بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
عظم الله أجرنا و أجركم بوفاة الإمام الحسين ع
مولانا الشيخ يزداد انبهاري كل يوم من مواقفكم النبيلة و أدعوا الله أن يثبتنا على الولاية و البراءة
أما بعد فقد أعجبتني محاضراتكم و زادت الحقائق وضوحاً بالنسبة لي، لدي أخ من الإحساء يظن بأن معاوية هو سبب مشاكل العالم ... و لكنني فهمت من سماحتكم بأن زُفر لع هو الألعن و هو عدونا الأول ... فما هو برأيكم مع الأدلة العدو الألعن للشيعة و من ينبغي لنا لعنه كراراً و البراءة منه و من أشكاله
شكراً
باسمه تقدست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. عظم الله أجورنا وأجوركم بمصابنا بمولانا الحسين الشهيد وأهل بيته وأصحابه صلوات الله عليهم، جعلنا الله وإياكم من الطالبين بثاراته مع ولي دمه مولانا صاحب العصر والزمان صلوات الله عليه وعجل الله فرجه الشريف.
إن جرائم معاوية عليه اللعنة - على بشاعتها - لا توزن ولا تقاس بالجرائم الأبشع لأبي بكر وعمر عليهما اللعنة، ذلك لأن معاوية وأضرابه من الطغاة ما كان لهم أن يرتكبوا جرائمهم في حق عترة النبي (صلوات الله عليهم) وفي حق الأمة لولا أن فتح أبو بكر وعمر لهم الباب لذلك ومهّدا لهم السبيل للتسلط على الناس.
وعلى هذا فإن جرائم معاوية كلها إنما يتحمل وزرها أولا أبو بكر وعمر، فإنه لولا اغتصابهما لخلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما كان لأمثال معاوية من الطلقاء أن يتولّوها فيتجبروا ويطغوا. وإلى هذا تشير الروايات الشريفة التي تؤكد أن كل جريمة تقع إنما هي في أعناق أبي بكر وعمر، ومن تلكم الروايات ما عن مولانا الباقر عليه السلام: ”ما اهريق محجمة من دم ولا أُخذ مال من غير حلّه ولا قُلب حجر عن حجر؛ إلا ذاك في أعناقهما“. (الكافي ج8 ص103). وإلى هذا أيضا تشير فقرات زيارة الحسين (عليه السلام) في يوم عاشوراء إذ فيها: ”اللهم خص أنت أول ظالم باللعن مني وابدأ به أولا، ثم العن الثاني والثالث والرابع، اللهم العن يزيد خامسا“. فجاء اللعن أولا لأبي بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم معاوية، ثم يزيد.
وفي خصوص معاوية فثمة نصا من الإمام الحسن المجتبى (صلوات الله عليه) يؤكد هذا المعنى، وذلك حين هدّده الحسن في وجهه قائلا: ”الويل لك يا معاوية وللثلاثة قبلك الذين أجلسوك هذا المجلس وسنّوا لك هذه السنة“. (كتاب سليم بن قيس الهلالي ص367).
وبهذا تعرف أن كل طاغٍ يأتي إنما تُسجل جرائمه في صحيفة الذي سبقه باعتباره علة لمجيئه وطغيانه، فيكون السابق أكثر جرما من اللاحق، لأن له ما انفرد به من جرائم أيضا مضافا إلى جرائم خلفه، فيكون المجموع أكثر، وبهذا يثبت أن أبا بكر وعمر أكثر الخلائق جرما على الإطلاق، إذ كل طاغ وظالم حتى اليوم إنما قد جاء بسبب تأسيسهما أساس الظلم والجور على أهل البيت (عليهم السلام) وإزاحتهم عن موقعهم الشرعي في حكم وقيادة الأمة، ولولا ذلك لكانت الأمة اليوم تعيش في عدالة وهناء وسعادة ونعمة تحت ظل حكومة آل محمد صلوات الله عليهم.
هذا من جهة، ومن أخرى فإن نوعية الجرائم التي ارتكبها أبو بكر وعمر تفوق في بشاعتها تلك التي ارتكبها معاوية، وذلك بلحاظ من وقع عليه الجرم. فلئن كان معاوية قد سمّ الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) وقتله؛ فإن أبا بكر وعمر قد سمّا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقتلاه، ورسول الله أفضل من الحسن، فتكون الجريمة أعظم. وعلى هذه قس سائر الموارد.
وأما عن العدو الأول لنا كمسلمين مؤمنين ملتزمين بولاية آل محمد المعصومين (صلوات الله عليهم) فقد قلنا في محاضراتنا أنه أبو بكر وعمر وعائشة، فإن هؤلاء الثلاثة على ما يبدو من النصوص الشريفة هم أكثر الخلائق كفرا ونفاقا وإجراما وتحريفا لدين الله تعالى، ثم يأتي بعدهم عثمان وحفصة وأبو عبيدة وسالم وطلحة والزبير وسعد ومعاوية ويزيد ومن إليهم عليهم جميعا لعائن الله.
ومما ورد في وصف أبي بكر أنه ”أدهى وأمرّ“، وأما عمر فقد وصفته الروايات بأنه ”أكفر وأظهر لعداوتنا“ (مختصر بصائر الدرجات ص111). أما عائشة فقد وُصفت بأنها ”رأس الكفر“ (مسند أحمد ج2 ص23).
وأخوك الذي في الإحساء لم يشتبه عليه الأمر فغلب على ظنه أن معاوية هو سبب مشاكل العالم دون أبي بكر وعمر إلا بسبب أن الخطباء - هداهم الله تعالى - يسلطون الضوء على جرائم معاوية ويزيد ويغفلون ذكر جرائم أبي بكر وعمر وعائشة خوفا وانهزاما ومداراة وممالأة، فتنشأ أجيال لا تعرف عن التاريخ الأسود لهؤلاء شيئا، فتظن أن أس البلايا والمصائب والمشاكل إنما جاءت من قبل معاوية! في حين أنها جاءت من أولئك الذين سنّوا للطغاة سنّتهم! وما معاوية بالنسبة إلى أبي بكر وعمر إلا كدودة بالنسبة إلى ثعبان!
وفقكم الله لجوامع الخير في الدنيا والآخرة. والسلام.
12 من شهر صفر الأحزان لسنة 1428 من الهجرة النبوية الشريفة.