بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف و أعظم المرسلين محمد و آله الطيبين الطاخرين المعصومين المظلومين و بعد
لي سؤالان يا شيخنا أرجو من حضرتك التكرم بالإجابة عنهما للضرورة ..
الأول ما هو الموقف الواضح و الصريح لخط بآل الشيرازي الكرام تجاه السيد علي الخمنئي و نظامه خاصة انني لم أقع على كلام للإمام الراحل يذكر به السيد الخمنئي بالاسم .. و أرجو من سمحاتكم - كما تعودنا منكم - الرد الصريح و المباشر ..
سؤالي الثاني و الذي أرجو من سماحتكم الرد عليه بأقصى درجات الأهمية يا شيخ حول واجبنا الشرعي للرد على فرق النصارى بالمنتديات و غرف البال توك و عبر قنواتهم الفضائية التي تتهجم على الذات المحمدية المقدسة و على سيرة الرسول الأعظم روحي له الفدى بأشنع و اقبح التهم التي تثير غيرة كل مؤمن محب .. و بتشكيكاتهم المستمرة بالقرآن و الشريعة الإسلامية و قد ظهر جليا نتائج مجهوداتهم في تنصير العديد من الشباب المسلم البسيط الفكر الغير متعمق بدينه .. و ظاهر الأمر أننا أنشغلنا مع الأسف بالرد على مخالفين آل البيت كما أنشغل المخالفين أيضا بكيل التهم علينا حتى صفت الساحة خالية لهؤلاء لتضليل شباب الإسلام ما عدا بعض المجهودات القليلة هنا و هناك .. و منها مجهودات الإمام الراحل ( رضوان الله عليه ) الذي ألف أكثر من عنوان بالرد عليهم .. و لكن على ساحة الانترنت لا نجد ذلك واضحا ما الأسف .. خاصة أنه ظهرت لهم مؤخرا قناة فضائية مشبوهة تدعى ( الحياة ) تبث من خلالها شخصيات كناهد متولي القمس بطرس زكريا شبهاتهم و سمومهم حول الرسول الأعظم روحي له الفدى .. فأين نحن أتباع آل المصطفى من الرد على هؤلاء و الذب على سيد البيت البنوي المطهر و أعظم مخلوقات الله محمد صلى الله عليه و آله و سلم ؟
جزاكم الله خيرا
سلمان أشكناني
باسمه تقدّست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
عظم الله أجورنا وأجوركم في ذكرى استشهاد مولاتنا كعبة الأحزان الحوراء زينب (صلوات الله وسلامه عليها) وجعلنا الله ممن ينتقم لها ممن ظلمها مع إمامنا المهدي الحجة المنتظر صلوات الله عليه وعجل الله فرجه وجعلنا فداه.
قد كنا نحضر في خدمة الإمام المظلوم الراحل (رضوان الله عليه) ونجلس إلى جواره لننهل من نمير علومه، وكثيرا ما كان خلال تلك الجلسات يبث لنا لوعته شاكيا ما أحدثه المذكور من مخالفات شرعية عديدة وانتهاكات ومظالم جمّة.
أما جوابنا على سؤالكم الآخر؛ فلا يخفى ضرورة التصدي لهؤلاء والذبّ عن مقام سيدنا ومولانا المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) وتوضيح الصورة الحقيقية لسيرته الوضّاءة، فإن هؤلاء النصارى - كما رأينا في محاوراتنا معهم أخيرا - قد تكوّنت لديهم فكرة خاطئة تماما عن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن الإسلام العظيم، وقد بنوا فكرتهم المغلوطة على ما رواه البكريون عن عائشة وأبي هريرة وأنس وأضرابهم (عليهم اللعنة والعذاب) من افتراءات شوّهت هذه السيرة العظيمة، كما قد بنوا فكرتهم المغلوطة على القواعد العقيدية والشرعية للدين المنحرف المنتحل لاسم الإسلام، أي ذلك الدين الذي صنعه رجال السقيفة ومن أعقبهم من الخلفاء والولاة لعنات الله عليهم، فظنّوا أنه هو الإسلام، وليس هو كذلك.
فالواجب اليوم على أولياء آل محمد (صلوات الله عليهم) أن يهبّوا هبّة رجل واحد لتنزيه الإسلام عما ألصقه به البكريون العمريّون، ولتنزيه سيد الكائنات (صلى الله عليه وآله وسلم) عما افتُري عليه من أكاذيب، وتبيان أن الإسلام الحق هو إسلام أهل البيت الطاهرين (عليهم الصلاة والسلام) لا إسلام الخلفاء والسلاطين.
وإني أرى أن استغراق الموالين (حفظهم الله تعالى) في مجادلة البكريين وحرق طاقاتهم في هذا الميدان كليا؛ هو أمر خارج عن الأولوية والأنفعية. ولست أقول بعدم مجادلتهم ومناظرتهم، بل أدعو لأن تتوزع الطاقات ولا تنحصر في هذا الميدان، فيهتمّ جمع بالنصارى، وجمع باليهود، وجمع بمن سواهم من أهل الأديان والنِّحل، مع تركيز أكثر على هاتين الرقعتين الجغرافيّتين، الغرب الأميركي والأوروبي، واليابان، لأنهما عمودا النظام العالمي اليوم، سياسة واقتصادا.
ولست أشك في أن التصدي لشبهات النصارى اليوم أكثر وجوبا من التصدي لشبهات أهل الخلاف، لسببين؛ أولهما أن شبهات النصارى إنما نشأت من اعتمادهم على مصادر أهل الخلاف وبنيانهم الديني، فيكون التنزيه عائدا بالضرورة إلى مناقشة الفوارق العلمية في ما بيننا وبينهم، فنكون كمن اصطاد طائريْن بسهم واحد. وثانيهما أن النصارى الغربيين على وجه الخصوص وكما لمسنا أكثر وعيا وثقافة وتحضرا، ولذا فإن استجابتهم لدين الحق أكثر من غيرهم، لاعتمادهم على العقل أكثر من اعتمادهم على الهوى والعاطفة، وليس التعصب عندهم بكثير. وإذا استطعنا أن نجعل هؤلاء مسلمين حقيقيين، على أساس الولاية لآل محمد والبراءة من أعدائهم، نكون قد ربحنا العالم كله، لأن العالم اليوم إجمالا خاضع لهؤلاء بسبب تقدّمهم الحضاري المادي.
وهذا ما نحن بصدده إن شاء الله تعالى، فنحن ماضون بحول الله وقوته في اتجاه تأسيس أدوات إعلامية تلفزية فضائية وإذاعية ونشرية مؤثرة ناطقة بمختلف اللغات ومن بينها اللغات الأجنبية، لتكون وسائل الهداية إن شاء الله لجميع البشر. وليس انتظار كوادرنا إلا لمن يسهم في إكمال المتطلبات المالية، وهو ما نأمله من إخواننا المؤمنين عاجلا إن شاء الله تعالى.
وبالنسبة إلى شخصكم الكريم، نقترح عليكم أن تبدأوا من اللحظة في دراسة الدين النصراني دراسة معمّقة، وأن تطالعوا كتبهم والكتب الإسلامية الإمامية التي أُلّفت في الرد عليهم، ليتحقق عندكم الاستعداد العقائدي الكامل والجاهزية الثقافية الكاملة للرد والتبليغ، ولا أقلّ من أن تتكفّلوا بأنفسكم وبمساهمة جمع من المؤمنين في تأسيس عدد من مواقع الإنترنت والغرف الحوارية المتخصصة في هذا الشأن، فلا ينبغي لأتباع آل محمد (صلوات الله عليهم) أن يسبقهم أتباع أعدائهم في هذا الميدان، وأن يتركوا الساحة فضاء لهؤلاء الذين لا يكون تصدّيهم للنصارى إلا موجبا لزيادة تنفيرهم بسبب الدين المنحرف الذي يقدّمونه لهم على أنه الإسلام، ولا يخفى أن ما في ذلك الدين الباطل من معالم تخالف الفطرة الإنسانية تمنع من ولوج الإنسان فيه.
قبل يومين ليس إلا؛ التقيت بأحد كبار أكاديميي الغرب، وهو بروفسور أميركي، أشهر إسلامه وتشيّعه، وألّف كتابا عن رحلته هذه قدّم فيه دراسة علمية متخصصة تثبت أن اسم (علي) صلوات الله عليه وارد في الإنجيل باللفظ نفسه ثلاث مرات، حسب النسخ الأصلية القديمة، لا بلفظ (إيليا) كما هو سائد في معظم الدراسات التي اطلعنا عليها آنفا والتي ينكرها النصارى بادّعاء أن (إيليا) هو نبي من أنبيائهم معروف، عاش مرحلة وقد توفي.
وكم كان أسفي شديدا حين لقائي بهذا البروفسور العزيز، إذ رأيته وحيدا، لا أحد منّا يدعمه بالشكل المطلوب ولو حتى يطبع كتابه القيّم والرائع هذا! فقد حاول التعاون مع إحدى المؤسسات المرتبطة بالنظام الإيراني ولم يستطع إكمال الطريق معهم لأنه على الظاهر وجدهم بعيدين عن همومه وتطلعاته العقائدية ويريدونه خادما سياسيا لهم ليس إلا، وأن يعمل تحت إمرتهم لا أن يساعدونه في تحقيق طموحاته في هداية قومه بعمل عقيدي منتظم. وبسبب ذلك فقد انزوى هذا البروفسور المبدع وأُحبط من المؤسسات الشيعية!
والمفترض فينا أن نحتوي مثل هذا الرجل، وأن نحوطه بالرعاية، وأن نقدّم له شتى أنواع الدعم والإمكانات، حتى يطبع مؤلفاته، وتُترجم، وتوزع في كل مكان في الغرب وغيره، بل أن نؤسس له مكتبا خاصا ونضع له كادرا خاصا يساعده على عملية التبليغ والدعوة، بل أن نجعله وأمثاله على رأس قناة فضائية ناطقة باللغة الإنجليزية حتى يهدم الضلال النصراني ويرفع راية الإسلام العظيم.
لكن ضعف إمكاناتنا - سيما بعد المحنة التي تعرضنا لها - يحول دون هذا المراد، والله يشهد كم يتألم قلبي وأنا أرى هؤلاء هنا من المهتدين للإسلام والتشيّع وأنا لا أستطيع أن أقدّم لهم دعما بالمستوى المطلوب، مع أنهم يعبّرون لنا دائما عن لهفتهم للعمل في سبيل الله، واستعدادهم لبذل أرواحهم في هذا السبيل.
ألا ليت من يعاوننا ويمدّ لنا يد العطاء لنرفد هؤلاء، فإن إمداد هؤلاء بالإمكانات المادية لينطلقوا انطلاقتهم هو أعظم ردّ على أمثال هؤلاء النصارى الذين يتقصّدون الإساءة إلى مقام نبينا الأعظم (صلى الله عليه وآله) وإلى الإسلام العظيم.
وإني أوجه ندائي لكم ولجميع إخواننا وأهلنا في الكويت بالذات، فأقول أن عليكم أن تنهضوا وتصرفوا ما أنعم الله به عليكم من القدرة المالية في مثل هذه السبيل، فتربحون الدنيا والآخرة إن شاء الله، وتؤدّون جزءا ضئيلا مما عليكم من حق رسول الله وأهل بيته الأطهار (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين).
نسأله سبحانه أن يعزّ الإسلام وأهله، ويذلّ الكفر والنفاق وأهله. كما نسأله أن يوفقكم لمراضيه ويجّنبكم كل سوء. والسلام.
الخامس عشر من شهر رجب لسنة 1426 من الهجرة النبوية الشريفة.