بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي القاسم المصطفى محمد وعلى أهل بيته الطيبين المعصومين الطاهرين المطهرين تطهيرا وعلى صحبه المنتجبين واللعن الدائم على الظالمين وفي مقدمتهم أبوبكر وعمر ومن سار على نهجهما واقتدا يهما ودافع عنهما عالما معاندا
سماحة الشيخ الجليل ياسر الحبيب حفظك الله ورعاك وأطال في عمرك ووفقك لما يحبه ويرضاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد
مسألة قيام عائشة والعصبة اللعينة للرسول الأعظم محمد ص باغتياله بالسم كما ترونه وذكرتم في احدى المحاظرات بأن العلامة المجلسي أعلى الله مقامه كان يجمع الرأيين فيقول بأن الرسول مات متأثرا ببقايا آثار سم اليهودية والسم الذي أسقته إياه عائشة وحفصة ووالديهما عليهم أكثر اللعنات وأشدها، فهل سماحتكم ممن يقولون بأنه بأنه مات بسم العصبة اللعينة فقط؟ أم تقولون بقول العلامة المجلسي؟ ونظرا لأن هذه المسألة مجهولة عند الكثير من عوام الشيعة فاعذرنا لهذه الأسئلة ولكن لابد من طرحها وخصوصا وللأسف لا يجبنا الكثير ممن نسأله إلا بإجابات مقتطفة لا يمكن أن تبنى عليها عقيدة، ما الرأي المشهور عندنا؟ هل هو أن الرسول ص مات بسبب سمه بواسطة عائشة وحفصة ووالديهما فقط؟ أم مات ص متأثرا بسم اليهودية فقط؟ أم كرأي العلامة المجلسي ويجمعون بين الرأيين؟ وسواء كان الرأي المشهور الأول أو الأخير فهلا أخبرتمونا أقوالا لكبار علمائنا الأموات منهم والأحياء في أن العصبة اللعينة هم الذين قتلوا المصطفى ص؟ وطبعا قبل ذلك روايات صحيحة السند ومعتبرة تصل إلى حد التواتر والإطمئنان وعلى شروطكم في إثبات ذلك ؟؟؟ أرجو أن يكون لجواب بالشكل الكافي والوافي وأرجو أن لا تحيلنا إلى كتب لصعوبة توفرها ... (وأود أن ألفت أنظارك أنه تم طرح هذا الموضوع في منتدى ياحسين ... حتى لا يخفى شيء أبدا !!!!)
باسمه تعالى شأنه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
نحن نرى أنه (صلى الله عليه وآله) قد استشهد بفعل السم الذي سقته إياه عائشة وحفصة بأمر أبويهما (عليهم اللعنة والعذاب) التزاما بالرواية الصريحة عن صادق أهل البيت عليهم السلام، وأنه لم يكن لسم اليهودية أي أثر، بل نرى أنه لم يتناوله أصلا فقد ظهرت معجزة نطق الطعام بأنه مسموم فكفّ المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) عن تناوله. على ما فصّلنا فيه القول في محاضراتنا.
والعلامة المجلسي (رضوان الله تعالى عليه) إنما احتمل في البحار أن يكون لكلا السمّيْن دخل في استشهاده، ولم يجزم بذلك. وبعض علمائنا أخذوا بالقول الآخر، وجمعوا بينه وبين الرواية اعتمادا على رواية أخرى، لكننا نضعفها باعتبار ورودها عن طريق المخالفين، فيكون نظيرها عندنا صادرا تقية أو أنه مدسوس. ولا يتوقع أن تكون الشهرة ظاهرة في القول بأنهما اللتان تسببتا في سمه وقتله صلى الله عليه وآله، بسبب ظروف التقية التي عاش فيها علماؤنا، ولذا تجد أن الذي خرج من تلك الظروف - كالعلامة المجلسي والمحقق الكركي - وتهيأ له التصريح؛ صرّح بذلك وذكره.
وأما الرواية فهي التي رواها العياشي في تفسيره عن عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ”تدرون مات النبي صلى الله عليه وآله أو قُتل؟ إن الله يقول: أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم، فسُمَّ قبل الموت، إنما سقتاه! فقلنا: إنهما وأبوهما شر من خلق الله“. (تفسير العياشي ج1 ص200 وعنه تفسير البرهان ج1 ص320 وتفسير الصافي ج1 ص305).
وليس شرطا أن تكون الرواية من هذا القبيل بالغة حد التواتر للأخذ بها، إذ يكفي الاطمئنان بصدورها مع وجود المعضّدات وفقدان المعارضات، فلا يمكن حينذاك ردّها، إذ الرد هو الذي يحتاج إلى دليل لأنه على حد الشرك كما ورد عنهم صلوات الله عليهم، لا العكس. وقد شرحنا ذلك في بعض محاضراتنا فارجع إليها.
وفقكم الله لجوامع الخير في الدارين. والسلام.
الخامس من ربيع الآخر لسنة 1428 من الهجرة النبوية الشريفة.