السلام عليكم ..
امضيت عدة شهور وانا ابحث عن اجابة شافية لهذه الاسئله ولكني لم اجد جوابا حتى منكم ..
1. السؤال الاول : قال تعالى ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) جميعنا يعلم ان الدين النصراني دين تبشيري ولكن دين اليهود ليس تبشيري فكيف نتبعه وكيف نرد على من يقول ان القرآن يناقض الأمر الواقع وهو ان دين اليهود ليس تبشيري ؟ ارجو التوضيح بالتفصيل مع ذكر الادله والبراهين من كتبنا وكتب مخاليفينا من اليهود .
٢. السؤال الثاني : من خلال بحثي لم اجد يهوديا واحدا يقول ان عزير ابن الله فكيف نرد على من يقول ان القران يناقض الامر الواقع وهو ان اليهود لا يؤمنون بأن عزير ابن الله ؟ ارجو التوضيح مع الادله والبراهين ؟
٣. في قصة يوسف يقول تعالى ( وشروه بثمن بخس دراهم معدودة )
هل كان يوجد دراهم في عصر النبي يوسف ؟؟؟؟
ارجو سرد الادله التي تدل على ذلك..
اتمنى الرد على هذه الاسئله لانها المره الرابعه التي اراسلكم فيها ولا اتلقى منكم جوابا
شكرا
علي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ج1: ننقل لكم جوابا سابقا للمكتب على إحدى الاعتراضات الموجهة إلى كتاب الفاحشة، حيث ذكر الشيخ في (ص٩١٠) أنه لا يبعد أن تكون زوجة طلحة اليهودية قد اشترطت هي وأبوها على طلحة أن يتهوَّد.
نص الاعتراض: «أولا هذا إضافة من عند المؤلف لا سند له، وثانيا وهو الأهم، إن المعروف بأن اليهودية دين لا يقبل الأغراب ولا يصلح إلا لبني إسرائيل ولذلك ليس عندهم تبشير».
نص الجواب: «هذا استنتاج واقعي ناظر إلى قوانين الدين اليهودي حيث يُحرِّم اليهود الزواج من غير ملتهم. والكلام هنا ليس عن التبشير بل التزويج. ومن الثابت أن بعض الطوائف اليهودية تجيز دخول الآخرين في الدين اليهودي كما أن بعض الطوائف اليهودية كانت وما زالت تمارس التبشير.
يقول الحاخام حاييم ناحوم في تصريحات له نقلتها مجلة آخر ساعة في عددها الصادر بتاريخ 14/4/1965: اليهودية دين يمكن أن يؤمن به الفرنسي، والإيطالي، والمصري، وأي إنسان؛ فهي ليست قومية.
في دائرة المعارف البريطانية ج13 ص165: لقد نشط اليهود إلى التبشير باليهودية بين مختلف الشعوب عندما رأوا الوثنية قوية النفوذ منتشرة في العالم، والكُتاب القدماء اليونان والرومان يشهدون بقوة النشاط التبشيري الذي قام به اليهود، وكيف تم نشر اليهودية في أواسط وغرب آسيا؛ أصل يهود العالم اليوم.
في تاريخ اليعقوبي ج1 ص228: تهوَّد قوم من الأوس والخزرج بعد خروجهم من اليمن، لمجاورتهم يهود خيبر وقريظة والنضير، وتهود قوم من بني الحارث بن كعب، وقوم من غسان، وقوم من جذام.
في تاريخ ابن خلدون ج4 ص12 يتحدث عن قبائل عديدة من البربر تهوّدت كقبيلة نفوسة وقبيلة جراوة وقبيلة مديونة و.. إلخ.
وينقل مارتن لوثر ما جرى له عندما حاول بعض اليهود تهويده في كتابه (اليهود وأكاذيبهم) ج1 ص95 فقال: قصدني ثلاثة من أحبار اليهود علماء في الناموس الموسوي، يحدوهم الأمل أن يجدوا فيَّ يهوديًّا جديدًا يضاف إلى قافلتهم.
إيفانكا ابنة الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب هي نفسها قد تهوّدت سنة 2009 عندما تزوجت يهوديا، فلا عجب أن يرغب طلحة بالتهود لكي يتزوج يهودية أيضا».
ونضيف هنا أن الخبراء من أبناء الديانة اليهودية هم أنفسهم يشهدون بأن إغلاق باب التبشير باليهودية كان في مرحلة تاريخية متأخرة نسبيا، ومن هؤلاء الدكتور نسيم سوسة، وهو يهودي عراقي نال الدكتوراة في أمريكا وحاز على جوائز أكاديمية عالمية، وكان قد اعتنق الإسلام بعد ذلك واختار أن يبدل اسمه إلى أحمد. يقول في كتابه (العرب واليهود في التاريخ ص٥٥١): «انتشر الدين اليهودي بين مختلف الأمم والأجناس، وهذه الأمم اعتنقت الدين اليهودي وهي تعيش في ديارها وأوطانها وتتكلم بلغاتها وتمارس عاداتها وتقاليدها التي نشأت في بيئتها، إذ بدأ التبشير بالدين اليهودي منذ تكوين الديانة اليهودية بعد كتابة التوراة، واستمر حتى العصور الوسطى عندما أغلق باب التبشير به في أواسط القرن الثالث عشر الميلادي».
وحتى لو تنزلنا وقلنا بأن أتباع الديانة اليهودية - بالمطلق - لا يمارسون التبشير، وأنه لا توجد فئة منهم تفعل ذلك، فإن هذا لا يقدح بمعنى الآية الكريمة، لأنها تحدثت عن (الرضى) الذي هو شعور قلبي، فلن يرضى اليهود عن النبي صلى الله عليه وآله إلا إذا اتبع ملتهم، حتى لو كانوا لا يوجهون له الدعوة لاعتناق دينهم. فالإنسان في شعوره القلبي يرضى عمن يبادر بالانضمام إليه حتى لو لم يكن قد وجه الدعوة إليه بالانضمام، وحتى لو كان انضمامه غير رسمي لموانع قانونية مثلا. فتأمل جيدا.
ج2: هذا الإشكال ساقط علميا لأن من المعلوم أن كثيرا من الاعتقادات قد زالت بزوال الطوائف التي كانت تحملها، فليس عدم العثور اليوم على شخص يهودي يعتقد بأن عزيرا ابن الله معناه بطلان وجود هذا الاعتقاد بين اليهود فيما سبق، وإلا لكان عدم العثور اليوم على شخص عربي يعتقد بأن الملائكة بنات الله دليلا على عدم وجود هذا الاعتقاد بين العرب فيما سبق.
ويكفي لإثبات وجود هذا الاعتقاد بين طوائف من اليهود فيما سبق وجود قرائنه في بعض آثارهم القديمة كسفر إسدراس الثاني، حيث ورد تأليه عِزرا بشكل صريح في الجزء الرابع منه. (راجع هذا الرابط من جامعة القديس أندرو البريطانية اضغط هنا ) مضافا إلى أن مجرد ذكر القرآن الكريم والآثار الإسلامية لهذه الحقيقة دون تسجيل أي اعتراض من اليهود في تلك الحقبة وما تلاها رغم تسجيل اعتراضات منهم على أمور أهون من هذه؛ هذا بنفسه دليل على وجود هذا الاعتقاد بينهم آنذاك.
بل إن من أعداء الإسلام المعاصرين مَن لم يعترض على احتمال تحقق موضوع هذه الآية التي تذكر هذا الاعتقاد رغم استنفاره لإثبات الأخطاء في القرآن في آيات أخرى بزعمه، كالمدعو الدكتور النصراني سامي الذيب، فإنه في تعليقه على قوله تعالى: «وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّـهِ» احتمل أن يكون هذا الاعتقاد من فرقة من السامرة، أو أنه متعلق بما جاء في إحدى أسفارهم عن الملك يواش. ومعنى هذا أنه لولا وجود أدلة أو قرائن تاريخية على وجود هذا الاعتقاد لما ادخر جهدا في نفي وجوده والتشنيع على القرآن بذكره كما فعل في موارد أخرى، حيث يقول في كتابه ص٥٨٨: «عزير وفي العبرية عزرا، هو كاهن وكاتب يهودي قاد قرابة 5000 يهودي من بابل إلى القدس عام 459 قبل الميلاد وهناك كتاب كامل في التوراة يحمل اسمه. قد تكون شيعة سامرية قد ألّهته. ولكن قد يكون هذا الاتهام متعلقا بما جاء عن الملك يواش في سفر أخبار اليوم الثاني». ومما يبعث على السخرية أن المدعو الذيب يذهب إلى أن القرآن قد كتبه حاخام يهودي! ومعنى ذلك - جدلا - أنه لا بد أن تكون مفرداته نابعة من الثقافة اليهودية، فثبت إذاً أن في اليهود آنذاك من كان يؤمن بأن عزيراً ابن الله!
ج٣: هنالك من الباحثين مَن أثبت وجود العملات المعدنية في تلك الحقبة في مصر، مثل Edward W. Castle من جامعة شيكاغو في بحثه بعنوان: Shipping and Trade in Ramesside Egypt وعلى كل حال فإن الدينار والدرهم هما بالأصل مثاقيل، ولذلك يُقال في المثل: «درهم وقاية خير من قنطار علاج». ولا يختلف الخبراء في أن المثاقيل والأوزان كانت تستعمل في المقايضات وتعاملات البيع والشراء في حقبة يوسف عليه السلام.
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى
20 ربيع الآخر 1441 هجرية