السلام على الشيخ ياسر الحبيب والأخوة العاملين في فدك الصغرى ورحمة الله وبركاته عظم الله أجورنا وأجوركم باستشهاد سيدة نساء العالمين سيدة الجنة فاطمة الزهراء عليها أفضل الصلاة والسلام في مجلس شهادتها على رواية الأربعين ذكر الخطيب الرواية التي تبين عدم وجود كفؤ للسيدة الزهراء عليها أفضل الصلاة والسلام لو لم يخلق الله عليا عليه أفضل الصلاة والسلام فذكر أن هذه الرواية تُذكر في الفقه تارة وفي العقيدة تارة أخرى فأما في الفقه فبها يستدل على حرمة زواج المعصومة بالنَّص بغير المعصوم لذلك لم تتزوج السيدة مريم عليها السلام. ثم توسع الخطيب استطرادا ليتساءل عن زوج السيدة الجليلة الحوراء زينب عليها السلام فقال ما مضمونه أي تكوين الهي أُودع في هذا الشخص ليكون مؤهلا أن يتزوج معصومة (ولو بالمعنى الواسع) كالحوراء زينب صلوات الله وسلامه عليها؟! كما أن الخطيب بين أن التاريخ تعمد تجاهل هذه الشخصية أو إقصائها. فما هو رأي الشيخ الموقر حفظه الله تعالى في ذلك؟ ولو يتفضل علينا الشيخ بالجواب حول هذه المسألة وهي كيف نميز الأخبار التاريخية الواردة عن الشخصيات المنتسبة لأهل البيت صلوات الله عليهم فيما إذا كانت صادرة من باب التسقيط والدعاية المغرضة والبغض لأهل البيت صلوات الله عليهم -خصوصا أن مثل ذلك كان يحدث من الدعاية الإعلامية المضادة حتى في خصوص الأئمة صلوات الله عليهم أنفسهم - أم لا؟
رابط المحاضرة: https://m.youtube.com/watch?v=UgBbRK3W4AU
من الدقيقة ٤٦ إلى الدقيقة ٥٢ وفقنا الله وإياكم ولا تنسونا من خالص دعائكم كما لا ننساكم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رأي سماحة الشيخ الحبيب بعبد الله بن جعفر معروف وهو أنه مذموم، وقد كان من المتخلفين عن نصرة الإمام الحسين عليه السلام، كما بينه سماحته في بعض محاضراته في الليالي الحسينية، بلا مزيد عليه.
أما عن استشهاد الشيخ الدرورة بالرواية التي تبين عدم وجود كفء للسيدة الزهراء عليها السلام من آدم فمن دونه، للتدليل على مكانة عبد الله بن جعفر العالية لكونه كان زوجا للسيدة زينب عليها السلام، فإن هذا استدلال واضح الفساد من عدة جهات.
الجهة الأولى؛ أن تزويج فاطمة عليها السلام شأن إلهي، كما نصت عليه بعض الروايات الشريفة منها ما عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي لقد عاتبتني رجال قريش في أمر فاطمة وقالوا: خطبناها إليك فمنعتنا وتزوجت عليا فقلت لهم: والله ما أنا منعتكم وزوجته بل الله تعالى منعكم وزوجه فهبط على جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد إن الله جل جلاله يقول: لو لم أخلق عليا عليه السلام لما كان لفاطمة ابنتك كفو على وجه الأرض آدم فمن دونه. (عيون أخبار الرضا ج2 ص203)
فيفهم من هذه الرواية ومثيلاتها أن زواجها بيد الله تبارك وتعالى وهو من خصائص السيدة الزهراء عليها السلام التي لا يشاركها فيها أحد من نساء العالمين، وعليه فلا يمكن تسرية هذا الحكم أو الخاصية إلى غيرها من النساء، إلا بدليل خارجي وهو مفقود.
الجهة الثانية، أننا وجدنا بعض الأنبياء والأوصياء عليهم السلام قد تزوجوا بنساء فاسقات ومنافقات وكافرات، وهذا لم يخدش في عصمتهم صلوات الله عليهم، ولم يعطِ تلك النسوة بارتباطهن بالمعصومين عصمةً أو طاهرةً أو نحو ذلك لهن. (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن).
الجهة الثالثة، إن قال إنما قصدت تسرية هذا الحكم إلى النساء دون الرجال، أعدنا القول بما جاء في الجهة الثانية وأضفنا عليه، أنه قد وجدنا أن السيدة آسية بنت مزاحم - وهي من أفضل نساء أهل الجنة - كانت زوجة لفرعون لعنه الله، وهي معصومة وإلا لما كانت تحصل على هذه الدرجة الرفيعة في الجنة وتكون من أفضل نساءها مع السيدات مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد عليهن السلام كما في الحديث الشريف!
بل إن النبي صلى الله عليه وآله قد زوج ابنتيه أم كلثوم ورقية عليهما السلام من فرعون هذه الأمة عثمان بن عفان لعنه الله، وهما على قولٍ أنهما معصومتان.
وأما عن وجود الرواية في باب النكاح في كتب الفقه، فلا دلالة فيه على أن المعصومة لا يتزوجها إلا رفيع الشأن أو نحو ذلك. لما قررناه أن هذا حكم خاص للسيدة الزهراء عليها السلام، ولا يشاركها فيه أحد.
وأما بخصوص سؤالكم الأخير فإن هذا يتكفل به علم الرواية والدراية والرجال للتمييز بين المعتبر وغيره.
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى
9 ربيع الآخر 1445 هجرية