بسم الله الرحمن الرحيم
شيخنا المبجل و ردت روايات و إني للأسف لم أعرف مصدره عندما بحثت ، تقول :
سماحة السيد المبجل سلام عليكم ، قد قلتم في جواب سؤال سابق ،
قبل آدمكم الف الف آدم وان كل يوم تقوم فيه قيامة لله تعالى .
سؤالي هو ، و هل كل هؤلآء كانوا يدينون لله بولاية محمد و آل محمد و
يعرفون أميرالمؤمنين عليهم أفضل الصلاة و السلام ، و هو قسيم الجنة و النار
صلوات الله عليه ، كيف و كل يوم يقام القيامة لله تعالى شأنه و تقدس ،
و أرجوا أن توسعوا الإجابة و بالتفصيل ، لأن العلم الناقص يورد الإنسان
المهالك ، ، أرجوا و بكل صدق أن تفصلوا الإجابة في هذا الجواب و تبينوا المعنى
في هذا الجانب ، لأني والله لست بمشكك و لكن أريد أن يطمئن قلبي بالدليل و
البرهان ، و هل هذا يرجع الى مثل قضية إفطار أميرالمؤمنين عليا عليه السلام عند
ثلاثين شخص أو أربعين الذين دعوه عندهم و في نفس الوقت و قضية حضوره صلوات الله
عليه عند كل محتضر سوآء كان مؤمنا أو كافرا ، أرجوا أن تذكروا لي الكيفية أي
حضوره صلوات الله عليه في أماكن و نشآت مختلفة و نفس الوقت عليه أفضل الصلآة و
السلام . و لو كان بنفس عرفاني فإني لا أنكر العرفان بل و أعشقه و أعشق
سيد العارفين و ساداتهم محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين ، فإني في هذه
المسألة تآئه متحير لا أهتدي إلا أن يهديني الله بمحمد و آل محمد الطيبين الأطهرين
لمعرفة الحق و الصواب ، فأرجوا ملتمسا و بحق الزهرآء البتول و حق
مظلوميتها ، إن كنتم من ناصريها أن تأخذوا بيد هذا المحب لهم إلى طريق معرفتهم و معرفة
فضآئلهم الجليلة و العظمة صلوات الله عليهم أجمعين
باسمه تعالت قدرته. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إن حقيقة محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم) تختلف عن حقيقتنا أو عن حقائق بقية المخلوقات، كما أن عالمهم يختلف عن عالمنا وعن عوالم بقية المخلوقات، فهم منذ الأزل أنوار خلقها الله تعالى قبل أن يخلق أي شيء آخر، ومن أنوارهم خُلقت بقية المخلوقات، بدءًا من اللوح والقلم والعرش والكرسي، مرورا بالملائكة والسماوات السبع والأرضين السبع إلى سائر المخلوقات الأخرى.
ولا يمكن للمخلوق الأدوَن أن يستوعب المخلوق الأعلى، فالحيوانات مثلا لا يمكنها أن تستوعب حقيقة البشر، ولا يمكنها إدراك كنههم، ولا كيفية أفعالهم وحركاتهم وسكناتهم، لأن ذلك بالنسبة إليها يُعتبر غيبيا وفوق مستوى إدراكها.
وهكذا الأمر بالنسبة لنا، إذ لا يمكن لنا أن نستوعب أو ندرك كنه وحقيقة محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم) لأنهم في مرتبة أعلى منا، ونحن أدوَن منهم في مراتب الخلقة. لذا تبقى مسألة إدراك حقيقتهم أو معرفة كيفية انتقالهم من عالم إلى عالم آخر في الوقت نفسه غيبية بالنسبة إلينا، وليس لنا إلا أن نسلّم لما ورد منهم من إشارات إلى ذلك حتى وإن لم نعرف كيفية حصولها لأنها فوق مستوى إدراكنا.
بناءً على ما تقدّم نقول: أنه نعم قد ورد أن الله تبارك وتعالى قد خلق كثيرا من العوالم غير عالمنا هذا، وفيها خلق مثل خلقنا هذا أو أكثر، وهؤلاء كانت لهم بداية وكان لهم آدم (أي مبدأ مخلوق) ولهم قيامة (أي حساب بعد الفناء)، وكل هذه الأقوام والخلائق مكلّفة بمعرفة محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم) وطاعتهم والائتمام بهم، ولأهل البيت (صلوات الله عليهم) في تلك العوالم أدوار كما كان لهم دور في عالمنا هذا. أما ما هي تلك الأدوار؟ وكيف يكون أهل البيت (عليهم السلام) موجودين في عالميْن أو أكثر في الوقت نفسه؟ وما هي طبيعة ظهورهم في تلك العوالم وهل كانوا على هيئة البشر أم هيئات أخرى أم أنهم يرجعون إلى هيئتهم الأصلية النورانية؟ هذا كله يبقى غيبيا بالنسبة لنا.
وكذلك الأمر بالنسبة إلى ما ورد من أن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يحضر عند كل مؤمن وكافر حال الاحتضار، أو أنه قد أفطر عند أربعين شخصا في الوقت نفسه، وما إلى تلك القضايا، فإنها جميعا تبقى مجهولة غير معلومة بالنسبة لنا، ونردّ علمها إلى الله تعالى وإليهم سلام الله عليهم. تماما كما لا نعلم حقيقة الجنة وحقيقة النار مثلا، وهل أن ما في الجنة من خمر ولبن يشابه ما عندنا أم لا؟ وهل أن النار الجهنمية تشابه النار التي نعرفها أم لا؟ أعني هل أن النار هناك عبارة عن نفس التركيب الغازي (هيدروجين، هيليوم، أكسجين، نيتروجين، كربون..) للتي نراها في الدنيا أم لا؟ إلى آخر ذلك من الغيبيات.
وأما ما طلبت من الروايات فإليك بعضا منها مما قد يوضّح شيئا من هذه الحقائق:
• عن الباقر صلوات الله عليه: "لقد خلق الله عزوجل في الارض منذ خلقها سبعة عالمين ليس هم من ولد آدم، خلقهم من أديم الارض فأسكنهم فيها واحدا بعد واحد مع عالمه، ثم خلق الله عزوجل أبا هذا البشر وخلق ذريته منه". (بحار الأنوار باب 28 ح1)
• عن جابر بن يزيد قال: سألت أباجعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل "أفعيينا بالخلق الاول بل هم في لبس من خلق جديد" فقال: ياجابر تأويل ذلك أن عزوجل إذا أفنى هذا الخلق وهذا العالم وأسكن أهل الجنة الجنة وأهل النار النار جدد الله عزوجل عالما غير هذا العالم، وجدد خلق من غير فحولة ولا اناث يعبدونه ويوحدونه، وخلق لهم أرضا غير هذه الارض تحملهم، وسماء غيرهذه السماء تظلهم، لعلك ترى أن الله عزوجل إنما خلق هذا العالم الواحد وترى أن الله عزوجل لم يخلق بشرا غيركم؟ بلى والله لقد خلق الله تبارك وتعالى ألف ألف عالم وألف ألف آدم أنت في آخرتلك العوالم واولئك الآدميين". (البحار ب28 ح2).
• عن الصادق صلوات الله عليه: "إن لله عزوجل اثنى عشر ألف عالم، كل عالم منهم أكبر من سبع سماوات وسبع أرضين، مايرى عالم منهم أن الله عز وجل عالما غيرهم، وإني الحجة عليهم". (البحار ب15 ح1)
• عن الحسن صلوات الله عليه: "إن لله مدينتين إحداهما بالمشرق والاخرى بالمغرب عليهما سوران من حديد، وعلى كل مدينة ألف ألف مصراع من ذهب، وفيها سبعون ألف ألف لغة، يتكلم كل لغة بخلاف لغة صاحبه وأنا أعرف جميع اللغات وما فيها، وما بينهما وما عليهما حجة غيري والحسين أخي". (البحار ب15ح2).
• عن عجلان أبي صالح قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قبة آدم، فقلت له: هذه قبة آدم؟ فقال: نعم، ولله قباب كثيرة، أما إن خلف مغربكم هذا تسعة وثلاثين مغربا أرضا بيضاء مملوة خلقا يستضيئون بنورنا، لم يعصوا الله طرفة عين، لايدرون أخلق الله آدم أم لم يخلقه، يتبرأون من أبي بكر وعمر.
قيل له: كيف هذا يتبرأون من أبي بكر وعمر وهم لايدرون أخلق الله آدم أم لم يخلقه؟ فقال: أتعرف إبليس؟ قال: لا إلا بالخبر، قال: فامرت باللعنة والبراءة منه؟ قال: نعم، قال: فكذلك أمر هؤلاء". (البحار ب15 ح5).
• عن الباقر عليه السلام: "إن من وراء شمسكم هذه أربعين عين شمس، مابين شمس إلى شمس أربعون عاما، فيها خلق كثير مايعلمون أن الله خلق آدم أو لم يخلقه، وإن من وراء قمركم هذا أربعين قمرا . مابين قمر إلى قمر مسيرة أربعين يوما . فيها خلق كثير مايعلمون أن الله خلق آدم أو لم يخلقه، قد الهموا كما الهمت النحل لعنة أبي بكر وعمر في كل وقت من الاوقات، وقد وكل بهم ملائكة متى لم يلعنوهما عذبوا". (البحار ب15 ح6).
• عن عبد الصمد بن علي، قال: دخل رجل على علي بن الحسين عليهما السلام فقال له علي بن الحسين: من أنت؟ قال: أنا منجم، قال: فأنت عراف؟ قال: فنظر إليه ثم قال: هل أدلك على رجل قدم مذ دخلت علينا في أربع عشر عالما كل عالم أكبر من الدنيا ثلاث مرات لم يتحرك من مكانه؟! قال: من هو؟ قال: أنا! وإن شئت أنبأتك بما أكلت وادخرت في بيتك". (البحار ج54 ح9).
أدام الله توفيقاتكم للخير. والسلام. 12 من شوال لسنة 1427 من الهجرة النبوية الشريفة.
ليلة 23 ربيع الآخر 1431