الملاحدة يثيرون شبه حول القرآن الكريم ودعواهم بوجود اخطاء وتناقض في كتاب الله وهذه احدى شبههم هي في الآية الكريمة {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ} (65) فكيف تسقط السماء بحجمها الكبير على الارض التي لاتساوي بالنسبة لها سوى نملة في محيط؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وعظم الله أجورنا وأجوركم بمصابنا بإمامنا الباقر أبي جعفر محمد بن علي السجاد صلوات الله عليهما ولعنة الله على قاتليهما.
بمراجعة الشيخ أفاد أن هذا الإشكال ناشئ من بلاهة الملحدين، فإن السياق القرآني واضح في المراد من السماء هنا، وهو ما أحاط بالأرض، لا مطلق الكون، فلقد قال سبحانه قبل الآية المشار إليها: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).
فهذه هي السماء التي تنزل الماء، لا السماوات بما فيها، أي هذه القريبة المحيطة بالأرض بنحو تتسقف الأرض بها، كما قال تعالى: (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَّحْفُوظًا). وهي السماء التي تحمي الأرض من كل ما هو ضار في الكون، فلو وقعت لوقع معها كل تلك المضار، كالنيازك والشهب والحجارة بل والأشعة الضارة وما إلى ذلك.
وقد كان هذا معنى مركوزا في أذهان المخاطَبين بالقرآن، فلقد حكى عن بعضهم قولهم: (أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا). والكِسَف القِطَع. وكذلك حكى: (وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَٰذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ).
ولا أدل على أن المراد بالسماء؛ هذه القريبة التي ينزل منها الماء، أي التي فيها السحاب لا تلكم السماوات ذات المجرات؛ أنه سبحانه حكى قولهم حين يرون سقوط جزء منها: (وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ). فدلّ هذا على أن السماء الممسكَة من السقوط هي هذه السماء القريبة ذات السحاب، إذ لو كانت تلكم السماوات ذات المجرات لما قال المشركون حين رأوا جزءا منها ساقطا: (سَحَابٌ مَّرْكُومٌ)، إذ ليس في تلكم السماوات سحابٌ يُشاهَد بالعين المجردة حتى يكون هو الساقط في مخيلتهم.
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى
6 ذو الحجة 1443 هجرية