21 صفر الأحزان 1438
لقد حشدت الدنيا قواها فأعطتنا في هذا الزمن رجلا شجاعا بقلبه وبعقله ولسانه اسمه ياسر الحبيب ما أعظم هذا العطاء. أدركنا في منطقك حنان الأب ودعوة الاأخوة وصدق الوفاء وحرارة المحبة للجميع.
إن خطابك يا شيخنا الحبيب هو خطاب تاريخي جامع، لقد حمل بين طياته كل ما تحمل الإنسانية من معاني جلية، تدل على سمو خلقك ونبل مقصدك ومرؤتك وطيبتك وشجاعتك وسائر المكارم التي يتصف بها الأبطال.كان كلامك نورا للعقول الغارقة في الظلام وشفاء لما في الصدور، وأتمنى أن يدركوا ما قلت، بل أيقنوا أنهم مغلوبون لا محالة ما دام نحن على حق وما دمت أنت فينا شاهدا ودليلا بحجتك وسحر بيانك!
لقد حطمت في هذا الخطاب كل القيود التي تكبّلت فيها الشيعة في عصور الظلمات الطويلة، كما أوضحت كل الخفايا التاريخية في حياة هؤلاء الأصنام التي تعبد من دون الله، كما أن هذا الخطاب بمثابة مفتاح لباب فتح على مصراعيه فيه الخير والرجاء كي يدخلوا فيه مستبشرين ومستغفرين، فمن دخل فيه فقد نجى ومن تخلف هلك. كان حديثك حديث رحمة ومن سلامة قلب وصفاء النية التي لو مثلتها لما أحسنت لها تشبيها بدموع الليل وأنداء الفجر لأنها تنبع من قلب سليم طاهر يريد الخير للغير وهو إنقاذ الأمة البكرية من الضلالة «هل جزاء الإحسان إلا الإحسان».
إن ما قاموا به الثلة المؤمنة من الرافضة الأبرار من مسيرة برائية إنما هي ضرورة من ضروريات عقيدتنا لا يكون القعود دونها إلا تخاذلا، والمسيرة هذا العام أضفي عليها وجها آخراً مشرقاً بفضل الكوكبة التي تتقدم المسيرة من رجال الدين الأفاضل وهذا ما كنا نتمناه من قبل، اعطوا المسيرة هيبة ووقار، مما جعل المتربصون يعملون ألف حساب، فلقد كسرت أنوف الأعداء وفقأت عيونهم وقلبت ظهورهم على بطونهم. إننا لن نستسلم إطلاقا لأعدائنا نموت من أجل الحق واقفين على قدمينا بكبرياء وعناد وتحدي وكفى بهذا التحدي احتجاجا وخروجا على الباطل وأهله.
وغريبة الغرائب أن يدعي الواحد منهم (أي البتربة) أنه على دين أهل البيت ثم يغضب لنفسه ويصرخ صرخة المبتلى اذا مست مصلحته بشيء ولو من بعيد، ولا يغضب إذا انتهكت حرمات الله وشريعة رسوله! فالركوع والسجود ما هو من دين النبي صلى الله عليه وآله في شيء إذا لم ينظر المصلي للباطل بعيني ثائر مغامر.
إن دين الله الحق هو عمل وجهاد وكفاح. إنه دماء وعيال وأرواح تبذل ثمنا له، وهذا ما لمسناه في مسيرتنا. عوائل بصغارها وكبارها شباب ورجال ونساء وأرامل ليس لها معيل أتت من أماكن بعيدة في منتصف الليل لوحدها، ترعاها عين فاطمة وولدها الحجة عليهما السلام، لتلتقي بالجموع للمشاركة ابتغاء وجه الله ورضا أهل البيت عليهم السلام.
أسأل الله أن يتقبل من الجميع وأن يرزقهم شفاعة الحسين يوم الورود وأن يجعل لهم قدم صدق مع الحسين وأصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليه السلام.
بقلم: أم علي الأمارة