بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
نصر الله من نصر آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين .
1- نعاصر في هذا الزمن القريب ثورات عربية نشأت فجأة و كانت جماهيرية شعبية تطالب بالعدل و حقوق المواطنين و ترفض الحكومات الظالمة الدكتاتورية, و رأينا أن هذه الثورات الشعبية كانت قوية و مثابرة و استطاعت أن ترمي السلاطين و الحكام الظالمين عن عروشهم و لكن ماذا حصل بعد ذلك و ما كانت النتيجة, على الأقل نستطيع أن نقول انتقلت تلك الدول من سيء الى أسوأ حتى أننا نسمع الأن بعض السياسيين المتابعين أن هذه الثورات فشلت بل للأسف أننا سنترحم على أيام حكومات مبارك و القذافي , كما هو الحال في العراق مثلا فبالرغم من أن صدام الملعون كان ناصبيا و ظالما فاجرا إلا أن الوضع الأمني على الشيعة و الزوار بعد هلاكه أصبح أسوأ. فما برأيكم سبب فشل تلك الثورات و هل أن الشعب العربي غير مهيأ للديموقراطية أم أن قياداته خونة و منافقين أم أن هناك قوة خفية وراء الكواليس تعرقل مسيرة الثورات ؟
2- هناك إنتشار فظيع للإرهاب و السلفيين بعد اسقاط الحكام, فمنذ عشرين عاما لم نكن نسمع لهم حسيسا سوى شرذمة قليلة في أفغانستان ممن يسمون بالقاعدة أم الأن فالإرهاب و التفجيرات و المجازر صارت حاضرة يوميا سواء في العراق أم سورية و لبنان و ليبيا و.... ما سبب هذا الإنتشار و ما هو مصدره و من يدعمه ؟
3- برأيكم ماهي الطريقة الأمثل (ثوريا و دبلوماسيا و سياسيا) التي كان يجب إتباعها لنجاح تلك الثورات العربية ؟
أبو محمد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ج1 الثورات وإن كانت بإرادة شعبية غير أنه لا شك أنّ دعم قوى القرار العالمية لتلك الثورات كان سببا في نجاحها على مدى الهدف القريب وهو الإطاحة بتلك الأنظمة, وهذا الدعم الذي يحرك الثورات وقياداتها من خلف الكواليس هو نفسه الذي يقرر كيف يكون شكل السلطة ما بعد الثورة وفق معادلات تحفظ التوازنات التي تريدها تلك القوى في المنطقة.
ج2 الانفلات الأمني بعد الثورات أو خلالها حالة اعتيادية قد تستمر لسنوات إن لم تتم السيطرة عليها أو أرادت لها القوى المهيمنة البقاء والاستمرار كاستراتيجية لخلق حالة من الفوضى المنظمة لضبط إيقاع الأحداث في المنطقة على نغمة معينة ريثما يُعاد ترتيب الأوراق في المنطقة من جديد كما هو مرسوم لها.
ج3 الشيخ مع حق الشعوب في التخلص من ظلمتها ولا يسعه انطلاقا من مبادئه أن يقف ضد هذه الثورات إجمالا، ولكنه يعلم وكل رافضي حر أنّ خلاص الشعوب الكامل والشامل له سبيل آخر.
الشعوب تعلم أنّ الاساليب الدبلوماسية والسياسية لن تجدي نفعا لانها جربتها فلم تجد من سبيل سوى الثورات الشعبية.
على الشعوب أن تثور على ما تسبّب في تسلط الطواغيت والظلمة على الأمة، أي عليها أن تثور على منهج حكومة السقيفة، فشيوع هذا المنهج هو الذي يولّد الطواغيت ويسلّطهم على الأمة ويطلق أيديهم في البلاد والعباد. على الأمة أن تقود ثورة رافضية على هذا المنهج المدمر لتعود من جديد إلى المنهج الذي دعا الله ورسوله صلى الله عليه وآله إليه. حينئذ ستكون الثورات حقيقية ويكون هدفها الدعوة لمبايعة مهدي آل محمد عليه السلام والوفاء له.
الامام المهدي عليه السلام ينتظر هذه الجماهير لتبايعه وتنادي بظهوره وتهتف كما قال الشيخ في البث المباشر مؤخرا (الشعب يريد ظهور الإمام). بلى هذه هي الثورة التي تستحق أن تراق في سبيلها الدماء ولا أسف على الدماء في سبيلها بل الفخر كل الفخر في التضحية من أجلها.
في نهاية هذا الجواب ستجد بيانا يتضح لك من خلاله ما نعنيه.
ولكن كاستراتيجية لإنهاض الأمة الشيعية وكل من يقبل على التشيع ويدخل فيه فإن الشيخ يتكلم وفق ما تقوله قوانين النظام العالمي.
المنطقة يعيد تشكيلها الأقوى حضاريا واقتصاديا, هذه حقيقة فلا داعٍ للقفز عليها.
الشيخ لا يدعو إلى الخنوع لأمريكا وما يسمى القوى العظمى ولكنه ليس يخدع الناس ويدخلهم في صراعات وحروب تُسفك فيها الدماء من أجل لاشيء.
إذا أردنا أن نهزم الغرب فعلينا أن نهزمه حضاريا وثقافيا بالتوغل في المجتمعات الغربية وغزوها حضاريا وثقافيا. من الداخل يجب أن نغير المجتمعات الغربية. حينما نسعى في نشر نور التشيع ونعمل بجد وفق خطة منظمة مدروسة لتغيير التركيبة الديموغرافية للغرب من الداخل. لابد من تكثيف الهجرات للغرب لكل من يتمكن من ذلك والسعي لأن يتقلد ويتبوأ المسلمون في تلك البلاد مراكز القيادة وأن يشكل المسلمون الغربيون تباعا جماعات ضغط تؤثر في صنع القرار العالمي.
هنا يعرض الشيخ باختصار رؤيته بهذا الخصوص
الإدارة الأميركية شيطان لكنها ليست الشيطان الاكبر فهذا وهم زرعه خميني لأغراض سياسية.
الشيطان الاكبر هو في الحقيقة أبو بكر وعمر وأشياعهما كقرضاوي ونواصب حماس الذين راح خميني ومن أتوا بعده يمالؤنهم على حساب الدين في سبيل حفظ كراسيهم وسلطتهم إلى أن آلت أوضاع الأمة إلى الحال التعيسة التي هي عليها اليوم بحيث تسترخص الدماء في سبيل القضايا السياسية لكنّ الدماء عندها تغدو غالية في سبيل إزهاق باطل أعداء آل محمد عليهم السلام وعلى رأسهم طواغيت السقيفة والحال أنّ هؤلاء هم عدونا الأول بحق.
أصلا كل مآسينا التي نحن فيها اليوم هم مصدرها. هنا جواب تتضح لك فيه حقيقة ما نقول
وفقكم الله لمراضيه
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
1 صفر 1433 هـ