وردت رواياتان في مدينة المعاجز للسيد هاشم البحراني (رض) الأولى في ج ٣ - الصفحة ٥٠٩ - ٥١٠ والثانية في ج ٤ - الصفحة ٢٢٥ وحاصلها بأن الحسين (ع) أغلظ في كلامه مع رجل غليظ فهوى بيده ليضرب وجه الحسين (ع) فأيبسها الله وقد ابهمت الرواياتين اسم الشخص فتارةً رجل غليظ وتارةً بإسم " فرعون هذه الأمة" . فهل المقصود هو عمر بن الخطاب ام شخص آخر؟ ، نتمنى شرح وتفصيل لهاتين الرواياتين ...● مع فائق التحيات ودامت توفيقاتكم شيخنا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى استشهاد السبط الثالث المحسِّن الشهيد عليه السلام ولعنة الله على قاتليه.
بمراجعة الشيخ،
هي رواية واحدة أصلها في الخرائج والجرائح للراوندي، وأما الأخرى فليست برواية وإنما هي من كلام الراوندي في فصل مشابهة معجزات النبي والأئمة عليهم السلام من سبقهم من الأنبياء إبراهيم عليه السلام وأولاده، وقد استشهد بما في هذه الرواية التي رواها آنفا. وقد نقل ذلك كله السيد البحراني في كتابه مدينة المعاجز.
والمراد بالرجل الفظ الغليظ عمر بن الخطاب عليه اللعنة، إذ هي صفة معلومة له، ومن ذلك في رواياتنا ما في (الروضة في الفضائل ج1 ص162) من قول الأسقف لعلي عليه السلام وقد أومأ إلى عمر: «دعني حتى أسأل هذا الفظ الغليظ». ومنه في رواياتهم ما في (المصنف لابن أبي شيبة ج8 ص575) من قول أصحاب النبي صلى الله عليه وآله لأبي بكر وقد حضره الموت: «تستخلف علينا فظا غليظا، ولو قد ولينا كان أفظ وأغلظ»!
ويؤكد أن المراد عمر تعبير الراوندي - عندما عاد واستشهد بهذه الرواية - عن الرجل بفرعون هذه الأمة، إذ قال: «ومثل ذلك كان للحسين عليه السلام مع فرعون هذه الأمة فإنه مَدَّ يده ليضرب على وجه الحسين عليه السلام فيبست يده، فتضرع إليه ليدعو ربه فتُرَدَّ إليه يده، فدعا فصلحت ولم يعتذر كاعتذار الملك القبطي» (الخرائج والجرائح ج2 ص930).
والتعبير عن عمر بفرعون هذه الأمة معلومٌ كذلك في الروايات، ومنها ما في (كتاب سليم ص324) عن ابن عباس: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الاثنين - وهو اليوم الذي قُبض فيه - وحوله أهل بيته وثلاثون رجلا من أصحابه: ايتوني بكتف أكتب لكم فيه كتابا لن تضلوا بعدي ولن تختلفوا بعدي. فمنعهم فرعون هذه الأمة فقال: إن رسول الله يهجر! فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: إني أراكم تخالفوني وأنا حي؛ فكيف بعد موتي؟! فترك الكتف».
وحاصل شرح رواية الراوندي الذي طلبتَ؛ أن الكاظم عليه السلام حدَّث أن السبطين عليهما السلام خرجا خارج المدينة لا لشيء سوى قضاء الحاجة، فارتفع بينهما جدار وأظهر الله لهما عين ماء للوضوء لكرامتهما عليه، وفي طريق عودتهما تعرض لهما عمر لعنه الله وقد كان يخاف أن عليا عليه السلام قد أرسلهما دسيسةً إلى خارج المدينة استنصارا للناس عليه وعلى صاحبه ومن معهما من أهل السقيفة والانقلاب، ومع أن السبطين عليهما السلام قالا له: «إننا جئنا من الخلاء» إلا أنه لم يقبل وأخذته شقوته فأهوى بيده النجسة ليضربهما فيبست يده، فأهوى باليسرى فيبست كذلك، وحينئذ أخذته الضراعة فقال: «أسألكما بحق جدكما وأبيكما لما دعوتما الله أن يطلقني! فقال الحسين عليه السلام: اللهم أطلقه، واجعل له في هذا عبرة، واجعل ذلك عليه حجة. فأطلق الله يده. فانطلق قُدّامهما حتى أتى عليا عليه السلام وأقبل عليه بالخصومة! فقال: أين دسستهما؟ - وكأن هذا كان بعد يوم السقيفة بقليل - فقال علي عليه السلام: ما خرجا إلا للخلاء. وجذب رجل منهم عليًّا حتى شَقَّ رداءه، فقال الحسين عليه السلام للرجل: لا أخرجك الله من الدنيا حتى تُبتلى بالدياثة في أهلك وولدك! وقد كان الرجل يقود ابنته إلى رجل من العراق».
وهذا الرجل المذكور هنا الذي من أنصارهما؛ غير معرَّف لخساسته، وقد كشف الإمام الحسين عليه السلام بدعائه عليه أنه كان ديوثا، فقد كان يقود ابنته إلى رجل جاء إلى المدينة من العراق ليفجر بها. ومعنى (يقود) من القيادة؛ وهي ذاتها القِوادة أجلكم الله.
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى
6 ربيع الأول 1445 هجرية