السلام على الشيخ الحبيب وجميع الاخوة في هيئة خدام المهدي ورحمة الله وبركاتة ....
سؤالي
الشيخ الحبيب رد في احدى جلساته على رواية البخاري الذي جاء فيها ان عمار قال في عائشة انها زوجة نبيكم في الدنيا والاخرة حيث بين من كتب البكرية ان هذه المقطع اضافه الراوي او البخاري لاأذكر جيدا وقد بحثت كثيرا عن هذه المحاضرة فلم اجدها اتمنى ارسال رابط المحاضره وشكرا ....
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن عمار بن ياسر قد تعلّم ذلك من مولاه أمير المؤمنين وأسد الله الغالب علي بن أبي طالب (صلوات الله وسلامه عليهما) -كما يُستظهر ذلك- الذي جاهر بالحق وذكر فضائح ومخازي عائشة لإخماد باطلها في مجلس ممتلئ بأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفيهم من أهل بدر نحو سبعين رجلا في الرواية التي ينقلها سليم بن قيس في كتابه، حيث قال عمار بن ياسر رضوان الله عليه للإمام علي عليه السلام: «يا أمير المؤمنين كُفَّ عنها فإنها أمك! فترك ذكرها وأخذ في شيء آخر، ثم عاد إلى ذكرها فقال أشدَّ مما قال أولاً! فقال عمار: يا أمير المؤمنين كُفَّ عنها فإنها أمك! فأعرض عن ذكرها ثم عاد الثالثة فقال أشدَّ مما قال! فقال عمار: يا أمير المؤمنين كُفَّ عنها فإنها أمك! فقال عليه السلام: كلا! إني مع الله على من خالفه! وإن أمكم ابتلاكم الله بها ليعلم أَ مَعَهُ تكونون أم معها»؟!
ولا يخفى أن عمارا (عليه الرحمة) لم يكن معترضا على إمامه وإنما أراد أن يحاكي قول القوم حتى يكون ذلك بمثابة المقتضي لردّ أمير المؤمنين (عليه السلام) واستمراره في كلامه، وحالهما كحال موسى وهارون (عليهما السلام) فإن كثيرا من المواقف يتطلب إيصال المعلومة فيها تصوير الأمر أمام الناس وكأنه اعتراض أو نقض أو رد.
ولذلك حينما ذهب عمار إلى أهل البصرة وخطب فيهم قال لهم ذلك كما جاء في كتاب الجمل للشيخ المفيد عليه الرحمة. فعن عمار بن ياسر رضوان الله تعالى عليه قال "أيها الناس هذا ابن عم رسول نبيكم قد بعثني إليكم استنصركم إلا أن طلحة والزبير قد سارا نحو البصرة وأخرجا عائشة معهما للفتنة ألا وإن الله قد ابتلاكم بحق أمكم وحق أبيكم وحق ربكم أولى وأعظم عليكم من حق أمكم وأبيكم ولكن الله قد ابتلاكم لينظر كيف تعملون فاتقوا الله واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا في سبيل الله وانفروا إلى خليفتكم وصهر نبيكم فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله قد بايعوه بالمدينة وهي دار الهجرة ودار السلام أسأل الله أن يوفقكم".
ولهذا الحديث الشريف نظير يرويه المخالفون عن عمار بن ياسر (رضوان الله تعالى عليه) وفيه يقول عمار كما في رواية البخاري: «إن عائشة سارت إلى البصرة، والله إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة، ولكن الله تبارك وتعالى ابتلاكم ليعلم إياه تطيعون أم هي»؟! وفي لفظ آخر رواه المتقي الهندي: «ولكن الله ابتلانا بها ليعلم إياه نطيع أم إياها»؟!
ونشير إلى أننا لا نسلّم بصدق كل ما ورد في رواية المخالفين عن عمار عليه الرضوان، نعني مقطع: «والله إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة» إذ نرى أن فيه زيادةً هي: «في الدنيا والآخرة»، ذلك لأن الرواية عندنا بلاها، وكذا هي في بعض طرق المخالفين اقتصرت على قوله: «والله إنها لزوجة نبيكم» فقط، كما في رواية الحافظ أبي بكر الإسماعيلي حيث قال ابن حجر في فتح الباري في شرح صحيح البخاري ج13 ص49: «وفي رواية الإسماعيلي من طريق أحمد بن يونس عن أبي بكر بن عياش بعد قوله قد سارت إلى البصرة: ووالله إني لأقول لكم هذا ووالله إنها لزوجة نبيكم».
ومن الواضح أن زيادتهم في رواية عمار إنما جاءت لغرض تلطيف كلامه الموجه ضد عائشة، والإيهام بأن عمارا نصّ على أنها ستدخل الجنة حتماً باعتبارها زوجة للنبي (صلى الله عليه وآله) في الآخرة! مع أنه لو فعل ذلك لكان راداً على حديث النبيّ (صلى الله عليه وآله) المروي في طبقات ابن سعد ج8 ص508 والذي قال فيه لأزواجه: «أيّتكن اتَّقَت الله ولم تأتِ بفاحشة مبيّنة ولزمت ظهر حصيرها فهي زوجتي في الآخرة». فعائشة لم تكن من المتقيات وقد أتت بفواحش ولم تلزم ظهر حصيرها على أقل تقدير إذ خرجت على جملها تحارب خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فكيف تكون بعد هذا زوجته في الآخرة وحديثه الشريف ينفيه؟! وكيف تكون زوجته في الآخرة وهي التي اعترفت بأنها قد أحدثت بعده فأيقنت بأنها لن تجتمع به في الآخرة ولذا أوصت بأن لا تُدفن إلى جواره؟! فقد روى ابن قتيبة في المعارف ص134 وابن عبد ربّه الأندلسي في العقد الفريد ج4 ص331 أنه قيل لها وهي مشرفة على الهلاك: «ندفنك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: إني قد أحدثتُ بعده! فادفنوني مع أخواتي. فدُفنت بالبقيع». (الفاحشة الوجه الآخر لعائشة 256)
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى
29 جمادى الأولى 1440 هجرية