هل جميع اهل بيت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مبرؤون من الخطأ اذا لماذا اخطا الحسين رضي الله عنه في التوجه الى الكوفه؟
أنس الشمراني
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى استشهاد السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام).
ج1: المعصوم هو النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وفاطمة الزهراء (عليها السلام) والأئمة الطاهرين (عليهم السلام). وتوجّه الحسين (عليه السلام) إلى كربلاء كان استجابة لقضاء الله تعالى فما كان توجهه خطأً حيث جاءت أحاديث متكثرة عند الفريقين تبين أن الحسين (عليه السلام) يُقتل في كربلاء وأمروا من يدرك ذلك فلينصره؛ فلا يكون ذلك انتحارا بل أمرا بالنصرة. فإليك ما جاء في مصدر وحاد فقط.
أخرج ابن كثير في كتابه (البداية والنهاية - الجزء 11 - الصفحة 570): ”قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد بن حسان، ثنا عمارة، يعني ابن زاذان، عن ثابت، عن أنس قال: ”استأذن ملك القطر أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فأذن له، فقال لأم سلمة: احفظي علينا الباب لا يدخل أحد. فجاء الحسين بن علي فوثب حتى دخل، فجعل يصعد على منكب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له الملك: أتحبه؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم. قال: فإن أمتك تقتله، وإن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه. قال: فضرب بيده، فأراه ترابا أحمر، فأخذت أم سلمة ذلك التراب، فصرته في طرف ثوبها. قال: فكنا نسمع: يقتل بكربلاء.
وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، حدثني عبد الله بن سعيد، عن أبيه، عن عائشة أو أم سلمة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لإحداهما: ”لقد دخل علي البيت ملك لم يدخل علي قبلها، فقال لي: إن ابنك هذا حسين مقتول، وإن شئت أريتك الأرض التي يقتل بها. قال: فأخرج تربة حمراء“. وقد روي هذا الحديث من غير وجه، عن أم سلمة. ورواه الطبراني، عن أبي أمامة، وفيه قصة أم سلمة. ورواه محمد بن سعد، عن عائشة بنحو رواية أم سلمة. فالله أعلم. وروي ذلك من حديث زينب بنت جحش ولبابة أم الفضل امرأة العباس. وأرسله غير واحد من التابعين.
وقال أبو القاسم البغوي: حدثنا محمد بن هارون أبو بكر، ثنا إبراهيم بن محمد الرقي وعلي بن الحسين الرازي قالا: ثنا سعيد بن عبد الملك بن واقد الحراني، ثنا عطاء بن مسلم، ثنا أشعث بن سحيم، عن أبيه قال: سمعت أنس بن الحارث يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”إن ابني هذا - يعني الحسين - يقتل بأرض يقال لها: كربلاء. فمن شهد منكم ذلك فلينصره“. قال: فخرج أنس بن الحارث إلى كربلاء فقتل مع الحسين. ثم قال: ولا أعلم روى غيره.
وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن عبيد، ثنا شرحبيل بن مدرك، عن عبد الله بن نجي، عن أبيه، أنه سار مع علي - وكان صاحب مطهرته - فلما حاذى نينوى وهو منطلق إلى صفين فنادى علي: ”اصبر أبا عبد الله، اصبر أبا عبد الله بشط الفرات. قلت: وماذا؟ قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وعيناه تفيضان، فقلت: يا نبي الله، أغضبك أحد؟ وما شأن عينيك تفيضان؟ قال: بل قام من عندي جبريل قبل، فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات. قال: فقال: هل لك أن أشمك من تربته؟ قلت: نعم. فمد يده، فقبض قبضة من تراب فأعطانيها، فلم أملك عيني أن فاضتا“. تفرد به أحمد. وروى محمد بن سعد، عن علي بن محمد، عن يحيى بن زكريا، عن رجل، عن عامر الشعبي، عن علي مثله.
وقد روى محمد بن سعد وغيره من غير وجه، عن علي بن أبي طالب، أنه مر بكربلاء، عند أشجار الحنظل، وهو ذاهب إلى صفين، فسأل عن اسمها فقيل: ”كربلاء. فقال: كرب وبلاء. فنزل وصلى عند شجرة هناك، ثم قال: يقتل هاهنا شهداء هم خير الشهداء غير الصحابة، يدخلون الجنة بغير حساب. وأشار إلى مكان هناك، فعلموه بشيء، فقتل فيه الحسين، رضي الله عنه“.
فلاحظ أن خروج الحسين (عليه السلام) لم يكن خطأ ولا معصية - وحاشاه - إنما كان استجابة لقضاء الله تعالى، وهو مما لا ينافي العصمة.
شكرا لحسن التواصل.
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
ليلة 14 ربيع الآخرة 1436 هجرية