السلام عليكم
شاهدت مقطع في اليوتيوب لشخص مصري يعلق على فيديو للشيخ ياسر الحبيب بعنوان:ياسر الحبيب يعلم ثائر الدراجي
حيث تم سؤال الشيخ عن انه لوكانت الامامة افضل مرتبة من النبوة والرسالة فلماذا لم يذكر القرآن بأن نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم كان إماما؟
طبعا الشيخ رد بأن عدم ذكر الشيئ لايعني نفيه وأتى بآية تدل على ان القرآن ذكر النبي بأنه آخر الانبياء ولم يذكر بأنه آخر الرسل ولكن هذا لا ينفي أن النبي هو خاتم الرسل
وقال الشيخ بأن الشيعة يعتقدون بأن النبي هو إمام الأمة يقينا
ولكن هذا المستشكل المصري أتى بمصدر من كتب الشيعة وهو كتاب المحاسن الجزء الأول ص ١٥٥لمؤلفه احمد البرقي واضع لكم رابط الفيديو
أرجو الرد على محتوى ماطرحه في هذا الفيديو
وشكرا
لمشاهدة الفيديو أضغط هنا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ج: ما أتى به هذا الجاهل لا يدل إلا على مزيد جهله، وكيف لا يكون جاهلاً وهو لا يحسن القراءة بالعربية؟! فيقرأ الآية الكريمة (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ) بضم وتنوين السين في (أناس) بينما هي بالكسر والتنوين! والأفظع من ذلك أنه في المرة الأولى قلب الواو في (ندعو) إلى ياء فحرّف الآية الكريمة بقوله: يوم ندعي كل أناس بإمامهم! كما حرّف الرواية بقلب الواو في (المسلمون) إلى ياء أيضاً! ويقرأ في الرواية كلمة (ألست) بضم التاء بينما هي بفتح التاء! لأن الخطاب هو من المسلمين للنبي صلى الله عليه وآله، ولو ضُمَّت التاء لتغيّر المعنى تماما! وفي المرة الثانية قرأها بكسر التاء أو تسكينها بشكل مضحك! إلى أخطائه الكثيرة التي لا يخطئ فيها حتى أطفال الابتدائية مثل ترديده كلمة الشيخ (عدم الذكر لا يعني..) بضم الياء الأولى في (يعني) بينما هي مفتوحة! وهذه لا يكاد يخطئ فيها أحد من أهل العربية على الإطلاق!
وعليه فيكون من الطبيعي لجاهل من هذا النوع أن لا يفهم الرواية الشريفة، حيث تصوّر أن مفادها أن النبي (صلى الله عليه وآله) ينفي كونه إماما ويثبت أنه رسول فقط، بينما كل من يتقن العربية يدرك أن المنفي في كلامه (صلى الله عليه وآله) هو حصر كونه إماما للناس أجمعين إذ هناك أئمة آخرون بعده لكل أناس، بينما هو (صلى الله عليه وآله) رسول الله إلى الناس أجمعين، فليس هناك رُسلٌ بعده لكل أناس. وقد كان هذا هو مثار تساؤل المسلمين بعدما نزلت الآية الكريمة.
الرواية تقول: «عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما أُنزلت (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ) قال المسلمون: يا رسول الله ألستَ إمام الناس كلهم أجمعين؟» أي: يا رسول الله، إن هذه الآية تدل على أن كل أناس سوف يُدعَوْنَ بإمامهم، وهذا معناه تعدد الأئمة فلكل أناسٍ إمام، فكيف ذلك وأنت إمام الجميع، ألستَ إمام الناس كلهم أجمعين؟ «فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا رسول الله إلى الناس أجمعين» أي أن المقام الذي لا يشاركني فيه أحد هو مقام الرسالة، فإنه لا رسول بعدي وأنا رسول الله إلى الناس أجمعين، ولن يكون هنالك أناسٌ لست أنا رسولهم، أما في مقام الإمامة فالأمر مختلف لأن هناك تعدد في الأئمة بعدي حيث «سيكون بعدي أئمة على الناس من أهل بيتي من الله، يقومون في الناس فيكذِّبونهم ويظلمونهم؛ أئمة الكفر والضلال وأشياعهم، ألا فَمَنْ والاهم واتبعهم وصدَّقهم فهو مني ومعي وسيلقاني، ألا ومَنْ ظلمهم وأعان على ظلمهم وكذَّبهم فليس مني ولا معي وأنا منه بريء» (المحاسن للبرقي ج1 ص155 ونحو في الكافي للكليني ج1 ص168 وبصائر الدرجات للصفار ص53)
وهكذا تعرف أن المقصود بالرواية ليس نفي كون النبي (صلى الله عليه وآله) إماما كما توهّم هذا الجاهل، بل نفي عدم وجود أئمة غيره مضافاً إليه. ولو أن هذا الجاهل رجع إلى بقية الروايات التي فسّرت المراد بقوله تعالى: (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ) لأدرك خطأه ولوجد النص الصريح على كون النبي (صلى الله عليه وآله) من الأئمة، فقد روى القمي رحمه الله بسنده عن أبي جعفر (عليه السلام) قال في قوله تعالى: (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ) قال: «يجيء رسول الله صلى الله عليه وآله في فرقة، وعلي عليه السلام في فرقة، والحسن عليه السلام في فرقة، والحسين عليه السلام في فرقة، وكل مَنْ مات بين ظهراني قومٍ جاءوا معه» (تفسير القمي ج2 ص22 ونحوه في تفسير العياشي ج2 ص114). وروى البرقي رحمه الله بسنده عن يعقوب بن شعيب قال: «قلت لأبي عبد الله عليه السلام: (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ)؟ فقال: يدعو كل قرن من هذه الأمة بإمامهم. قلت: فيجيء رسول الله صلى الله عليه وآله في قرنه؛ وعلي عليه السلام في قرنه؛ والحسن عليه السلام في قرنه؛ والحسين عليه السلام في قرنه؛ وكل إمام في قرنه الذي هلك بين أظهرهم؟ قال: نعم» (المحاسن للبرقي ج1 ص144).
وأما دعوى هذا الجاهل أنه لم يرد في كتب الشيعة كون النبي (صلى الله عليه وآله) إمام فهي دعوى تثير السخرية! فإنه مضافاً إلى أن الاعتقاد بكونه (صلى الله عليه وآله) إمام هو أمر دليله الإجماع والضرورة بما لا يحتاج إلى حديث أو رواية؛ ومضافاً إلى الروايتين السابقتين التي نصّت على إمامته (صلى الله عليه وآله)؛ فإن اعتقاد الشيعة هو أنه (صلى الله عليه وآله) ليس إماماً فقط بل هو إمام الأئمة، وعلى ذلك نصّ الأئمة (عليهم السلام)، فقد روى العياشي رحمه الله عن بشير الدهان عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ) قال: «علي عليه السلام إمامنا، ورسول الله صلى الله عليه وآله إمامنا، كم من إمام يجيء يوم القيامة يلعن أصحابه ويلعنونه، ونحن ذرية محمد صلى الله عليه وآله وأمنا فاطمة عليها السلام» (تفسير العياشي ج2 ص120).
وكل أناس في يوم القيامة يفزعون إلى إمامهم الذي يتولّونه، فنحن نفزع إلى أئمتنا (عليهم الصلاة والسلام)، وأئمتنا بدورهم يفزعون إلى إمامهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد روى ابن شهراشوب رحمه الله عن الصادق (عليه السلام) قال: «ألا تحمدون الله؟ إذا كان يوم القيامة يُدعى كل قوم إلى من يتولَّوْنَه، وفزعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، وفزعتم أنتم إلينا. فإلى أين ترون أن نذهب بكم؟ إلى الجنة ورب الكعبة! قالها ثلاثا» (مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ج2 ص264).
شكرا لحسن التواصل.
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
26 ذو الحجة 1437 هجرية