سلام علیکم و رحمة الله.
1. ما هو التوحید الأفعالي عند الفلاسفه؟
2. هل احادیث العترة «علیهم السلام» تؤید التوحید الأفعالي ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نبارك لكم ذكرى ميلاد السيدة زينب بنت أمير المؤمنين علي عليهما السلام، وكل عام وأنتم بخير.
ذهب جمع من الفلاسفة إلى أن جميع الموجودات -سوى الباري تعالى- التي منها أفعال البشر من الممكنات، ولا يمكن جعل الممكن وإيجاده إلا لواجب الوجود فلابد من أن يكون أفعال العباد مستندة إلى الله تعالى.
يقول الملا صدرا: (إن فعل زيد مع أنه فعله بالحقيقة دون المجاز فهو فعل الله بالحقيقة) الأسفار الأربعة، ج6 ص 374.
ويقول أيضاً: (إنّ الافعال المنسوبة إلى القوى المؤثرة كالمصورة في تصوير الأعضاء وتشكيلها وكالماء والنار في التسخين والتبريد وكالإنسان في أفاعيله الصادرة عنه وغير ذلك كلها بالحقيقة صادرة عنه تعالى واقعة بتأثيره مع كمال وحدانيته وفردانيته فكل ما هو مقدور ومجعول لفاعل فهو من حيث صدوره عن ذلك الفاعل صادر عن الحق تعالى كما ان وجود كل ممكن من حيث وجوده شأن من شئون الحق ووجه من وجوهه) أسرار الآيات، الملا صدرا، ص51.
فالتزمت الفلاسفة بنظام العلل والمعاليل والتأثير والتأثر القهري بالكلية وادّعوا أنّ فاعليّة كل فاعل تكون بالعليّة التامة لا بالإرادة والمشيئة.
والجواب على ذلك: إنّ وجوب الإرادة والمشيئة للإنسان في بعض الأفعال مشاهد بالوجدان وإنّ صريح الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتواترة بل فوق التواتر وكذا حكم العقل دال على أنّ فاعليّة الربّ المتعال تكون بالقدرة غير المتناهية والمشيئة والإرادة وليست بنحو العليّة والصدور والترشّح والتجلّي والعناية والفيضان، وإن الالتزام بقانون العليّة -كما فسره الفلاسفة- في الباري تعالى يستلزم مفاسد لا يلتزم بها المؤمن.
والصواب والحق الذي جاء به الأنبياء والمرسلون، ونادى به القرآن والسنة هو أن الله تبارك وتعالى جعل لكل شيء سبباً في نظام التكوين والخلقة وفقاً لحكمته البالغة، فهو الذي جعل شيئاً مؤثراً والآخر متأثراً بذلك الأثر وقابلاً له، كما أنّه كلّما أراد سلب الأثر من شيء يسلبه عنه فجميع التأثيرات والتأثرات في العالم تكون بإذنه التكويني .
هذا في الفواعل الطبيعية؛ وأما في الفواعل الإرادية يكون الله تعالى قد هيّئ للإنسان أسباب الفعل وأعطاه ما به يقدر على الفعل والترك من العلم والقدرة والمشيئة وآلات الفعل وغير ذلك بحيث لو سلب منه واحداً منها لا تثبت له القدرة على شيء.
ولمزيد من التفصيل راجع كتاب "سد المفر على القائل بالقدر" للشيخ محمد باقر علم الهدى، ص163.
وفقكم الله لمراضيه
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
5 جمادى الأولى 1439 هجرية