بيان | حسن نصر الله ليس منا أهل البيت

شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

16 محرم الحرام 1441

عبّر سماحة الشيخ الحبيب عن غضبه الشديد جراء استخفاف المدعو حسن نصر الله بأحزان أهل البيت عليهم السلام وتقديمه التبريكات والتهاني في الليلة الأولى من شهر محرم الحرام وفي الليلة التاسعة منه، وذلك في بيان رسمي نشره مكتب سماحته، جاء فيه:

دأب شيعة أهل البيت الطاهرين (عليهم السلام) على احترام أحزانهم التزاما بالحديث الشريف: «إن الله تبارك وتعالى اطلع إلى الأرض فاختارنا، واختار لنا شيعة ينصروننا، ويفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا، ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا، أولئك منا وإلينا».

ولا توجد في التقويم العملي الشيعي ذكرى أفجع من ذكرى ما تعرض له في الطفوف الإمام الشهيد السبط الحسين بن علي وأهل بيته ونساؤه وأصحابه (عليهم السلام)، ولذلك يستشعر المؤمنون الحزن العميق مع دخول شهر محرم الحرام ويبتعدون ابتعادا كليا عن كل ما ينافي مظاهر الحزن والحداد، حتى في المناسبات الفردية أو الأسرية أو الاجتماعية، فلا يوجد مؤمن يقبل أن يتلقى التهاني أو يهنئ أحدا في هذه المناسبات إذا وقعت في شهري محرم وصفر. بل ولو كانت المناسبة دينية عظيمة كمناسبة ميلاد الإمام الكاظم (عليه السلام) فإن الشيعة لا يتبادلون التهاني فيها، وما ذلك إلا لوقوعها في شهر صفر الأحزان. كما لا يتبادلون التهاني بمناسبة غزوة ذات الرقاع التي انتصر فيها النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) على المشركين، وما ذلك إلا لوقوعها في شهر محرم الحرام. ولا يتبادلون التهاني بمناسبة حرب النهروان التي انتصر فيها أمير المؤمنين (عليه السلام) على الخوارج، وما ذلك إلا لوقوعها في شهر صفر الأحزان.

وهكذا كان الشيعة ومازالوا يلتزمون بهذا الأدب الديني والأخلاقي، ويعيبون على غيرهم عدم احترام أحزان رسول الله وأهل بيته الطاهرين (عليهم الصلاة والسلام) في هذين الشهرين، كما يفعل بعض المخالفين من الاحتفال وتبادل التهاني والتبريكات بيوم عاشوراء بدعوى أن الله نجّى فيه موسى (عليه السلام) من فرعون (لعنه الله)، حيث يقول الشيعة أنه بافتراض أن ذلك صحيح فإن الأولى احترام أحزان سيد المرسلين وآله الطاهرين (عليهم الصلاة والسلام).

ومما يؤسف له أن بعض الجهات البترية المنحرفة ما زالت تدنس المجتمع الشيعي بأفعالها النكراء التي يحسبها بعض الناس على الشيعة الأبرار وهم منها برآء، وآخرها ما قام به الحيوان المدعو حسن نصر الله حيث إنه مع بداية شهر محرم الحرام وباستخفاف بأحزان أهل البيت (عليهم السلام) قدّم التبريكات والتهاني بما سمّاه «حلول العام الهجري الجديد»! فأصبح في سلوكه الشائن هذا كأفراد الفرقة البكرية الذين عندما يدخل شهر محرم يتبادلون التبريكات ويقول بعضهم لبعض: «كل عام وأنتم بخير»! بينما الشيعة الأبرار عندما يدخل شهر محرم يتبادلون التعازي ويقول بعضهم لبعض: «عظم الله أجورنا وأجوركم» جريا على سيرة أئمتهم (عليهم السلام) والتزاما بتعاليمهم، فلقد روي عن الإمام الرضا (عليه السلام): «كان أبي (صلوات الله عليه) إذا دخل شهر المحرم لا يُرى ضاحكا، وكانت الكآبة تغلب عليه». وعندما سأل مالك الجهني الإمام الباقر (عليه السلام): «فكيف يعزّي بعضهم بعضا؟ قال عليه السلام: يقولون: عظَّم الله أجورنا بمصابنا بالحسين عليه السلام وجعلنا وإياكم من الطالبين بثأره مع وليه الإمام المهدي من آل محمد».

هذا مع أن الصحيح أن بداية العام الهجري لا تكون مع شهر محرم وإنما مع شهر ربيع الأول، فلقد كان أهل الجاهلية هم الذين يبدأون عامهم بشهر محرم أما مع ظهور الإسلام فقد صار العام يبدأ من شهر ربيع الأول لأنه شهر هجرة المصطفى (صلى الله عليه وآله)، ولكن عندما تولى الحكم الطاغية الثاني عمر بن الخطاب (لعنه الله) أعاد بداية العام إلى شهر محرم كعادته في إحياء سنن الجاهلية، وجرى على ذلك إلى يومنا هذا عامة المسلمين جهلا أو غفلة أو مماشاةً للأسف الشديد. وحسن نصر الله هو أحد هؤلاء الجهلة ولذلك يتوهم أن بداية العام الهجري تبدأ مع محرم.

ولم يكتفِ هذا الحيوان بهذه الإساءة وإنما أضاف إليها إساءة أخرى بليلة واحدة فقط قبل ليلة استشهاد سيد الشهداء (صلوات الله وسلامه عليه)، ففي ليلة التاسع من محرم ومع اشتداد أحزان المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها، وبدلا من أن تزداد الكآبة عليه ويضاعف من عبارات الحداد والرثاء والتعزية؛ تفوّه نصر الله بما نقلته عنه قناة العالم الخامنائية المأجورة الفاشلة بمانشيت عريض: «السيد نصر الله يقدم التبريكات في ذكرى التحرير الثاني»! وجاء في الخبر المقيت أنه في «كلمته العاشورائية» يبارك هذا التحرير والإنجاز الوطني الكبير للمقاتلين والجرحى وضباط وجنود الجيش اللبناني والجيش العربي السوري والقوات الشعبية السورية!

وتضاف هذه الإساءة إلى سجل أسود من الإساءات السابقة حيث كان إعلام ما يسمى بحزب الله كقناة المنار لا يحترم مناسبات أحزان أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) وكان كثيرا ما يبث ما يسمى مقاطع المعزوفات و(أغاني المقاومة!) في نفس أيام شهاداتهم الدامية، وكان من أبرزها احتفاله المشؤوم سنة ٢٠١٢ ميلادية بمشاركة نصر الله نفسه في يوم شهادة الإمام الهادي (عليه السلام) بمنطقة بنت جبيل بمناسبة ما يسمى بعيد المقاومة والتحرير! وفي المقابل كان هذا الحزب قد أقام العزاء في يوم ميلاد الإمام الجواد (عليه السلام) لتزامنه مع ذكرى هلاك إمامه الخميني! معلنا بلسان الحال أن الخميني - والعياذ بالله - أهم من الإمام الجواد (عليه السلام) بل وأعياد الحزب أهم من شهادات وأحزان الأئمة المعصومين (عليهم الصلاة والسلام)!

ننوه إلى أنه عندما تم إبلاغ الشيخ الحبيب بما فعله المدعو حسن نصر الله مؤخرا علّق بالقول بشكل قاطع: «هذه قلة أدب لا مثيل لها في محيطنا. حسن نصر الله ليس منا أهل البيت».

وأردف سماحته توضيحا: «هذا استخفاف لا يصدر من مؤمن يحترم حقا أبا عبد الله الحسين - صلوات الله عليه - ويعرف حرمة أيامه العاشورائية. هَبْ أن هذا الانتصار عظيم فهل يمكن أن يكون أعظم من انتصارات رسول الله وأمير المؤمنين - صلوات الله عليهما - في حروبهما التي وقعت في هذه الأيام؟ هل يمكن أن تكون هذه المناسبة أعظم من مناسبة ميلاد الإمام الكاظم - عليه السلام - في هذه الأيام؟ لا يمكن بكل تأكيد. فإذا ترك المؤمنون التهنئة والتبريك بتلك المناسبات الدينية العظيمة احتراما لأحزان أهل البيت - عليهم السلام - في هذه الأيام فكيف لا تُترك التهنئة والتبريك بما دونها من مناسبات؟ فإنها مهما عظمت لا تفوق في العظمة تلك، هذا إن كانت عظيمة أصلا، لأن المؤمن ينظر إليها بمجهر فحص الإخلاص وسلامة العقيدة قبل كل شيء آخر. إن الذين يصرون على الاستخفاف بحرمة أهل البيت ولا يراعون أحزانهم في هذه الأيام ويتبادلون التهاني والتبريكات بأي مناسبة كانت؛ لا شك في أنهم خارجون عن الصفة التي حددها أئمتنا عليهم السلام بقولهم: يفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا، أولئك منا وإلينا.. خارجون عن سيرة الشيعة الأبرار منذ القديم.. خارجون عن الأدب الذي أدبنا عليه أئمتنا الأطهار صلوات الله عليهم. إن الإنسان المؤمن لا يرى مناسبة تستحق التهنئة والتبريك مطلقا في أيام محرم وصفر، ولا يبدي أي مظهر من مظاهر الابتهاج في هذا الموسم السنوي الحزين. إنه لا يعيش إلا المصيبة ولا يبدي إلا الجزع، ويلتزم بلبس السواد إشعارا بالحداد إلى يوم الثامن من ربيع الأول، ولا ينزعه إلا في اليوم التاسع المنعوت في الآثار الشريفة بيوم نزع السواد. هكذا تعلمنا من أئمتنا وعلمائنا وهذا ما جرت عليه سيرتنا منذ القديم. هكذا نكون من آل محمد وإليهم صلوات الله عليهم، نفرح لفرحهم ونحزن لحزنهم، ونقدّم مناسباتهم على مناسباتنا مهما كانت. فمن لا تكون هذه صفته ونراه يهنئ ويبارك للناس في أحزان أهل البيت.. لا يمكن أن يكون منهم ومنا. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم».

مكتب الشيخ الحبيب

16 محرم الحرام 1441
5 سبتمبر 2020

صورة من البيان:







شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp