بسم الله الرحمن الرحيم
س1: أوصى أمير المؤمنين عليه السلام ابنيه الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام بالتقوى أولا، ثم قال عليه السلام: وأن لا تبغيا الدنيا وإن بغتكما
السؤال: لمَ تطرق عليه السلام إلى مبحث الدنيا بعد ذكر التقوى مباشرة؟
س2: جاء في ذات الوصية قوله صلوات الله عليه: قولا بالحق، لمَ لمْ يقل اعملا بالحق أو أقيما الحق... إلخ؟! لماذا أوصى بقول الحق تحديدا؟
س3: جاء في ذات الوصية أيضا قوله صلوات الله وسلامه عليه: اعملا للأجر، لم لم يقل اعملا لله مثلا، خصوصا وقد جاء في الحديث عنه عليه السلام: إن قوما عبدوا الله طمعا في جنته فتلك عبادة التجار..؟! فكيف يكون يوصيهما عليه وعليهما السلام بالعمل للأجر، وهو الذي يشبه من يعبد الله طمعا في الأجر بالتاجر؟
أفيدونا على وجه السرعة مع الشكر الجزيل المسبق
ونلتمسكم الدعاء كما ونحن لكم من الداعين إن شاء الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بمراجعة الشيخ أجاب بالتالي:
ج1: لأن التنافر واقع بين طلب التقوى وطلب الدنيا، فكلما طلب الإنسان الدنيا كلما ابتعد عن التقوى، والعكس بالعكس. وقد جاء عن الصادق عليه السلام: "حب الدنيا رأس كل خطيئة". ومعلومٌ أن الخطايا هي التي تخرم التقوى، فلذا كانت التوصية بالتقوى تتلوها التوصية بعدم طلب الدنيا، حتى لا تنخرم تلك التقوى.
ج2: لعله لأن العمل بالحق قد يكون عملاً للنفس، بينما القول بالحق يكون عادة قولاً للغير، أي إرشاده للحق، بالتصدي للباطل، وهذا هو التحدي الصعب. والظاهر أن هذا هو المراد، ولذا لم يقل: أقيما الحق، لعلمه (عليه السلام) بأن الأمة لم تمكنهما من إقامته على الأرض، حيث يؤول الحكم إلى بني أمية لعنهم الله، فالمطلوب منهما (عليهما السلام) أن يقولا الحق وإن كان الحكم لأعدائهم والدولة لأندادهم، وبهذا يكون مفاد هذه العبارة من الحديث مماثلا للحديث المشهور عن قول الحق في وجه سلطان جائر.
ج3: لا منافاة، لأن الأجر أعمّ من أن يختص بالجنة، فمن الأجر قرب العبد من المعبود، وذلك يدخل ضمن إطار عبادة الأحرار، فهم وإن لم يطمعوا في ثواب ولم يخافوا من عقاب؛ إلا أنهم يريدون بعبادتهم الاقتراب من المولى عز وجل، مصداقاً لقوله تعالى: "واسجد واقترب"، وهذا القرب هو من الأجر.
شكرا لتواصلكم.
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
16 شعبان 1432