السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ...
افيضوا علينا من عطائكم العلمي كا افضتم علينا به من قبل انكم لكرام مَكرمين ...
قطرتنا الأحبة يقول النواصب ان " أم محمد بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب " تزوجت من يزيد ( لعنه الله ) وانها هديت اليه كهدية كما جاء في ( مختصر تاريخ دمشق ج 29 ص 168 ) :
[ أم محمد بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ]
كانت زوج يزيد بن معاوية. خطب يزيد بن معاوية بنت عبد الله بن جعفر ذي الجناحين إلى أبيها، فزوجه، فلما أهديت إليه من المدينة إلى الشام خرج فتلقاها، وأنشأ يقول: من الطويل
جاءت بها دهم البغال وشهبها ... مسترة في جوف قر مستر
مقابلة بين النبي محمد ... وبين علي والجواد بن جعفر
منافية غراء جادت بودها ... لعبد مناف أغر مشهر
فلما بلغت أبياته عبد الله بن جعفر قال: ما أراه ينسي نفسه في كل حال .
فما هو رأيكم هل هذا الزواج وقع بالفعل وماهو سببة وما هو رأيكم في ( عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ) ؟
ثم يستدلون بشبهة يرددونها دائما ان اهل البيت ( عليهم الصلاة والسلام ) زوجوا الصحابة ولم يزوجوا الشيعة فما هو ردكم عليهم ؟
وشكرا لكم احبتي واخوتي الروافض .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بمراجعة الشيخ،
لم يثبت هذا الزواج؛ فإن الخبر فيه مضطرب، إذ إن صاحب الأغاني ذكر أن الذي تزوجها لم يكن يزيد بن معاوية لعنهما الله؛ بل ابنه خالد، ونسب إليه تلكم الأبيات، وهي على مذاقه في الشعر. ومع ذلك نقل ابن عساكر وصاحب الأغاني عن مصعب بن عبد الله عم الزبير بن بكار قوله: «وسمعتُ من ينكر أن يكون تزوّجها وينكر الشعر. ومن الناس من ينكر تزويجه إياها» (تاريخ دمشق لابن عساكر ج٦٩ ص١٧٢ والأغاني لأبي الفرج الأصبهاني ج٣ ص٣٤٧).
وعلى فرض صحة وقوعه؛ فإن عبد الله بن جعفر ليس بشيء، إنما كان من أهل الدنيا وطلابها، فلا يبعد منه أن يزوج بناته للملوك وأبناء الملوك والولاة، وإن كانوا طغاةً أعداءً، فلقد بلغ من فسقه ولهثه وراء الدنيا أن زوَّج ابنته الحجّاج الثقفي لعنه الله وهو مَن هو! الأمر الذي أنكره الحسن البصري إذ روى ابن كثير: «وكان الحسن البصري يذم ابن جعفر على سماعه الغناء واللهو وشرائه المولدات، ويقول: أما يكفيه هذا الأمر القبيح المتلبِّس به من هذه الأشياء وغيرها حتى زوَّجَ الحجاجَ بنتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم! وكان الحجّاج يقول: إنما تزوجتُها لأُذِلَّ بها آل أبي طالب»! (البداية والنهاية لابن كثير ج9 ص42).
فيا لخيبة أهل الخلاف إذ كان هذا الرجل هو مَن يستدلون بصنعه وإنكاحه وهو محل نكير إمامهم الحسن البصري سيد التابعين! أرادوا أن يوهموا الناس أن العلاقة بين أهل البيت ومن يسمونهم الصحابة كانت علاقة طيبة، مع أن عبد الله بن جعفر ليس من أهل البيت الذين طهّرهم الله تطهيرا! ولا يزيد ولا ابنه خالد من الصحابة! والخبر نفسه غير ثابت!
وتغافل هؤلاء الخائبون عن خبر آخر عن سيد أهل البيت في عصره وهو الإمام أبو عبد الله الحسين عليه السلام، إذ فيه أن معاوية أراد أن يزوج عبد الله بن جعفر ابنته لابنه يزيد بدعوى الصلح بين الحيَّيْن؛ هاشم وأمية، فكان رفض الحسين عليه السلام قاطعًا قائلًا لمروان وبني أمية: «إنا قومٌ عاديناكم في الله فلم نكن نصالحكم للدنيا» (مناقب ابن شهرآشوب ج٤ ص٣٩).
وأيًّا كان؛ فإن مذهبا يرى افتقاره إلى دعائم متينة فيتعكَّز على زيجات وأنكحة؛ ليشهد على نفسه بالضعف والسقوط! ذلك لأن كل مطلع على تاريخ أنساب العرب؛ يدرك أن الأنكحة بينهم لا تثبت بنفسها ألفةً ولا تنفي عداوةً، إذ كانت تتم لاعتبارات شتى تبعا للثقافة السائدة والأحوال. ومن تلك الاعتبارات التي كانت جارية في بطون قريش كبني هاشم وبني أمية؛ أنهم وإن كانوا على العداوة؛ كانوا يتناكحون ويزوِّج بعضهم بعضا، لمكان ما كانوا يعدّونه من كفاءة النسب. وهذا ما يوقفك عليه صراحةً ما قاله الدوانيقي العباسي لعنه الله، الملقَّب عند القوم بالمنصور، فلقد روي عن إسحاق بن عيسى بن علي بن عبد الله بن العباس قال: «قلت للمنصور أبي جعفر: مَن أكفاؤنا؟ فقال: أعداؤنا! فقلتُ: مَن هم؟ فقال: بنو أمية»! (شرح النهج لابن أبي الحديد ج15 ص133). فترى هنا كيف أنه مع إقراره بالعداوة في ما بينهم؛ أقرَّ بأنهم أكفاء في النكاح. وهذا ما يفسِّر كثرة التناكح بين هذين الحيَّيْن من قريش، دون أن يعني ذلك بالضرورة انتفاء العداوة في ما بينهما، وإلا لكان تزويج ابنة عبد الله بن جعفر من الحجاج نافيًا لكونه عدوا لأهل البيت وبني هاشم وآل أبي طالب! ولا يقول بهذا عاقل.
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى
8 ذو الحجة 1442 هجرية