بسم الله الرحمن الرحيم
سلام الله عليكم
شيخنا ماهي نصيحتكم لاخوانكم شيعة محمد وآله الموجودن في المملكة العربية السعودية موطن الوهابية ولعلك تعلم بالواقع الذي نعيشه حيث أننا محرومون من أبسط حقوقنا مثل الاحتفال بمولد مولاتي الزهراء عليها السلام ومن يتجرأ على مثل ذلك فعقابه السجن والفصل من العمل وغيرها الكثير الكثير فكيف نواجه واقعنا ونأخذ حقوقنا مثل اخواننا الموالين في بقية دول الخليج؟؟
باسمه جلّ ثناؤه. وعليكم من الله السلام والرحمة والإكرام. الواقع الذي تعيشونه يعيشه غيركم من الشيعة في مختلف البلدان، لكن النسبة متفاوتة فقط. وليس غيركم من شيعة الخليج حاصلون على كل حقوقهم الدينية، إنما حصلوا على نزر يسير أكثر مما حصلتم عليه، ولم يتحقق ذلك لأنهم عملوا أكثر مما عملتم، بل لأن الطرف الحاكم كان أقل مناوءة لهم من الطرف الحاكم عندكم.
إن شيعة أهل البيت (عليهم السلام) في كل البقاع مظلومون.. وهذا الواقع المرير جاء ثمرة تخلّي الشيعة منذ قرون عن إرثهم الثوري النهضوي، الذي جسّدته ثورة سيدنا أبي عبد الله الحسين (صلوات الله عليه)، وكان التوسع المبالغ فيه في مفهوم التقية سببا رئيسيا لتكوّن هذا الواقع.
إنكم – إخواننا في المنطقة الشرقية – كنتم ولا يزال البعض منكم مثلا أعلى لبقية شيعة الخليج، حيث تحدّيتم الواقع الاضطهادي بصلابة ملفتة للنظر، واستطعتم فرض وجودكم رغما عن أنف الطغاة، وجاء تحدّيكم في فترة عصيبة هي الأشد عليكم، ذلك منذ أن طلع قرن الشيطان الوهابي في نجد. وإني أراكم أنتم وأهل البحرين أكثر شيعة الخليج جرأة وشجاعة وإصرارا على نيل الحقوق وتمسكا بالهوية العقيدية، فكلما كان الظلم عليكم يزداد، كلما كان صمودكم يزداد وكذلك صلابتكم، ساعدكم في ذلك مستوى الوعي الذي تتمتعون به، فأنتم – أهل الشرقية والبحرين – أكثر شعوب الخليج علما وثقافة ووعيا. وأقول هذا غير منتقص لغيركم، ولا نافٍ لوجود ذوي العلم منهم، غير أني أتحدث عن نسبة وتناسب، وواقع ماثل أمام أعيننا وقد لمسناه وخبرناه. فعندما كان يأتيني في مكتبنا بالكويت واحد منكم، كنا نتلمس فيه تفوقا ثقافيا ملحوظا عن غيره.
غير أن مما يؤلم الفؤاد أنكم حيث واصلتم طريق الصمود والتحدي وفي أحلك الفترات، فإنكم – ولا أعني الجمع بل الغالب – اخترتم فجأة التوقف عن المواصلة، والركون إلى الخضوع والاستسلام، رغم أن بوادر إركاع الخصم كانت قد لاحت في الأفق للتوّ!
لسنا ندري ما الذي حلّ بإخواننا من القيادات التي نصّبت نفسها عليكم! فقد انخدعت بشعار المصالحة الذي طرحه النظام المجرم لما أحسّ باهتزاز حكمه، ولم يطرحه إلا بعدما وجد من كان يعتمد عليهم من ذوي النزعة الوهابية قد بدءوا بالانقلاب عليه، فرأى أنه إن قطع مع بقية الفئات العلائق، فإنها ستتوحد ضده وتسقطه، ولن يبقى له ما يبقيه.
إن الحسرة قد ملأت قلوبنا على هذا التفريط الذي بدا من إخواننا – سامحهم الله - بعد كل التضحيات التي بُذلت في سبيل نيل شيعة الإحساء والقطيف حقوقهم، وهذا التراكض منهم على مشروع المصالحة الزائف الذي لم نجد له ثمرة حقيقية حتى الآن على صعيد نيل الحقوق، إلا اللهم إذا تم اعتبار العفو العام عن تلك القيادات وعودتها هو المكسب!
أما وقد هدرت هذه الشقشقة، فنقول بعد الاتكال على الله سبحانه، أن نيل الشيعة في منطقتكم لحقوقهم، وكذلك حصول بقية الشيعة في مختلف البلدان على حقوقهم، لن يتأتى إلا بالعودة إلى الطريق الذي خططتموه لأنفسكم من ذي قبل، وأعني به تحدي النظام، وعصيانه، وتغذية روح الاستقلالية والاكتفاء الذاتي، وإعادة توجيه التحرك العام باتجاه نزع سلطة آل سعود عن المنطقة، وعدم الانجرار لخطتها في تحييدكم أو استمالتكم، فإنه فخ لكم.
وتحتاجون في كل ذلك إلى لغة الشارع المنتفض، فإنها هي التي تفهمها الحكومات وترضخ لها. ولسنا نعني هنا وقوع صدام مسلح، أو إعمال العنف، أو ما أشبه، بل يجب أن تكون جميع التحركات سلمية، فالعصيان المدني السلمي - مثلا - أقوى تأثيرا من الأعمال العنفية.
إن يوما يمتنع فيه جميع الشيعة في منطقتكم من الذهاب إلى الوظائف، فيتسبب ذلك في شلّ حركة تصدير النفط مثلا، احتجاجا على عدم تنفيذ السلطة لمطلب ما، لهو أعظم تأثيرا وأشد وقعا من معظم الأعمال الأخرى.
ويجب أن يكون كل ذلك ضمن خطة بعيدة المدى لتحقيق الاستقلال الشامل والوحدة الشيعية على ضفاف الخليج. ولا تغفلوا أن عالم اليوم؛ الكلمة فيه للشعوب، وبدأت السلطات تفقد سيطرتها على الشعوب مع تنامي قوة نقل الحدث إعلاميا، فإذا أراد الشعب، فلا رادّ لإرادته سوى الله تعالى. فالهمّة الهمّة.. وقد قال مولانا أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): "المرء بهمّـته". (عيون الحكم والمواعظ ص61).
وإلى ذلك الحين، ينبغي أن يتوجه الجميع إلى مولانا صاحب الأمر (صلوات الله وسلامه عليه وأرواحنا فداه) ليشملنا بلطفه، ويبارك هذه الجهود ويقضي لها بالنجاح. وفي هذا الشأن، ننصح بالاستمرار في كتابة رُقع الحاجة إلى الإمام، حسب ما هو مقرّر في كتب الأدعية والزيارات، فإن مولانا الإمام (عجل الله فرجه الشريف) يطلّع على تلك الكتب والعرائض، وينظر إليها بكرمه وعطفه.
نسأل الله تعالى أن تكون يد إمام الزمان فوق أيديكم.. اللهم آمين. والسلام.
22 من جمادى الآخرة لسنة 1426 للهجرة الشريفة.