان هذا هو الاتهام الرسمي من حكومة أبي بكر وعمر لأمير المؤمنين والصديقة الزهراء عليهما السلام؛ أنهما يثيران الفتنة. واليوم يتكرر الأمر نفسه معنا، فالاتهام الرسمي الذي توجهه إلينا حكومة علي خامنه اي هو أننا نثير الفتنة!
إنهم لا يتحملون هذا الفيلم، لا يتحملون أن يعرض الفيلم للعالم مظلومية الزهراء وعذاباتها وآهاتها، كما لم يتحمل أبو بكر وعمر أنين الزهراء وبكاءها فأبعدوها خارج المدينة تبكي هناك وحيدة في بيت الأحزان!
أراد أبو بكر وعمر خنق صوت الزهراء في ذلك الزمان، ويريد خامنه اي وأذياله خنق صوت الزهراء في هذا الزمان!
كل ذلك بحجة الخوف من الفتنة. ونحن جوابنا هو جواب حضرة الزهراء أرواحنا فداها لأبي بكر وأذياله: «ابتدارا زعمتم خوف الفتنة، ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين»! نعم؛ إن الفتنة منهم وإليهم تعود. ليس الذي يقول: «آه من الظلم» هو من يثير الفتنة؛ بل الذي يثير الفتنة هو الظالم الذي يخنق صوت المظلوم ويحرض الناس عليه ويمنعه من حقه ومن قول: «آه»!
إن الإنسان أحيانا يعجب من مقدار بلاهة خامنه اي وحزبه، فهم يقولون أن هدفنا من هذا الفيلم هو إثارة الفتنة بين المسلمين، بينما هذا الفيلم ليس موجها للمسلمين بالدرجة الأولى! بل هو فيلم باللغة الانجليزية موجه للغربيين ولعموم شعوب العالم، نريد به أن نعرِّفهم على الصديقة الطاهرة عليها السلام ومنها يتعرفون على الإسلام الحقيقي، إسلام محمد وآل محمد عليهم السلام. فإذا كانت هنالك فتنة نبتغيها من وراء هذا الفيلم فستكون أصلا في بلاد الكفر! فلماذا ينزعج علي خامنه اي؟! أما الفتنة في بلادنا الإسلامية فهي قائمة أصلا، وسببها الرئيسي هو سياسة الأنظمة الحاكمة، كالنظام السعودي، والنظام الإماراتي، والنظام القطري، ونظام أردوغان، ونظام خامنه اي.
فهذه الأنظمة تتصارع وتحرك أذرعتها وميليشياتها في المنطقة لتتحارب وتدفع الشعوب المستضعفة ثمن هذه الحروب والفتن من أرواحها ودمائها. ليس للزهراء صلوات الله عليها ولا لطرح ظلامتها شأن بفتنتكم الملعونة هذه! لا ترموا جنايتكم على الآخرين، وإذا أردتم القضاء على الفتنة في بلادنا فتوقفوا عن سياساتكم التصارعية الخبيثة.
إننا واثقون من أن هذه الأكاذيب والافتراءات والدعاية السوداء التي ينتهجها خامنه اي وحزبه ضدنا لن تنطلي على شعبنا الإيراني المؤمن الذي تكونت لديه خبرة بهذا النظام وأكاذيبه وخداعه، وكيف يتلاعب بالدين لمصالحه، وكيف يظلم الناس لتثبيت سلطانه، حتى وإن كانوا من مراجع الدين العظام والمؤمنين الأخيار.
إننا واثقون من أن الشعب الإيراني البطل، الممتلئ بعقيدة الرفض لأعداء الزهراء وظالميها، لن يتخلف عن المشاركة في هذه الثورة الزهرائية العظيمة، وسيكون له دور عظيم في إيصال صوت الزهراء وآهاتها إلى العالم.
علينا أن نتذكر أن حضرة الزهراء سلام الله عليها كانت تلوم الأنصار على سكوتهم عن نصرتها في ذلك الزمان. كانت تقول لهم في خطبتها: «يا معاشر الفتية وأعضاد الملة وأنصار الإسلام؛ ما هذه الغميزة في حقي والسنة عن ظلامتي»؟!
كانت تقول لهم: لماذا أنتم نائمون؟ لماذا أنتم ساكتون؟
إن علينا أن لا نكرر خطأ أولئك القوم فيغضب الله علينا ويسلب منا مزيدا من البركات. لا يجوز لنا أن ننام ونسكت عن مظلومية فاطمة الزهراء صلوات الله عليها. يجب أن نبلغ العالم بهذه المظلومية، فإن العالم إذا عرف من هي فاطمة الزهراء وماذا وقع عليها من الظلم، فإنه سيتأثر وينصلح إن شاء الله تعالى، فإن حضرة الزهراء نور الله في الأرض، لماذا يبقى هذا النور مجهولا؟ لماذا يحاول هؤلاء البترية الأنذال إطفاءه؟! «يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون».
يا شعب إيران العظيم. تحرك! لقد بدأت الثورة الزهرائية الآن. نصر الله من نصر محمدا وآل محمد الطاهرين عليهم السلام.