الشيعة في مواجهة تهويد وتحريف الدين الإسلامي - قصة كفاح تاريخية -
ملخّص الجلسة السادسة عشرة:
الحقائق التي تتوالى في بيان ما كان يربط عمر الخطاب بكعب الأحبار عليهما لعائن الله؛ سوف تكشف للعامة جوانب لم تكن معلومةً من ذي قبل، وسوف ترسّخ هذه الحقيقة في الأذهان أن الطاغية الثاني كان شخصيةً محوريةً أساسيةً من شخصيات تهويد الدين الإسلامي، وأنها لعبت دوراً أساسياً ومحورياً في هذا السياق.
لقد عرفتم -في الجلسة الماضية- كيف أن عمر بن الخطاب أباح لكعب الأحبار أن يتلو التوراة المحرّفة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، ويبث ما حملته من أكاذيب وخرافات/ وكان من نتائجها أن من تلقى ذلك عن كعب الأحبار من المسلمين اعتقدوا -مثلاً- بحلية أكل وصيد الجراد للمحرِم بدعوى أنه من صيد البحر.
إن عمر قد أمر كعب الأحبار بأن يقرأ التوراة مع ظهور أنه لم تفارقه اليهودية! ومع ذلك سمح له بأن يقرأ هذه التوراة. فكيف نعرف أن اليهودية لم تفارق كعبا؟ مما رواه أهل الخلاف أنفسهم.
يروي الطبري في تفسيره في المجلد 20 ص281:
عن أبي وائل قال: جاء رجل إلى عبد الله -هو ابن مسعود- فقال: من أين جئت؟ قال: من الشام. قال: مَنْ لقيت؟ قال: لقيت كعبًا. قال: ما حدثك كعب؟ قال: حدثني أن السماوات تدور على مِنْكَب مَلَك. قال: أفصدقته أو كذبته؟ قال: ما صدقته ولا كذبته. قال: لوددت أنك افتديت مَن رحلتك إليه براحلتك ورَحْلِها، كَذَب كعب. إن الله تعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ}.
وعن مغيرة، عن إبراهيم، قال: ذهب جندب البجلي إلى كعب الأحبار، فقدم عليه ثم رجع، فقال له عبد الله: حدثنا ما حدثك، فقال: حدثني أن السماء في قطب كقطب الرحا، والقطب عمود على منكب مَلَك، قال عبد الله: لوددت أنك افتديت رحلتك بمثل راحلتك، ثم قال: ما تنتكت اليهودية في قلب عبدٍ فكادت أن تفارقه، ثم قال: "إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا" كفى بها زوالاً أن تدور.
عبد الله بن مسعود يشهد بأن اليهودية لم تفارق، فهذا المفهوم الذي ذكره كعب الأحبار مخالف للقرآن وأنه من التسربات اليهودية مما يحمله كعب منها، وكذّبه صريحاً كما في الخبر الأول، وفي الثاني أعطى ما يمكن أن يكون قاعدةً وهو "ما تنتكت اليهودية في قلب عبدٍ فكادت أن تفارقه". أي أثّرت في قلبه ولا تكاد تفارقه، حتى لو أظهر الإسلام .. وبعبارة أخرى؛ إن كعب الأحبار ذو قلب يهودي ولا يستطيع أن يفارق اليهودية.
إذن؛ كان واضحاً متضحاً لمجتمع أصحاب النبي صلى الله عليه وآله أن كعب الأحبار لم تفارقه اليهودية، وهنا يحاسب عمر بن الخطاب ويدان لإباحته لمن هو ظاهر عليه وتعلم أنه لم يفارق اليهودية أن يحدّث الناس وأن يفتيهم وأن يقرأ التوراة المحرّفة تصديقاً منك له بأنها لم تحرّف! -كما مر في الجلسة الماضية-.
لمزيد من التفصيل راجع الجلسة السادسة عشرة من الليالي الرمضانية لسنة 1438: