بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين ، و صلى الله و سلم على محمد و آله الطيبين الطاهرين ، و لعنة الله على أعدائهم من الأولين و الآخرين
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
و بعد التحية إلى الشيخ الحبيب
هناك أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم تنهى عن الجزع ، كقوله ص ( ليس منا من لطم الخدود و شق الجيوب و دعا بدعوى الجاهلية ) و هذا الحديث رواه السنة و الشيعة ، كما في كتاب مستدرك الوسائل و غيره من المصادر ،أعرف بأن ردنا نحن الشيعة سيكون بأن هذا لا ينطبق على مصيبة الحسين عليه السلام ، لورود روايات صحيحة عن الأئمة عليهم السلام تفيد بأن الجزع كله مكروه سوى الجزع على الحسين عليه السلام ، كما في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام ، سؤالي هو كيف نستطيع إلحاق الجزع ببقية المعصومين عليهم السلام ، لأن الرواية خصصت مصيبة الحسين عليه السلام ؟ فلماذا نقوم باللطم على أمير المؤمنين و الزهراء و بقية المعصومين أليس هذا من الجزع المنهي عنه ؟ أتمنى أن أرى الجواب لهذه الشبهة ؟
و مع تمنياتي لكم بالتوفيق و النصر إن شاءالله
باسمه تقدست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى استشهاد سيدنا ومولانا الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق البار (صلوات الله وسلامه عليهما) جعلنا الله من الطالبين بثأره مع ولده المنتظر المهدي أرواحنا فداه وعجل الله تعالى فرجه الشريف.
أما التفصيل في أنه كيف عُمِّم حكم استحباب الجزع على سائر المعصومين (عليهم السلام) بل على غيرهم من أولياء الله الصالحين فذلك يحتاج إلى بيان فقهي مفصّل ليس هاهنا محله. وأما الإيجاز فيكفي في ثبوت ذلك ممارسة المعصومين (صلوات الله عليهم) له عمليا بعضهم على بعض، فقد جزعت سيدة نساء العالمين (صلوات الله عليها) على أبيها (صلى الله عليه وآله) وجزع العسكري على أبيه الهادي (صلوات الله عليهما) فشقّ ثوبه عليه حتى اعترض عليه بعض الحمقى فأفحمه (عليه السلام) بجواب قاطع، فقد روى الإربلي: ”خرج أبو محمد (العسكري) في جنازة أبي الحسن (الهادي) وقميصه مشقوق، فكتب إليه أبو عون قرابة نجاح بن سلمة: من رأيت أبلغك من الأئمة شقّ ثوبه في مثل هذا؟! فكتب إليه أبو محمد (العسكري): يا أحمق! وما يدريك ما هذا؟! قد شقّ موسى على هارون“. (كشف الغمة لابن أبي الفتح الإربلي ج3 ص214).
بل لقد شقّ العسكري (صلوات الله عليه) ثوبه جزعا وحسرة على استشهاد أخيه الأكبر السيد محمد بن علي سبع الدجيل (صلوات الله عليهما) مع أنه لم يكن إماما، وجرى ذلك في محضر أبيهما الإمام الهادي صلوات الله عليه. فقد روى الكليني عن جماعة من بني هاشم منهم الحسن بن الحسن الأفطس: ”أنهم حضروا يوم توفي محمد بن علي بن محمد صلوات الله عليهم (سبع الدجيل) باب أبي الحسن (الهادي) يعزّونه، وقد بُسِط له في صحن داره والنساء جلوس حوله، فقالوا: قدّرنا أن يكون حوله من آل أبي طالب وبني هاشم وقريش مئة خمسون رجلا سوى مواليه وسائر الناس، إذ نظر إلى الحسن بن علي (العسكري) قد جاء مشقوق الجيب حتى قام عن يمينه“.. إلى آخر الحديث الشريف. (الكافي للكليني رضوان الله عليه ج1 ص327).
ثم إن الحديث المروي عن الإمام أبي عبد الله الصادق (صلوات الله عليه) في شأن الجزع على الحسين (صلوات الله عليه) فيه: ”وقد شققن الجيوب ولطمن الخدود الفاطميات على الحسين بن علي عليهما السلام، وعلى مثله تُلطم الخدود وتُشق الجيوب“. (التهذيب للشيخ الطوسي عليه الرحمة والرضوان ج8 ص325).
فقوله عليه السلام: ”وعلى مثله“ يُستفاد منه استحباب اللطم وشق الجيب أي الجزع على من يكون مثل الإمام الحسين صلوات الله عليه، ولا ريب في أن سائر الأئمة (صلوات الله عليهم) مثله.
وفقكم الله لما يحب ويرضى. والسلام.
25 من شوال لسنة 1428 من الهجرة النبوية الشريفة.