أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان اللعين الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم.
صلوات الله وسلامه على خاتم الرسل والنبيين أبي القاسم وفاطمةَ وإبراهيم محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين، ولعائن الله الدائمة على أعدائهم أجمعين.
السلام على العلامة المحقق الحبيب ومن سانده وأيده عارفا بما يدعو إليه ورحمته تعالى وبركاته، وبعد...
إنني ممن يقلدُ آيةَ اللهِ السيدَ علي السيستانيِّ دامَ فضلهُ.. شابُّ كويتيٌّ ما بلغتُ السابعةَ عشرةَ من عمري بعدُ، وليَ نقطةٌ جزئيةُ أحببتُ أن أذكرها قبلَ شروعي بعونِ المولى جلَّ جلالهُ بجانبٍ لطالما تطرّقَتْ حواراتُ شبابِ الرافضةِ العظامِ إليهِ وخصوصاً في الخليجِ وأنتم بذلكَ لا شكَّ عالمونَ وإن كنتُ إياهُ ذاكراً وذاكَ على سبيلِ التأكيدِ مزيحاً بإذنهِ تعالى بعضَ الذي حلَّ بكم من عناءِ التحقيقِ وغربةِ القرارِ..
جيلُ الرافضةِ الكويتيينَ الأخيرُ سيكونُ إن شاءَ الله سبباً لفخر كم سيدي الجليلُ بل وأكثرَ من ذالكَ... سندهشكم!!
في ثانويتي علماءٌ وشعراءٌ ما بلغوا منَ العمرِ عقدينِ اثنينِ..!! نجتمعُ بهم في المسجدِ كلَّ يومٍ دراسيٍّ للجدالِ العلميِّ دينيِّ الأفكارِ رافضيِّ الأطرافِ، وأحياناً نناظرُ المخالفينَ من أصحابنا ممن يجدُ في ذاتهِ الجرأةَ والشجاعةَ على الاستماع حصراً إذ أنَّ الإفحامَ والإسكاتَ نتاجٌ لمدى علمنا بالدينِ واللغةِ والتاريخِ وغيرِ ذلكَ في مثلِ هذا العمرِ المبكرِ! حتى أنني وثلاثةُ شبانٍ قررنا يوماً مناظرةَ مدرسي ما يسمى بالتربيةِ الإسلاميةِ هناك، أي أننا أقدمنا على اقتحامِ بيتِ النملِ لقتلهِ، نعم إلى هذهِ الدرجةِ!!! فستفخرونَ بنا إن شاءَ اللهُ شيخنا العزيزُ، ولكن قطعاً لا ينبغي العجبُ من ذلكَ إذ أنَّ هذا الجيلَ جيلٌ مراقبٌ سماوياً يهيئهُ صاحبُ العصرِ عجل الله تعالى فرجهُ وَلولا أنّي وجدتُ فيهِ مصاديقَ إدعائي هذا ما سردتهُ وكأنني أُوَقِّتُ وباللهِ العياذُ.. دع في البالِ أني وكثيرٌ من أفرادِ هذا الجيلِ لم ندرس في حوزةٍ قط.
ولكن ما زالَ لمحليَ محيطٌ كارهٌ لكم إذْ أنّهُ حتى في بيتيَ من يعارضُ سماحتكم ولا يحبكم وإني غالباً ما أردُّ على أمثالهم بكلمةِ: \"كيفك\" وأحياناً أقول: \"إنت الخسران\" أو: \"بلعنه! الشيخ مو ناطركم تحبونه!!\" وإني كنتُ معارضا تماما لكم ولأسلوبكم (وإن لم أكن بتريا قطُّ لتربيةِ أبيَ الرافضيِّ) حتى أني قلتُ أو كدتُ أقولُ شيئاً من هذا القبيلِ: \"ياسر الحبيب مو شيعي، مالك شغل فيه\" أو أن أسكتَ عن المخالفِ الذي يسبكم بألفاظِ بني الشوارعِ براعمِ سُنّةِ المستنجي بالحائطِ، وأقلهُ تجريدكم من العلمِ حتى قلتُ في نفسيَ أنهُ ينبغي عليَّ أن أستمعَ لمحاضراتِ الشيخِ بقدرِ ما أسمعُ يومياً مما يروَّجُ عنهُ، حتى اهتديتُ ..ولمن تعبدونَ الحمدُ.. ولمن أسستم هيئةً لخدمتهِ الفضلُ.
(تعمدت -تأكيدا على بشارتي- أن أضبط الكلِمَ أعلاه عسى أن يكون فيه الدليل على عبقرية جيل شباب الرافضة الحالي ويشهد الله أني أكتب النص هذا من أوله إلى آخره على فراشي بلا أدنى مساعدة من غيري وعذرا على الإطالة).
بسمه جل وعظم..
يكثر في مجالس أبنائكم الحديث حول عمر ومن أشبه، ولكن حين يميل بنا الحديث إلى أمثال الخامنئي، ومكارم، والفومني، والحيدري، والصدر، والخميني، والـ(ـفيلسوف) وأمثالهم تسكت الأكثرية وتبقى الأقلية متمثلة بمقلدي السيد صادق الحسيني الشيرازي وبعض مقلدي السيد علي الحسيني السيستاني دامت ظلالهما متحدثة وبصوت أعلى(باعتبار أن فضح بن الخطاب أشد خطرا في مسجد المخالفين في المدرسة)، وأنا ممن يفضل الإنصات حينئذ..
إني أرى تمثل الأعلمية بعد مرجعي الحالي في الشيخ محمد إسحاق الفياض دام ظله، وقد صرح بخطر العرفان وقال بأن قارئ كتاب ابن عربي زنديق ولا إيمان له على حد تعبير سماحته..(وأن العرفان زبد وكلام فارع على لسان الشيخ محمد حسين الوحيد الخراساني دام ظله الشريف باللغة الفارسية)..........
السؤال الأول: هل يعتبر كل من ذكر مسبقا ممن شاع انحرافهم ممن قرأ ذاك الكتاب ودرسه ودرّسه حتى ينطبق كل من الزندقة والكفر عليهم؟ إذ أنني أثق بحديث المحقق الفياض أكثر منكم مع جليل احترامي.
السؤال الثاني: مظلومية الشعب الإيراني ثابتة تماما عندي(ناهيك عن مظلومية العلماء والفقهاء في إيران أمثال السيد محمد الحسيني الشيرازي رحمة الله عليه في دفنه في غير ما أوصى) ولكن ما دلائل سكوت خامنئي عنها إطلاقا؟ علما بأن إيقافها جملةً محال ،وإن كان قد وضع على عاتقه مسؤولية \'خلافة أمر المسلمين\' كما يزعم.
ولي طلبان من سماحتكم، يلامس أولهما الموضوع..
أولا.. أرجو أن تخبرني بأشد ما قاله السيد صادق الشيرازي دام ظله عن خامنئي في ذمه لأن ثقتي بهذا الرجل -أعني الشيرازي- عمياء وإن لم أر فيه الأعلمية
وثانيا.. هلا وجهت لشباب الإمامية في الكويت خطابا مرئيا توجيهيا قصيرا؟ أو لا أقل أرفقت بعض النصائح الإرشادية لنا عبر الإجابة على نص هذا السؤال.. وشكرا جزيلا يا شيخي العزيز : )
قريبا إن كتب الله لي الحياة آتيكم وأنظمُّ لكم إن تفضلتم علي بالقبول.. فوالله نَحنُّ إليك، وكريمتُك البيضاء تجذب أنظارنا.
اللهم لا تسلب هذه الأنظار النظر إلى وجه وليك القائم المنتظر.
أبلغك عن شباب الكويت الرافضة الأجلاء السلام يا أيها العلامة المجاهد... هذي كلمتان مني عنا إليك خصيصا بهما أختم مقالي.... \"منطقنا حبيبيٌّ\"! ولكن قبل الإنتهاء أدعوكم لقبول هذه الأبيات التي كتبتها لكم..
.Humble poems for the Sheikh, accepting them means a lot to me ^_~ and I\'m happy I\'m sending you my own words
من يدعي انتسابهُ لحيدرٍ ما نابَهُ؟
ذاك الحبيب في عليـ ـِّ تاركٌ أحبابَهُ!
?Forgetting their crimes? Why this much fear
??Is Omar(LA) forgiven?? Isn\'t Fatima(AS) dear
?Do you know what would happen .. If Ali(AS) is now here
Cursing Omar would.. reach everyone\'s ear
كلا المقطعين المتواضعين باللغتين بقلمي.
والسلام عليكم ورحمته وبركاته..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لم يخنك - أيها الأخ النبيل - ظنك، فلقد أدهشتني حقا، وما كنت - وأنا ابن الكويت - أحسب أن فيها من فتية الرافضة الأبرار مثل من تصف بهذا النبوغ المبكر، فلله درك، فلقد أبهجتني وأنعشت آمالي.
أسأل الله سبحانه لك ولمن معك الثبات على هذا النهج بحق المصطفى وآله عليهم الصلاة والسلام، لتقرّ بكم الأعين، ولتُسرّ بكم القلوب، ولترتفع بكم الهامات.
كان - ولا يزال - من أكثر ما يوجع قلبي؛ الفكر الانهزامي التضاؤلي السائد بيننا، ونزعتنا الاستسلامية للواقع المفروض علينا بسبب ذلك. كنت أفكر بذلك يوم كنت في مثل سنّك، بل بدأ شيء من هذا التفكير قبل ذلك أيضا، يوم لم أبلغ العاشرة بعد!
كنت أقول لنفسي: لمَ نعامَل نحن الشيعة باستحقار؟ ولماذا نستحقر أنفسنا؟! ومتى نعيش كراما كسائر الناس؟! لا نتوارى بأنفسنا عن هويتنا الإسلامية الرافضية، ولا نحبس أنفسنا عن نشر شيء من عقائدنا أو أفكارنا بحرية وطلاقة، ولا نتردد في أخذ موقعنا الحقيقي في ريادة هذه الأمة.
كانت تلك هواجسي باستمرار، ولذا كنت منذ الصغر متمردا على الواقع، الذي رأيته كئيباً، مريضاً، مذلاً.
في الصف الثالث الابتدائي، في مدرسة سُمِّيَت باسم «الإمام الشافعي» في منطقة صباح السالم، كنّا نُجبَر ضمن حصص التربية الدينية - كما هو المعتاد - على أن نتعلم وضوءهم وصلاتهم، وحين يحين وقت الصلاة؛ يجتمع طلبة المدرسة كلها - كالمعتاد أيضا - لصلاة الجماعة بإمامة مدرس وهابي طويل اللحية كريه الرائحة!
كان ذلك يغيظني، فصمّمت على التمرد والقيام بثورة داخل المدرسة! حاولت إقناع الطلبة الشيعة بأن ننعزل حين الصلاة ولا نصلي معهم، ولم أستطع - بعد الجهد - إقناع إلا طالب واحد! اتفقنا نحن الإثنين على أن نُحضر من بيوتنا سجادتين وتربتين ونصلي جماعة يوم غد، وهكذا كان، فلقد انعزلنا عنهم وفرشنا السجادتين ووضعنا التربتين عليهما وصرت أنا الإمام وذلك المسكين صار مأموما، فما هو إلا أن كبّرتُ تكبيرة الإحرام وبدأت بالفاتحة؛ حتى ماج الطلبة والأساتذة، فجاءنا مدرس وهابي آخر وصاح في وجوهنا وقطع صلاتنا واستولى على التربتين، ووُبّخنا من إدارة المدرسة وعوقبنا على رؤوس الأشهاد - مع أن الناظر كان شيعيا! - ثم استُدعي أولياء أمورنا لنتلقى توبيخا آخر، فالجميع اعتبر ما فعلناه «جريمة»! كنت أقول: لماذا؟ لأننا صلّينا طبقاً لما جاءنا عن أئمتنا من أهل البيت عليهم السلام؟ لا نريد السجود على غير التربة! لا نريد الصلاة مكفّرين! لا نريد الصلاة بلا قنوت! لا نريد الائتمام بكم! نحن شيعة! نحن أحرار!
لكن هذا المنطق كان مرفوضاً عندهم، إنهم لا يرونه «حرية» بل يرونه «طائفية»! يرونه «تمزيقا لشمل المدرسة»! وثمن أن تبقى محافظا على هذا «الشمل» وهذه «الوحدة الوطنية المباركة» هو أن تُجبر على أن تصلي صلاة باطلة رغما عن أنفك!
لم يقف معي أحد حينها، لا الناظر الشيعي، ولا المدرسون الشيعة، ولا حتى الأهل، الجميع كان يوبخني بشدة، وقد ضُربت أيضاً بسبب ذلك. ولست ألوم أحدا الآن، فإني قد استوعبت لاحقاً أن المشكلة هي في الفكر الانهزامي التضاؤلي السائد الذي يجعل هؤلاء بدلاً من أن ينصروني لأني طالبت بحقي الديني؛ يوبخوني ثم يهمسون في أذني: «صلّ معهم وعندما تعود إلى البيت أعد صلاتك.. ليش تسوي مشاكل؟! يعني إلا تبيّن نفسك شيعي وغير عنهم! سوي نفسك سني»!
لا يُلام هؤلاء، هكذا لُقِّنوا، وعلى هذا شبّوا وشاخوا.
أتراني بعدئذ كففت! كلا! كنت أذهب إلى حسينية سيد عمران، أشتري منهم أشرطة كاسيت للمجالس الحسينية وكتيبات، وأوزعها على بعض الطلبة، بل حتى على بعض الأساتذة، إلى أن تنامت الشكوى مني، لأتلقى أيضا فصلا جديدا من فصول التوبيخ والعقاب!
كنت متفوقا في دراستي، عادة ما أكون الأول على مستوى المدرسة إن لم يكن على المنطقة التعليمية، ومع ذا كان بعض الأساتذة المخالفين يكرهوني لهذه السمة فيَّ، أني حريص على هويتي الشيعية، أجاهر بها، أعترض بها على ما يعلموننا إياه ويربّوننا عليه، فيعتبرون ذلك وقاحة مني، فيضيّقون عليّ، ويضربوني لأتفه الأسباب، ويحرموني من الأنشطة المدرسية، ناهيك عن الإهانات المتوالية والازدراءات التي طالت عقيدتنا غير مرة، والاستفزازات التي كان يمالئهم عليها الطلبة، حتى إذا وقعت أي مشاجرة أو تشابك بالأيدي بيني وبين هؤلاء؛ كان الحق دائما معهم.
ولأن بيان ذلك يطول؛ لست أريد أن أسرد لك مصادماتي مع أساتذة التربية الدينية في كل المراحل، ففي الابتدائية مصادمات، وفي المتوسطة كذلك، وفي الثانوية كذلك، حتى إذا دخلت الجامعة تصادمت مع أستاذ التاريخ حين قرّر أن لا دليل على أن عليا - عليه السلام - هو الأحق بالخلافة، وأن الحق قد يكون مع معاوية! فرددت عليه بقوة أثناء المحاضرة حتى غصّ بريقه، وكتبت بعدها منشورات ضده وقعتها باسمي صراحة، وملأتها أدلة على فساد قوله، ونشرت تلك المنشورات بين الطلبة، فاشتكى عليَّ، وكان الجزاء فصلي من الجامعة!
وفي هذه الأخيرة أيضاً؛ كان اللوم يقع عليّ حتى من الطلبة الشيعة الذين لم ينبس أحدهم ببنت شفة دفاعاً عن مولاه أمير المؤمنين - عليه السلام - وتركوني في ذلك الموقف وحيدا بل وملوماً لأنني أثرت الفتنة! وكذا جاءني اللوم من شخصيات شيعية أخرى.
إن «الحكمة والعقلانية» عندهم أن تسكت عن الدفاع عن أئمتك - عليهم السلام - وتتقبل الهوان والذل والحرمان حتى من حقك في إبداء الرأي الآخر في درس للتاريخ! عليك «تجنبا للفتنة» أن تسمع تمجيدا حتى بمثل ابن آكلة الأكباد وأن تتقبل ذلك وتبتسم!
في البرلمان الطلابي الذي انعقد ذات مرة في قاعة المجلس البلدي، تحدثت مهاجما مناهج كلية الشريعة في علم الحديث التي تنال من الرافضة وتصنفهم على أنهم مبتدعة كفار لطعنهم في «الصحابة».. فانقلبت الدنيا حين طرحت ذلك وقام الدكتور الذي كان يرأس الجلسة بفضّها لأتلقى بعدئذ الملامات من الشيعة أنفسهم!
أخذت صوراً من هذه المناهج وسلّمتها لبعض نواب الشيعة في مجلس الأمة أملاً في إثارة هذا الموضوع آنذاك، فلم أجد أذنا تصغى ولا غيرة تستعر، بل وجدت اللامبالاة مع شيء من الملامة أيضاً لأن «الموضوع تافه ليس من الأولويات»!
هكذا كنت يا أخي أجد نفسي وحيداً فريداً في عالم شيعي ضعيف، جبان، منهزم، منسلخ عن روحه الإبائية، منقطع عن أصوله الرافضية، يتملّق الغير إلى حدود مقرفة، تسمع منه كلمات من قبيل: «سيدنا عمر رضي الله عنه.. السيدة عائشة رضي الله عنها» على ألسنة رجال دين وخطباء ووجهاء ونواب وإعلاميين وغيرهم! لا لشيء سوى التملق المقرف، فلا سيف ههنا على رقابهم ولا سوط! بل ولا طُلِب منهم مثل هذا، كيف وهم المبادرون من تلقاء أنفسهم بلا موجب ولا مناسبة! إنما هو التملق الناشئ من عقدة الانهزام والحقارة المتأصلة في النفوس ليس إلا!
هذا ما دفعني إلى تفكير جدي في تغيير هذا الواقع إلى واقع جديد، يتحرّر فيه الإنسان الشيعي، ويستعيد فيه الثقة بنفسه، ويعيد فيه أمجاده الرافضية العظيمة، ليعيش كريماً غير ذليل، عزيزاً غير مهان، فخوراً غير خجِل، حراً غير مضطهد، يدعو بلا خوف إلى الموالاة لآل محمد - صلوات الله عليهم - والبراءة من أعدائهم عليهم اللعنة، آخذا زمام المبادرة، متموضعا في الريادة، متطلعا للسيادة، ساعياً في تحقيق الأكثرية بدخول الناس في دين الله أفواجا بما يمهّد لظهور بقية الله في أرضه؛ مهدي آل محمد الموعود عجل الله تعالى فرجه الشريف.
لطالما قضيت الليالي تفكراً وتأمّلاً في كيفية تحقيق هذا الهدف العظيم، فكنت أتجوّل في باحة الدار أرمق السماء وأناجي الرب، ثم أتوسل بالمولى صاحب الأمر صلوات الله عليه، إلى أن اهتديت بحمد الله تعالى إلى خطِّ خطوط عريضة لنظرية ذات أبعاد إعلامية، تربوية، اجتماعية، مبتنية على تقعيدات فقهية أصيلة، غير مجانبة للواقع المعاصر، ونحن الآن في ثاني مراحلها، وهي مرحلة: «تكوين البيئة المحفّزة»، بعد مرحلة «كسر الحواجز والقيود» التي تخطيناها بحمد الله تعالى.
كان لا بد من أن تتقولب هذه النظرية في إطار تنظيمي ذي فاعلية، فكان تأسيس «هيئة خدام المهدي عليه السلام» وكانت باكورة أنشطتها الإعلامية «مجلة المنبر»، وسجّل لنا التاريخ المعاصر - ولا فخر - بأنّا كنا أول من جهر بالبراءة حتى انكسرت القيود والحواجز النفسية، وتروّض أهل الخلاف على قبول سماع ورواج مثالب رموزهم كأمر واقع. لكن ذلك بطبيعة الحال لم يكن بلا أثمان، فلقد تعرّضنا لهزّات عديدة، كان أخطرها يوم أودعتُ السجن وكادت هذه الشمعة أن تنطفئ لولا رحمة الله تعالى وعناية ولي أمرنا - صلوات الله عليه - وشفاعة القمر العباس روحي فداه.
ورغم ما جوبهنا به من حروب في الداخل والخارج، ولا تزال مستعرة بهدف القضاء علينا؛ إلا أننا سرنا - بفضل الله ورسوله صلى الله عليه وآله - بخطى ثابتة إلى أن بلغنا هذا المبلغ.
كنا فردا، ثم آحاداً، فجماعة، ونحن اليوم تيار، وغدا - بإذن الله تعالى - أمة! فلقد تحقق هذا «الانبعاث الحضاري الرافضي» الذي كنا نتوق له، ونحلم به.
وإن ما سطّرتموه في رسالتكم علاوة على ما أدخله في قلبي من سرور وما أضافه لي من فخر؛ مثّل لي تأكيدا على تحقق هذا الانبعاث الذي سيبهر العالم بإذن الله، كما جعلني أكثر ثقة واطمئنانا، الثقة بأن المستقبل إنما هو للرافضة الأبرار الممتلئين عزة وشموخا، والاطمئنان إلى أن جميع المؤامرات التي تقصد القضاء على هذا النهج المبارك ستخيب، ذلك لأن ملامح الجيل الشيعي الصاعد ليست إلا على النحو الذي أردناه، ولا يمكن محاصرة جيل بأكمله فضلاً عن القضاء عليه، فقد فات الوقت! والحمد لله إذ لم تذهب الجهود والتضحيات سدى.
سألتني - سلّمك الله - عن انطباق الكفر والزندقة على من التزم كتب ابن عربي دراسة وتدريساً، والرأي أنه إن كشف عن الالتزام العقدي فلا شك في الانطباق موضوعاً، أما حكماً فالرأي أنه يتفاوت بتفاوت الالتزام بشرائع الإسلام، فلو التزمها وكانت ظاهرة منه فالأقوى إجراء حكم المسلم عليه - كما ذهب إليه صاحب العروة قدس سره - وإن كان كافراً موضوعا، ويكون حاله حال البكري المبتدع الذاهب إلى التشبيه والتجسيم مثلا، ولكن مع ذا، إن بلغ في اعتقاده مبلغ الناقضية للضرورة، فلا يكفيه حينئذ الالتزام بشرائع الإسلام ويمكن ترتيب حكم الكفر عليه، فالمسألة تتفاوت. وعلى أية حال؛ فإني أتحاشى التدخل في دائرة الحكم تاركاً ذلك للفقيه الجامع للشرائط، مكتفيا بمناقشة الموضوع.
وسألتني - أصلحك الله - عن الطاغية خامنئي وسكوته عن الجرائم الواقعة على مراجع التقليد والمؤمنين الأخيار وعموم الأبرياء في إيران، فأقول: إن الذين يعرفون الأوضاع في إيران وطبيعة الحكم المركزي فيها؛ عالمون بأن مثل هذه الأمور العظائم لا يجسر أحد على الإقدام عليها بلا إذن منه أو إحراز لرضاه وإمضائه، هب أنه لم يأذن بها، فقد علِمَ بها بعد وقوعها لا محالة، خاصة بعد توارد الشكوى إليه، وشيوع ذلك في الإعلام ونحوه. وعدم اتخاذه أي إجراء بمعاقبة الذين ارتكبوا هذه الجرائم كاشف عن رضاه، قاطع بتحميله هذه الأوزار يوم القيامة. ونعم الحكم الله.
وأما عن طلبك الأول؛ فلا أتذكر أني سمعت من سماحته - دام ظله - شيئا عن خامنئي بالخصوص.
وأما عن طلبك الثاني؛ فإن تلك كانت فكرة تراودني من حين لحين، ولكني أنتظر تحقق بعض المؤشرات لأقوم بها إن شاء الله تعالى. فادعُ لنا واسعَ في إنارة الطريق لبقية الشباب في الكويت، وفقك الله.
هذا وإنّي توّاق إلى رؤيتك، متأمل فيك الخير، فإن كنتَ عازماً على أن تهاجر إلى الله وتنضم إلينا؛ فعجّل، تجد الجمع هنا بك محتفين، وبانضمامك فرحين.
وأشكر ألطافك، وأبياتك، وكلماتك، وعليك وعلى من أبلغتني عنهم السلام؛ سلام الله وتحياته وبركاته، وإني لكم من الداعين، فلا تنسوني من دعواتكم.
الرابع من شوال لسنة خمس وثلاثين وأربعمئة وألف من الهجرة النبوية الشريفة.