سلام عليكم ورحمة الله وبركاته اليوم رأيت مقطع فيديو للشيخ ياسر الحبيب حفظة الله يقول فية أن أسماء بنت أبي بكر لعنها الله كانت ترتدي ملابس شفافه سؤالي هو ماهو مصدر هذا الكلام حتى نتأكد وشكراً
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عظم الله أجوركم بذكرى استشهاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام، ولعنة الله على قاتليه.
تطرق سماحة الشيخ في كتاب الفاحشة الوجه الآخر لعائشة إلى هذا الأمر بالتفصيل، ننقل لكم بعض الشذرات منه:
- روى أبو داود والبيهقي عن خالد بن دريك عن عائشة: «إن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب شامية رقاق! فأعرض عنها ثم قال: ما هذا يا أسماء؟! إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى وجهه وكفّيه».
جاء في سنن أبي داود ج2 ص270 وسنن البيهقي ج2 ص226. وقد علّق عليه أبو داود بقوله: «هذا مُرسل، خالد بن دريك لم يدرك عائشة رضي الله عنها». غير أن الألباني قد حسّن الحديث بقوله: «لكن له شاهد من حديث أسماء بنت عميس بنحوه، وقال: ثياب شامية واسعة الأكمام بدل ثياب رقاق. أخرجه البيهقي، فالحديث بمجموع الطريقين حسن». على أن ابن حجر حكى قولا بأن ابن دريك قد رواه عن أم سلمة رضوان الله تعالى عليها، فلا يكون الحديث مرسلاً. راجع تلخيص الحبير لابن حجر ج10 ص281
ويبدو أن القوم هالهم أمر (الثياب الرقاق) فضعّفوا الحديث أولاً، ثم عمدوا إلى تخفيف صراحة ألفاظه بوضع (ثياب شامية واسعة الأكمام)!
غير أن هذه الرواية التي ترويها عائشة لا تتضمن كل التفاصيل عن الحادثة، فهناك تفاصيل أخرى أكثر حساسيةً وحرجاً عن طبيعة هذه «الثياب الشامية الرقاق» يبدو أن عائشة خجلت من بيانها! فجاءت السيدة الجليلة أسماء بنت عُميس (رضوان الله تعالى عليها) لتتكفّل بذلك، إذ يروي الطبراني والبيهقي عنها قولها: «دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة بنت أبي بكر وعندها أختها أسماء بنت أبي بكر، وعليها ثياب شامية واسعة الأكمام، فلما نظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فخرج! فقالت لها عائشة رضي الله عنها: تنحَّيْ فقد رأى رسول الله أمرا كرهه. فتَنحَّتْ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عائشة رضي الله عنها لمَ قام؟ قال: أَوَلمْ تريْ إلى هَناتِها؟!* إنه ليس للمرأة المسلمة أن يبدو منها إلا هذا وهذا، وأخذ بكفّيه فغطّى بهما ظهر كفّيه حتى لم يبدُ من كفّه إلا أصابعه، ثم نصب كفّيْه عن صُدغيْه حتى لم يبدُ إلا وجهه».
جاء هذا الحديث في المعجم الكبير للطبراني ج24 ص143 وسنن البيهقي ج7 ص86. وفي النسخ المطبوعة اليوم تجد أنهم حرّفوا كلمة (هناتها) إلى (هيأتها)! وقد ساعدهم على ذلك تشابه الرسم في القديم. غير أنك تعرف أن الأصل هو (هناتها) بمراجعة الرواية ذاتها التي ينقلها الهيثمي عن الطبراني، وذلك في مجمع الزوائد ج5 ص137، حيث لم تطل كتابه يد التحريف في هذا الموضع! فالحقيقة - كما قلنا - تأبى إلا أن تكشف الأسرار! وأنّى لهم أن يستروا عورة أسماء بعدما أبدتها تحت ثيابها الرقيقة؟! ثم لو تنزلنا وقلنا بأن اللفظ الصحيح هو (هيأتها) فإن العار لا ينفكّ عن ابنة أبي بكر إذ معنى الهيئة هنا ظهور تفاصيل الجسد وعوراته، وإلا لما كان ثمة داعٍ لأن يُعرض النبي (صلى الله عليه وآله) عنها ويستقبح منظرها.
ومعنى قوله صلى الله عليه وآله: «أوَلم تريْ إلى هَناتها» هو: أوَلم تريْ إلى فرجها وعوراتها؟! قال ابن منظور: «هَنُ المرأة: فرجها (...) وتكبير تصغيره: هَنٌّ، ثم يُخفّف فيُقال: هَنٌ. قال أبو الهيثم: وهي كناية عن الشيء يُستفحَشُ ذكره، تقول: لها هَنٌ، تريد لها حِرٌ - أي فرجٌ - والهَنُّ بالتخفيف والتشديد كناية عن الشيء لا تذكره باسمه» والجمع (هناتها) يتعدّى إلى أعضائها التي لا يُريد (صلى الله عليه وآله) ذكرها بأسمائها الصريحة لأنها مما يُستفحَش ذكره، فهي عورات. راجع لسان العرب لابن منظور ج15 ص365
وفي رواية ثالثة يرويها أبو بكر الكاشاني أن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أمر بطرد أسماء بعدما رآها على هذه الهيئة القبيحة، فقد روى عن عائشة قالت: «دخلت على أختي أسماء وعليها ثياب شامية رقاق وهي اليوم عندكم صفاق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه ثيابٌ تمجُّها سورة النور! فأمر بها فأُخرِجَتْ. فقلت: يا رسول الله؛ زارتني أختي فقلت لها ما قلت! فقال: يا عائشة؛ إن المرأة إذا حاضت لا ينبغي أن يُرى منها إلا وجهها وكفّاها».(بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لأبي بكر الكاشاني الحنفي ج5 ص123)
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى
21 شهر رمضان المعظم 1442 هجرية
