السلام عليكم
ابوبكر ابن ابي قحافة ، ابوه تزوج ابنة اخيه سلمى و هي بنت صخر من النساء صاحب الرايات في الجاهلية
رجاء ارسلوا لنا مصدر هذه المعلومات التي وجدتها في احدى خطابات الشيخ الحبيب حفظه الله.
و شكرا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى استشهاد الإمام السجاد صلوات الله عليه ولعنة الله على قاتليه.
ذكر ذلك سماحة الشيخ الحبيب في كتابه -الفاحشة الوجه الآخر لعائشة- في الفصل الأول (119-123):
إن التاريخ لم يقتصر على بيان أن سلمى بنت صخر -والدة أبي بكر وجدّة عائشة- كانت آكلة للذبان كزوجها أبي قحافة، فبيّن جانبيْن آخريْن أشنع وأفظع.
الجانب الأول؛ كونها من ذوات الرايات، وهنّ العاهرات اللائي كنّ يضعن على سطوح منازلهن رايات وأعلاماً يُعرفنَ بها ليقصدهنّ طالبو الزنا. وقد صرّح النسّابون بذلك في معرض ذكرهم لأبي بكر حيث قالوا: «وأمه سلمى من ذوات الأعلام في مكة، وكانت لها راية في الأبطح، لأن العرب كانوا يأنفون من أن تنازلهم البغايا، فكانوا يبعدونها عن قرب منازلهم، وكانت رايتها حمراء». (كتاب الأربعين لمحمد طاهر القمي الشيرازي ص532 عن مشارق الأنوار عن الملل والنحل والنسابين)
الجانب الثاني؛ أنها تزوّجت عمّها أبا قحافة سفاحاً! وهذا ما ينطق به نسب كل واحد منهما، فإن أبا قحافة هو: عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، وزوجته هي: سلمى بنت صخر بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة.
فسلمى هي ابنة أخ عثمان أبي قحافة، وقد ذكر نسبها هذا جمهرة العلماء، منهم الطبراني في المعجم (المعجم الكبير ج1 ص2) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (معرفة الصحابة ج24 ص151) ومحمد بن حبيب البغدادي في المحبر (المحبر ج1 ص12) وابن مندة في الكنى والألقاب (الكنى والألقاب ج1 ص87) وابن عبد البرّ في الاستيعاب (الاستيعاب ج2 ص13) وغيرهم كثير.
ولم يتفطّن البكريّون إلى هذه القضية الشائكة جيداً، فإنهم كانوا يذكرون نسب أبي قحافة وامرأته دون أن يلتفتوا إلى أنهما يشتركان في عامر فمن علاه! وكانوا إذ ذاك يرسلون إرسال المسلّمات قولهم: إن أبا قحافة تزوّج ابنة عمّه سلمى، والحال أنه تزوّج ابنة أخيه لا ابنة عمّه!
ومن الذين تفطّنوا ابن الأثير، فحاول إنقاذ أم أبي بكر وأباه من معابة نكاح المحارم، فحذف من نسب سلمى اسماً ليكون اشتراكها مع أبي قحافة في كعب بدلاً من عامر ابن عمرو، وحاول إسقاط أقوال العلماء والنسّابين مرجعاً ذلك إلى أن العرب لم تكن تنكح بنات الأخوة. وإليك كلامه بتمامه حيث قال في ترجمة أبي بكر: «عبد الله بن عثمان بن عامر ابن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي، أبو بكر الصديق ابن أبي قحافة، واسم أبي قحافة عثمان، وأمّه أم الخير سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب ابن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، وهي ابنة عمّ أبي قحافة. وقيل اسمها ليلى بنت صخر ابن عامر، قاله محمد بن سعد. وقال غيره: اسمها سلمى بنت صخر بن عامر بن عمرو بن كعب ابن سعد بن تيم، وهذا ليس بشيء فإنها تكون ابنة أخيه! ولم تكن العرب تنكح بنات الأخوة، والأوّل أصح». (أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير ج3 ص205)
وكما ترى فإن استبعاد ابن الأثير للقضية ليس مبنيا إلا على دعوى أن العرب لم تكن تنكح بنات الأخوة، وهذا مع التسليم به إلا أنه لا يصلح بمجرّده ناقضاً لأصل وقوع القضية، فإن لكل قاعدة شواذا، وإن التاريخ حين يسجّل أن هذه المرأة قد نكحت عمّها إنما يسجّله لكونه قد وقع خارقاً للمتعارَف، ولو أنه كان اعتياديا لمَا أشار إليه البتّة، فلا يصحّ الاستدلال بالمعتاد على نقض خوارقه، وإلا لصحّ مثلا أن نقول: إن قضية أكل هند بنت عتبة لكبد حمزة بن عبد المطلب (عليهما السلام) ليست صحيحة، لأن العرب لم تكن تأكل أكباد قتلاها! مع أن القضية ثابتة ولا يشكك أحد في وقوعها.
إن من الواضح أن محاولة ابن الأثير وغيره لنفي قضية نكاح أم الخير سلمى لعمّها أبي قحافة عثمان إنما مردّها التعصّب لأبي بكر والمغالاة فيه إلى حدّ تنزيه نَسَبه عن النقائص والعيوب. هذا هو السبب الحقيقي وإلا فالقضية ثابتة عندنا لا ريب فيها لعدّة دلائل:
منها؛ أن ابن جرير الطبري يذكرها بصراحة في كتابه المسترشد، حيث قال عن أبي بكر: «أبوه عثمان بن عامر، وأمه أم الخير بنت صخر، وكان عثمان متزوجا بابنة أخيه». (المسترشد لابن جرير الطبري الإمامي ص326)
وقد حاول ابن أبي الحديد الردّ عليه بقوله: «أما قول ابن جرير الآملي الطبرستاني في كتاب المسترشد: إن عثمان والد أبي بكر الصديق كان ناكحا أم الخير ابنة أخيه؛ فليس بصحيح، ولكنها ابنة عمّه لأنها ابنة صخر بن عامر، وعثمان هو ابن عمرو بن عامر. والعجب لمن اتبعه من فضلاء الإمامية على هذه المقالة من غير تحقيق لها من كتب الأنساب، وكيف تُتَصوَّر هذه الواقعة في قريش ولم يكن أحد منهم مجوسيا ولا يهوديا، ولا كان من مذهبهم حِلُّ نكاح بنات الأخ ولا بنات الأخت». شرح النهج ج11 ص69. وكان يجدر بابن أبي الحديد أن يتعجّب – بل يسخر - من نفسه لا من فضلاء الإمامية لأنه عدا عن أن نفيه للواقعة مبني على عادة قريش وقد بيّنا عدم تمامية الاستدلال بذلك؛ فإنه قد قد انفرد بذكر نسب آخر لسيّده أبي بكر لم يذكره غيره! فقد زعم أن أبا قحافة هو عثمان بن عمرو بن عامر! والإجماع على أنه ابن عامر ابن عمرو! فقلب ابن أبي الحديد الوالد إلى ولد والولد إلى والد! وخلط بذلك بين الحابل والنابل! كلّ هذا لتبرئة سيّده مما يخدش في نسبه وأصله!
ومنها؛ أن النسب الذي ادّعاه ابن الأثير لأم أبي بكر هو عينه الذي ذُكر لابنة خالته أم مُسَطَّح ابن أثاثة! فإنها هي سلمى التي تكون ابنة صخر بن عامر بن كعب، أما التي هي أم أبي بكر وزوجة أبي قحافة فهي سلمى ابنة صخر بن عامر بن عمرو بن كعب.
وقد أوضح ذلك ابن عبد البرّ في ترجمة مُسطّح إذ قال: «مُسطَّح بن عباد بن عبد المطلب ابن عبد مناف بن قصي القرشي المطلبي، يُكنّى أبا عبّاد، وقيل: أبا عبد الله. وأمه سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرّة، وهي ابنة خالة أبي بكر الصديق». (الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البرّ ج1 ص463)
وقال خليفة بن خياط: «مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف، أمّه سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي، وهي خالة أبي بكر الصديق». (طبقات ابن خياط ج1 ص9، ولعل سهوا وقع أسقط كلمة (ابنة) قبل خالة لأن هذا هو المشهور، وقد أكده ابن حجر العسقلاني في الإصابة برقم 7953 في ترجمة مسطّح بن أثاثة.)
ومنها؛ أن نكاحها لعمّها يتناسق مع ما تقدّم من كونه لوّاطا وكونها بغيّة، فمثل هذين لا يجدان حرجاً في نكاح المحارم. كما أن ذلك يتناسق مع ما عُرف عن قبيلة بني تيْم على وجه الخصوص من كونها قبيلة الفواحش والرذائل، فهذا نسّابة العرب الأقدم دغفل بن حنظلة حين دخل على معاوية بن أبي سفيان معدّداً له القبائل وما عُرفت به؛ سأله معاوية عن تيْم فقال: «أهل فُحشٍ فاشٍ! أحلام الفراش! إن شبعوا بخلوا! وإن افتقروا ألحّوا»! (كامل البهائي لعماد الدين الطبري ج2 ص40)
وقد كان لدغفل موقف تحدٍّ مشهور في عهد النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) كسر به أبا بكر بن أبي قحافة في نسبه وأصله، فلمّا اجتذب أبو بكر زمام ناقته منسحباً يجرّ أذيال الخيبة قال له دغفل: «والله لو ثَبَتَّ لأخبرتك أنك من زمعات قريش! أَوَما أنا بدغفل؟! فتبسّم النبي صلى الله عليه وسلم». (الأنساب للسمعاني ج1 ص37، تاريخ دمشق لابن عساكر ج17 ص298، السيرة النبوية لابن كثير ج2 ص165، وغيرهم كثير.)
ومعنى قوله: «زمعات قريش» أي أراذلها وسَفَلتها، وتبسّمُ النبي (صلى الله عليه وآله) هو إسنادٌ لكلام دغفل يثبته ويؤكّده. كما يُستفاد من تبسّمه (صلى الله عليه وآله) أن أبا بكر لا حُرمة ولا كرامة له في الإسلام، فإن دغفلا قد أهانه أشد الإهانة، ولم يوبّخه النبي بل تبسّم لكلامه مؤيّدا له ومُبدياً رضاه عنه! فلا ندري كيف يروق للمخالفين بعد هذا الادعاء بأنه يجب احترام أبي بكر بينما صاحب الشريعة (صلى الله عليه وآله) قد أسقط حُرمته كليّةً بفعله وتقريره؟!
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى
27 محرم الحرام 1442 هجرية