بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عظم الله أجوركم بذكرى استشهاد سيد الكائنات الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله ولعنة الله على قتلته.

بمراجعة الشيخ،

هذا الذي قال ابن حجر أنه حديث صحيح عن أسماء بنت عميس ليس كذلك، فإن الحديث ليس حديثها ولا ينتهي إليها، وإنما هو حديث أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فهو من زعم أن أسماء شاركت في لد النبي صلى الله عليه وآله ولدّ ميمونة رضي الله عنها.

يدلك على ذلك أن الحديث في المصادر الأخرى منقطع عند أبي بكر هذا، والقول قوله فقط، وإليك بعض النماذج:

● الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص236: أخبرنا محمد بن عمر، حدثني محمد بن عبد الله، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، قال: كانت أم سلمة وأسماء بنت عميس هما لدتاه، قال: فالتدت يومئذ ميمونة وهي صائمة لقسم النبي صلى الله عليه وسلم قال:، وكأنه منه عقوبة لهم.

● المعرفة والتاريخ للفسوي ج1 ص510: حدثني عقيل عن ابن شهاب قال: أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتكى أول شكوته الذي توفي فيه وهو في بيت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فاشتد وجعه حتى غمر من شدة الوجع، فاجتمع عنده نساء من أزواجه منهن أم سلمة وعمه العباس وأسماء بنت عميس، فتشاوروا في لد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين غمر فلدوه وهو مغمور، فلما أفاق قال: من فعل هذا بي هذا عمل نساء جئن من هاهنا، وأشار الى أرض الحبشة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يبقى في البيت أحد إلا لد- كالعقوبة لهم- إلا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو بكر: فالتدت ميمونة يومئذ وهي صائمة من أجل قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

● أنساب الأشراف للبلاذري 1108- حدثني محمد بن سعد، عن الواقدي، عن معمر، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن النبي صلى الله عليه وسلم اشتكى شكوه الذي توفي فيه وهو في بيت ميمونة زوجته، حتى غمر من شدة الوجع. فاجتمع عنده عمه العباس، وأم سلمة زوجته، وأم الفضل بنت الحارث بن حزن أم عبد الله بن العباس، وأسماء بنت عميس فاستشاروا في لد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين غمر. فلدوه. فلما أفاق، قال: من فعل هذا بي؟ قالوا: يا رسول الله: إنا خشينا أن يكون بك ذات الجنب، فلددناك. فقال صلى الله عليه وسلم: أنا أكرم عند الله من أن يبتليني بذات الجنب، ما كان الله ليعذبني بها. ثم قال: لا جرم لا يبقى في البيت أحد إلا التد، غير عمي، عقوبة لهم. قال أبو بكر بن عبد الرحمن: فالتدت ميمونة وهي صائمة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد تنبّه لخطأ وصل الحديث بأسماء بنت عميس كبار أئمتهم في الحديث وفي الجرح والتعديل، كأبي حاتم وأبي زرعة. ففي العلل لابن أبي حاتم ج2 ص332: «سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أسماء بنت عميس ... فذكر الحديث، فقالا: هذا خطأ، رواه يونس بن يزيد وشعيب بن أبي حمزة وغيرهما، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أن النبي صلى الله عليه وسلم ... وهذا صحيح».

والمحققون المعاصرون منهم تنبَّهوا لهذا الخطأ أيضا، فتجد في التعليق على الحديث في مسند أحمد ج54 ص461: «هذا إسناد الصواب فيه أنه مرسل».

وعليه فإنه لا حجة في هذا الحديث على اشتراك أسماء بنت عميس في الجريمة، كما لا حجة فيه على أن ميمونة قد لُدَّتْ بالفعل، فإن الحديث الدال على ذلك مرسل عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، ولا يبعد أن يكون قد تلقاه من عائشة، فلقد كان من الرواة عنها، وهي التي اشتهرت بهذا الحديث وزعمت فيه أن ميمونة قد لُدَّت وهي صائمة.

وفقكم الله لمراضيه.

مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى

1 ربيع الأول 1440 هجرية

شارك الإجابة على