22 ذو الحجة 1441
أبدى سماحة الشيخ الحبيب عظيم أسفه لتقاعس جهات شيعية عديدة عن التوفيق ما بين واجب إحياء الذكرى الحسينية المرتقبة وما بين الاحتياطات الصحية الوقائية، وذلك في بيان رسمي نشره مكتب سماحته، وجاء فيه:
يبدي الشيخ عظيم أسفه لتقاعس جهات شيعية عديدة عن التوفيق ما بين واجب إحياء الذكرى الحسينية المرتقبة وما بين الاحتياطات الصحية الوقائية؛ واختيار تلك الجهات تعطيل شعائر سيد الشهداء (أرواحنا فداه) أو تضييقها وحرمان طوائف من المؤمنين من المشاركة فيها، كقرار بعض الحسينيات في بلدان متعددة عدم إقامة المجالس الحضورية هذا العام، وكقرار بعض المواكب في النجف الأشرف عدم إقامة الشعائر، وكقرار العتبة الحسينية إلغاء بعض المراسم، وكقرار محافظة كربلاء إغلاق المدينة المقدسة في وجه المعزين القادمين من خارجها.
يؤكد سماحته أن التوفيق بين الأمرين ممكن؛ وأن كل من يدعي خلافه إما أن يكون كاذبا أو جاهلا أو قليل فطنة، فهنالك من الإجراءات والوسائل ما يمكن به تحقيق نسبة وقائية عالية دون تعطيل الحياة الروحية للإنسان، وهو الذي يجري حاليا في بلاد الغرب مثلا. ثم على فرض استحالة التوفيق أو صعوبته؛ فإن مصلحة إبقاء شعائر الدين حيَّةً ترجح على المصالح الأخرى؛ شخصية كانت أم اجتماعية، ولا سيما أن نسبة وقوع الضرر البليغ على المجتمع منخفضة طبقا لخبراء الطب المعتمدين من الأمم المتحدة، فإن نحو ٨٠٪ ممن يصابون بهذا الفايروس المستجد لا يؤثر فيهم ولا يشعرون به أصلا أو تكون أعراضه عليهم خفيفة بحيث لا يحتاجون إلى علاج، ونسبة الـ ٢٠٪ المتبقية يتغلب عامتهم على الفايروس ويتماثلون للشفاء، أما الذين يصابون بأعراض حادة قد تصل إلى الوفاة فلا تكاد نسبتهم تتجاوز ٢٪ فقط.
يقول الشيخ: «هذه النسبة المنخفضة تنخفض أيضا كثيرا إلى ما دون ١٪ بأبسط إجراءات الوقاية، فكيف لو شُدِّدَتْ؟ ولنتنزَّلْ عن ذلك ولنقل إن القيام بهذه الإجراءات غير ممكن؛ فما نسبة ٢٪ فقط قربانا لله على حب سبط رسوله صلى الله عليه وآله؟! ومتى كان الشيعة يبخلون بأرواحهم نصرةً له وإبقاءً لقضيته وشعائره حية خالدة متوهجة؟! وها هو تاريخ الشيعة المجيد يثبت كيف أنهم لم يتخلوا عن إحياء عاشوراء حتى في أحلك الظروف وأصعبها، وأنهم كانوا يُقبلون على تعريض أنفسهم للمخاطر اليقينية والأضرار البليغة في هذه السبيل، نبراسهم ما جاء عن أئمتهم الأطهار عليهم السلام في استحباب ذلك طلبًا لشفاعة المولى أبي عبد الله الحسين عليه السلام ورغبةً في مجاورته في الجنة وهو سيد شبابها. ثم إن المؤمنين اليوم على وعي بشأن هذا الوباء، فإذا اختاروا إحياء شعائر سيد الشهداء صلوات الله عليه مع وجود هذا الوباء فلا حق لأحد في منعهم فارضًا الوصاية عليهم وكأنهم قُصَّر لا يعرفون مصلحتهم، فهم في ما هم ماضون فيه عالمون مدركون مختارون، وأقصى ما على الجهات فعله هو توفير الوسائل الوقائية لهم وتنظيم حركتهم الصحية وما إلى ذلك. وإنا لنخشى من أن يكون تقصير هذه الجهات في ذلك وتقاعسها وتعطيلها للشعائر الحسينية المقدسة هذا العام؛ وصمة فشل وإخفاق لا يُمحى تاريخها. والقلق الأكبر أن يسلب ذلك - لا سمح الله - من هذه الأمة ما تبقى لها من بركات وعنايات أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم عقوبةً لها على تفريطها. على الجميع أن يتدارك الأمر قبل فوات الأوان، وأن يصدَّق فعلُه قولَه الذي يزور به سيد الشهداء: (بأبي أنت وأمي ونفسي ومالي وولدي). وإلا فليعلم أنه ممن تخاطبه الآية الكريمة: (يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون؟ كَبُرَ مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون!) ففي مثل هذه الظروف يظهر الصادقون المستعدون للتضحية بكل شيء من أجل أبي عبد الله الحسين عليه السلام».
الشيخ مع توجيهات المراجع الكرام (حفظهم الله) التي جاءت في دعم التوفيق بين الأمرين، لكنه يأخذ على المرجعية العليا في النجف الأشرف برودها في التصدي لمن يتذرَّع بتوجيهاتها لإلغاء المجالس والمواكب وتعطيل الشعائر ومنع الزائرين والمعزين، ولذا فإن الشيخ يطالب المرجعية بمزيد من التحرك الحاسم في هذه الأيام الحرجة لوضع النقاط على الحروف وقطع الطريق على المتذرِّعين.
مكتب الشيخ الحبيب