السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعظم الله أجوركم باستشهاد سيد الثقلين أبو الزهراء محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام.
اطلعت على إجابتكم على موضوع وحدة الوجود واقتبس من ردّكم:
"وليس قولنا: ”الله موجود“ إلا إثبات حقيقة مجهولة الكنه خارجة عن حد التعطيل وحد التشبيه. أما أهل الزيغ من الفلاسفة والعرفاء فإنهم لنفيهم غيرية الوجود بين الواجب والممكن فقد شبّهوا ومثّلوا الله تعالى بخلقه في هذه الصفة إذ جعلوا حقيقة وجوده نفس حقيقة وجود خلقه! وهذا باطل عقلاً كما مرّ كما أنه باطل شرعا" انتهى الاقتباس.
س١: هل المقصود أن الوجود مشترك لفظا فقط بيننا وبين الله أم لفظا ومعنىً فقط دون الحقيقة؟
ولو كان الاشتراك فقط لفظي ألا يستلزم ذلك تعطيل العقول عن معرفة الله حيث يكون وجود الله شيئا ليس المراد منه الاثبات في الواقع الخارجي وإنما فقط كلمةٌ تطلق عليه مجهولة المعنى !
س٢: وهل ينطبق ذلك على جميع الصفات، فيصح أن نقول أن الله عالم ونحن عالمون والعلم مشترك في المعنى وهو الكشف ولكن مختلف في الحقيقة؟ أم حتى بقية الصفات لا يعرف المراد من معانيها فضلا عن حقيقتها.
س٣: هل يصح التمثيل بهذا المثال لتبيين اشتراك المعنى واختلاف الحقيقة:
زيت الزيتون والكريم المرطب مثلا يشتركون في صفة الدهنية ولكن حقيقة كل منهما (الجزيئات المكوّنة لهما) مختلفة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عظم الله أجوركم بذكرى الهجوم الإجرامي الغادر على دار الصدِّيقة الكبرى فاطمة الزهراء واستشهاد السبط المحسّن صلوات الله وسلامه عليهما.
ج1: نحن نقول أن نفي العدمية عن الله تعالى متحقق من جهة فاعليته وإيجاده للكائنات. أما وجوده تعالى بما هو وجود فليس مشتركاً معنوياً بل هو مشترك لفظي لأن وجود الله تعالى عين ذاته.
ج2: علم الله تعالى وإحاطته عين ذاته وبما أنك عاجز عن معرفة الحقائق التفصيلية لبعض مخلوقاته تعالى كالجن والملائكة فأنت عن معرفة كيفية وحقيقة علمه وإحاطته أعجز! فعلمه وإحاطته تعالى عين ذاته.
إن كل ما ورد من صفات لذات الله تعالى هي فقط لمعرفة صفاته تعالى بما هي صفات فقط وليس حقيقته وحقيقة ذاته فذاك مستحيل وممتنع عن العقل.
كما أن الله يورد لك صفات الجنة ولكنك مهما اجتهدت في أن تدرك حقيقتها لن تصل! (ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) فهذه الجنة فما بالك بخالقها! فما يُذكر لك في القرآن الكريم من صفات الجنة هي أوصاف تطابق بالاسم فقط أوصاف جنان الدنيا وإلا فهي من حيث المصداق لا تعطيك تصوراً مطابقاً لحقيقة الجنة إطلاقاً.
ج3: وأما مثال الزيت وكذلك مثال النور لا يجوز تطبيقه على الله سبحانه وتعالى، بل حتى على الموجودات الممكنة لا يمكن انطباقه دقياً حيث أنّ بعض الموجودات وإن كانت تشترك معنا في معنى الوجود على نحو التحقّق فإنها سبقتنا في زمان التحقق ولذلك لا وحدة على النحو الدقي بين وجودنا ووجودها. فكيف بالخالق جلت قدرته؟!
إنّ وجود الله تعالى يختلف عن وجودنا، فوجود الله عين ذاته وذات الله فوق أن تُوصف أو تُقاس بالمخلوق، بمعنى أنّه ليس وجود الله شيء وذاته شيء آخر كما نحن البشر.
أنا بوصفي بشراً ووجودي في الكون يعني أني أشغل حيزاً، فذاتي شيء، ووجودي في عالم التحقق شيء آخر متعلق، فوحدة الوجود قول من لم يعرف الله تعالى فكأنما جعل وجود الله شيئاً وذاته شيئاً آخر تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا.
ولمزيد من التفصيل راجع كتاب تنزيه المعبود في الرد على وحدة الوجود للعلامة السيد قاسم علي أحمدي من ص43 إلى ص56.
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
6 ربيع الأول 1438 هجرية