السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احد المخالفين ارسل هذه الشبهة ونتمنى منكم الرد عليها شيخنا
الكافي جزء ١ صفحة ٤٠٦
عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عبد الرحمن بن حماد وغيره، عن حنان بن سدير الصيرفي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: نعيت إلى النبي صلى الله عليه وآله نفسه وهو صحيح ليس به وجع، قال: نزل به الروح الأمين، قال: فنادى صلى الله عليه وآله الصلاة جامعة وأمر المهاجرين والأنصار بالسلاح واجتمع الناس، فصعد النبي صلى الله عليه وآله المنبر فنعى إليهم نفسه ثم قال: " أذكر الله الوالي من بعدي على أمتي، الا يرحم على جماعة المسلمين فاجل كبيرهم، ورحم ضعيفهم، ووقر عالمهم (1)، ولم يضر بهم فيذلهم، ولم يفقرهم فيكفرهم، ولم يغلق بابه دونهم فيأكل قويهم ضعيفهم ولم يخبزهم في بعوثهم فيقطع نسل أمتي. قال: [قد] بلغت ونصحت فاشهدوا ". وقال أبو عبد الله عليه السلام: هذا آخر كلام تكلم به رسول الله صلى الله عليه وآله على منبره.
إن كان المقصود بالوالي علي رضي الله عنه سقطت العصمة وإن كان غيره سقطت الإمامة ..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عظم الله أجوركم بذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه وأهل بيته عليهم السلام، ولعنة الله على قتلتهم وأعدائهم أجمعين.
بمراجعة الشيخ،
أولا؛ لا يصح رفع اليد عن مئات الأحاديث والنصوص الصريحة الدالة على تعيين الإمام وعصمته عليه السلام لأجل حديث واحد نفترض أنه مشتبه المعنى أو المعني به، فإن هذا خلاف المنهج العلمي بالاتفاق لأنه يكفي عند الاشتباه في معنى حديث أو حديثين تركهما والأخذ بتلك الأحاديث الكثيرة الصريحة المقطوع بها صدورا ومعنى. والكافي الشريف الذي أُخذ منه هذا الحديث زاخر بأحاديث النص على الإمامة والعصمة، وفيه باب كامل بهذا العنوان: (باب الإشارة والنص على أمير المؤمنين عليه السلام) فراجع.
ثانيا؛ إن ترتيب نتيجة انتفاء العصمة عمن قام الدليل على عصمته لمجرد أنه وُصِّيَ أو حُذِّرَ باطل جزمًا، فهذا الله سبحانه يحذِّرُ في كتابه نبينا الأعظم صلى الله عليه وآله بما حذَّرَ منه أنبياءه عليهم السلام فيقول: «وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ» (الزمر: ٦٦) ويقول: «وَادْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّـهِ إِلَـٰهًا آخَرَ» (القصص: ٨٨ -٨٩) مع أن الأمة مجمعة على أن نبينا الأعظم صلى الله عليه وآله الأنبياء عليهم السلام معصومون من الشرك؛ مأمونون من أن يدعوا مع الله إلها آخر.
وعليه فلو فرضنا أن الوصايا والتحذيرات التي وردت في هذا الحديث إنما كان المعني بها علي عليه السلام؛ فإنه لا تسقط عصمته بمجرد ذلك وإلا لسقطت عصمة النبي الأعظم والأنبياء عليهم السلام.
ثالثا؛ إن المعني بالوالي في الحديث إما أن يكون علي عليه السلام أو غيره، فإذا أخذنا بالأول فلا تسقط عصمته كما عرفت، إذ يكون من باب (إياك أعني واسمعي يا جارة) على أسلوب حكمة القرآن والسنة، وقد قال ابن عثيمين في (مجموع الفتاوى ج١ ص٣٢٧): «والحكمة من النهي أن يكون غيره متأسيًّا به، فإذا كان النهي موجها إلى مَن لا يمكن أن يقع منه باعتبار حاله؛ فهو إلى مَن يمكن منه من باب أولى».
وإذا أخذنا بالثاني فلا تسقط الإمامة، إذ نبينا صلى الله عليه وآله مأمور بأن يعظ صالح الناس وطالحهم، برَّهم وفاجرهم، عادلهم وجائرهم، مؤمنهم ومنافقهم، فلا يمتنع أن يعظ على هذا العموم لكل والٍ يأتي بعده لتكون الحجة آكد، وقد قال العلامة المجلسي رحمه الله في (مرآة العقول ج٤ ص٣٣٧): «والتذكير للإنذار والتحذير وتذكير عقاب الله، وكان المراد بالوالي هنا أعم من العادل والجائر».
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى
28 محرم الحرام 1441 هجرية