بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم وبعد
يحتجوا علينا المخالفين بجواز المسح على الخفين باحاديث منها عن الامام علي ع في صحيح مسلم
فما هي الادلة عن حرمته من مصادرنا ومصادرهم
جازاكم الله خيرا
باسمه تعالت قدرته. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
هذا الحديث المنسوب إلى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) مكذوب عليه لأنه رواية شاذة تعارض الروايات المتواترة التي صحّت عنه وعن أبنائه من أئمة أهل البيت (صلوات الله عليهم) في تحريم المسح على الخفين، ومن تلكم الروايات:
• قول أمير المؤمنين عليه السلام: ”إنا أهل بيت لا نمسح على الخفين، فمن كان من شيعتنا فليقتدِ بنا وليستنّ بستنا فإنها سنة رسول الله صلى الله عليه وآله“. (الوسائل ج1 ص460).
• قول أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته: ”قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول الله صلى الله عليه وآله متعمّدين لخلافه – منها – المسح على الخفيّن“. (الكافي ج8 ص61).
• تصدّي أمير المؤمنين عليه السلام لعمر بن الخطاب: ”عن أبي بكر بن حزم قال: توضأ رجل فمسح على خفيه فدخل المسجد فصلى، فجاء علي فوطأ على رقبته فقال: ويلك! تصلي على غير وضوء! فقال الرجل: أمرني عمر بن الخطاب! فأخذه بيده فانتهى به إليه فقال علي عليه السلام: انظر ما يروي هذا عليك - ورفع صوته - فقال عمر: نعم، أنا أمرته! إن رسول الله مسح! فقال علي: قبل المائدة أو بعدها؟ قال عمر: لا أدري! قال علي عليه السلام: فلمَ تفتي وأنت لا تدري؟! سبق الكتاب الخفين“. (تفسير العياشي ج2 ص46).
• جواب أمير المؤمنين عليه السلام لرجل سأله عن المسح على الخفين: ”يا هذا.. إن الله تبارك وتعالى أمر عباده بالطهارة وقسّمها على الجوارح، فجعل للوجه منه نصيبا، وجعل لليدين منه نصيبا، وجعل للرأس منه نصيبا، وجعل للرجلين منه نصيبا، فإن كنت خفّاك من هذه الأجزاء فامسح عليهما“! (تفسير العياشي ج1 ص59).
• اشتهار قول أمير المؤمنين عليه السلام في تحريم المسح على الخفين: ”سبق الكتاب المسح على الخفين“. (الوسائل ج1 ص462، البحر الزخار ج1 ص70، مصنف ابن أبي شيبة ج1 ص213، مسند زيد ص75، سنن البيهقي ج1 ص272 وقد ضعّفه لكن المهم عندنا إشارته إلى صدور الخبر، ميزان الاعتدال للذهبي ج4 ص214، لسان الميزان لابن حجر ج6 ص125، وغيرها كثير).
والمقصود بسبق الكتاب ما نزل في سورة المائدة من قوله تعالى: ”وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ“ (المائدة:7) فإنها ظاهرة في أن المسح لا يجوز إلا على الأرجل حقيقة، وليس الخف من الأرجل، ولا يمكن صرف المعنى الحقيقي إلى المجازي حتى يُقال أن الخف من الأرجل هنا لعدم وجود القرينة الصارفة. ثم إن سورة المائدة التي وردت فيها هذه الآية هي آخر ما نزل من القرآن بالاتفاق إلا سورة براءة، فعلى فرض أن المسح على الخفين كان جائزا قبل نزولها فإنه بعد نزولها يكون محرّما قطعا. ولا يمكن طرح صريح الكتاب لورود رواية شاذة، فإن الكتاب هو الحاكم على الروايات لا العكس.
• رواية زيد بن علي بن الحسين عن جدّه صلوات الله عليهما قال: ”إنّا ولد فاطمة لا نمسح على الخفين ولا العمامة ولا كمه ولا خمار ولا جهاز“. (مسند زيد ص74).
• سؤال ابن مصقلة للإمام الباقر عليه السلام: ”ما تقول في المسح على الخفين؟ فقال عليه السلام: كان عمر يراه ثلاثا للمسافر، ويوما وليلة للمقيم، وكان أبي - زين العابدين عليه السلام - لا يراه في سفر ولا حضر. قال ابن مصقلة: فلما خرجت من عنده وقفت على عتبة الباب، فقال لي: أقبل. فأقلبت عليه: فقال: إن القوم كانوا يقولون برأيهم فيخطئون ويصيبون، وكان أبي لا يقول برأيه“ تأكيدا منه (عليه السلام) على أن حكمهم هو حكم الله تعالى. (الوسائل ج1 ص460).
إلى غيرها من الروايات المستفيضة عن أئمة أهل البيت (صلوات الله عليهم) في هذا المقام، فبدلالة القرآن وبدلالتها نعرف أن الخبر المنسوب إلى الأمير (صلوات الله عليه) إنما هو مكذوب عليه ومختلق، وأن المسح على الخفين بدعة من بدع عمر بن الخطاب عليه اللعنة، وقد أراد القوم تصحيحها بنسبة مثلها إلى أمير المؤمنين عليه السلام! ولكن هيهات! أنّى يُصار إلى هذا وللشريعة حماتها.
• على أن ابن عباس أيضا كان ممن يرى تحريم المسح على الخفين والجوربين، إذ كان يقول: ”لأن تقطّع قدماي أحب إليّ من أن أمسح على الخفيّن“. (التفسير الكبير للرازي ج11 ص163) وكذا نسبوا إليه قوله: ”والله ما مسح رسول الله على الخفين بعد نزول المائدة، ولأن أمسح على ظهر عير في الفلاة أحب إليّ من أن أمسح على الخفين“ وفي رواية قال: ”لأن أمسح على جلد حمار أحبّ إليّ من أن أمسح على الخفين“. (بدائع الصنائع لأبي بكر الكاشاني ج1 ص7).
• ونُسب إلى عائشة أيضا أنها كانت تقول: ”لأن أقطع رجلي أحبّ إلي من المسح على الخفين“. (البحر الزخار ج1 ص71).
• هذا وقد نقل الشريف المرتضى في الناصريات عن صاحب المدوّنة ابن القسم المالكي ”أن الذي استقرّ عليه مذهب مالك أنه لا يجوز المسح على الخفين“. (الناصريات ص129).
زادكم الله توفيقا لما يحب ويرضى. والسلام.
21 من ربيع الآخر لسنة 1428 من الهجرة النبوية الشريفة.