السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لدي أسئلة عقائدية لفضيلة الشيخ أدام الله بقاءه لطاعته، وهي أسئلة جد مهمة وحساسة لمعارف أصولية، يعقد عليها القلب ويدافع بها ضد المشككين والمناوئين، ويثبت بها الإيمان للناس في هذا العصر
أولا: ما هي البراهين العقلية المحضة غير النقلية على النبوة الخاصة بخاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وآله وسلم
ثانيا: كيفية ثبوت صحة وصول ما ورد إلينا من كتب ومصنفات حيث أنه بعد الأسانيد حدثت المؤلفات فكيف نصل إلى أسانيد الكتب والمصنفات الآن لندرس صحة ورودها، خصوصا كتب المجاميع الحديثية وكتب الرجال، ونحن نقصد من الروايات العقدية منها لا الفرعية التي قد يكتفى بمجرد الظن فيها، ونحن نعلم أن المتواتر من الروايات وكذا المصنفات لا يكاد يوجد، وبارك الله بكم
عبيد الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ج1 ـ هذا يبينه الإمام أبو عبد الله الصادق عليه السلام:
قال السائل: فمن أين أثبت أنبياء ورسلا؟ قال أبو عبد الله عليه السلام: إنا لما أثبتنا أن لنا خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق وكان ذلك الصانع حكيما لم يجز أن يشاهده خلقه ولا يلامسهم ولا يلامسوه ولا يباشرهم ولا يباشروه ولا يحاجهم ولا يحاجوه , فثبت أن له سفراء في خلقه وعباده يدلونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم، فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه وثبت عند ذلك أن له معبرين وهم الأنبياء وصفوته من خلقه حكماء مؤدبين بالحكمة مبعوثين بها غير مشاركين للناس في أحوالهم على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب، مؤيدين من عند الله الحكيم العليم بالحكمة والدلائل والبراهين والشواهد من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص، فلا تخلو أرض الله من حجة يكون معه علم يدل على صدق مقال الرسول ووجوب عدالته
(توحيد الصدوق,ص249)
أما خصوص نبوة خاتم الانبياء صلوات الله وسلامه عليه فمن دلائل صدقها كونه عين له أوصياء منصبون من قبل الله تعالى فإنه لو كان صاحب مشروع دنيوي شخصي مزيف لما كان يهتم بحفظ شريعته من بعده ويرضى بالتضحية بأهل بيته في سبيلها. وجدناه صادقا فيما أنبأنا به من كون اثني عشر إماما من ولده سماهم قبل ولادتهم سوف يحملون رسالته من بعده ويحفظونها ويواصلون تبليغها للناس بعد أن ثبّت هو قواعد رسالته صلى الله عليه وآله وهؤلاء الاوصياء ذكر انّ الامة ستظلمهم وتحاربهم وسيصبرون على الاذى والقتل والنفي والتشريد الى أن يمكن الله لخاتمهم الامام الثاني عشر بعد غيبة طويلة. وقد وقع ما اخبر به.
معجزة نبي الاسلام القرآن وبلاغته التي عجز إلى اليوم كل من حاول التشكيك فيها أن ينال منها قيد أنملة دليل عقلي آخر على صدق نبوة رسول الله صلى الله عليه وآله ولكن فلنقل أنّه لربما البعد عن عصر الفصاحة والبلاغة العربية القرشية الاصيلة جعل بعض أهل هذا الزمان لا يدرك مدى قوة بلاغة القرآن الاعجازية في التدليل على نبوة خاتم الانبياء صلى الله عليه وآله لشياع اللحن في هذا الزمان وضعف السلائق اللغوية والبلاغية وعدم اعتناء غير العرب بدراسة اللغة العربية. مع هذا فإنّ إعجاز القرآن الكريم غير مقتصر على الجانب البلاغي بل لجانب القضايا العلمية المنسجمة مع ما هو مطروح من حقائق في هذا العصر ايضا دخالة في إثبات صدق نبوة خاتم الانبياء صلى الله عليه وآله, بل إنّ العلم الحديث يشهد للقرآن الكريم بالسبق في الاشارة الى جملة من الحقائق التي تم التوصل لها بعد القرآن الكريم بعصور
الفرنسي موريس بوكاي أجرى بحثا في الكتب السماوية توصل من خلاله إلى كون القرآن لا يتعارض أو يتناقض مع ما جاء به العلم الحديث فيما الكتب الاخرى تتناقض معه في مواطن شتى. وما توصل له بوكاي يتوصل له كل باحث منصف غير معاند متكبر على الحق.
هذا القرآن الكريم الاستشفاء به هو واحدة من معاجزه التي ثبت صدق إخباره بها في قوله تعالى: ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) الاسراء, آية82
الواقع أثبت شفاء جمع من اقوياء الاعتقاد والإيمان بكتاب الله تعالى من حالات مرضية متعسرة عجز عنها الاطباء بواسطة آيات القرآن الكريم.
إلى غير ذلك من وجوه الاعجاز التي يدركها المرء بالرجوع إلى العترة الطاهرة الشارحة المفسرة للقرآن.
يمكنكم الوقوف على بعض أوجه الإعجاز في القرآن الكريم بمراجعة سلسلة محاضرات سماحته في البحوث القرآنية (هنا)
ج2 أولا إن ما يستدل به الشيعة على عقائدهم بين صحيح ومتواتر. لكن إجمالا يتم عرض الظني على القطعي ويؤخذ بما تسنده القرائن والشواهد من سياق تاريخي وقرآن وحديث معتبر.
وثانيا إذا كنت تقصد ثبوت المجاميع الأربعة وغيرها من الكتب لأصحابها فإن سلسلة السند مستمرة إلى اليوم، وذلك بالإجازة الروائية المعروفة ومنها ما لدى الشيخ الحبيب، فهو يروي هذه الكتب بسنده. مع الأخذ بالاعتبار أن شهرة انتساب الكتب إلى أصحابها كافية عند العقلاء في اعتبارها والتعويل عليها كما نعول اليوم على أي كتاب أو مقال أو تصريح مشهور الانتنساب لصاحبه أو قائله.
فبضم هذه الشهرة إلى صحيح السند وقطعي الثبوت أو الصدور يحصل ما يتاخم التواتر وهو حجة في العقائد. وللتفصيل عليكم بدراسة علم الأصول.
وفقكم الله لمراضيه
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
27 محرم 1433 هـ