الشيعة في مواجهة تهويد وتحريف الدين الإسلامي - قصة كفاح تاريخية -
ملخّص الجلسة الرابعة عشرة:
قد عرفنا في الجلسة السابقة أن الطاغية الثاني عمر بن الخطاب لعنه الله كان له اعتقادٌ شديدٌ في كعب الأحبار اليهودي لعنه الله، ومن صور هذا الاعتقاد الشديد أنه كان يعتمد على ما يعلّمه إياه كعب الأحبار من عبادةٍ ودعاءٍ، حتى أن ابن عباس لما أخبر عمر بأن كعب الأحبار قال أنه من يقول حين سماعه الرعد (سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته)؛ تحسّر عمر كثيراً وقال "فهلا أعلمتمونا حتى نقوله".
ومعنى ذلك أن عمر يأتم بكعب الأحبار في دينه، وكيف لا وهو كان يكاتبه ويستفيته ويسأله عن دينه، بل وأكثر من هذا! فقد نصب عمر بن الخطاب كعب الأحبار مفتياً للأمة!
وهذا شاهدٌ على هذا الذي نقول، وهو شاهد مضحكٌ مبكٍ في الوقت ذاته.
ونذكّركم أولاً بالآية الكريمة التي جاءت في سورة المائدة: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ ۖ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُون}.
المحرم في طريق الحج أو العمرة لا يجوز له أكل الصيد، وهذا حكم معلومٌ في الشريعة الإسلامية الغرّاء. ولكننا سنكتشف أن كعب الأحبار أجاز لمن كان محرماً أن يأكل الصيد إذا لم يكن المحرِم قد اصطاده بنفسه، وأجاز صيد وأكل الجراد! فما وجه افتاءه هذا؟ وعلى أي شيء استند؟ وكيف أمضى عمر فتوى كعب الأحبار بل ونصبه مفتيا!
في موطأ مالك بن أنس في كتاب الحج باب ما يجوز للمحرم أن يأكل من الصيد: "عن عطاء بن يسار أن كعب الأحبار أقبل من الشام في ركب حتى إذا كانوا ببعض الطريق وجدوا لحم صيد فأفتاهم كعب بأكله قال فلما قدموا على عمر بن الخطاب بالمدينة ذكروا ذلك له فقال من أفتاكم بهذا قالوا كعب قال فإني قد أمرته عليكم حتى ترجعوا ثم لما كانوا ببعض طريق مكة مرت بهم رجل من جراد فأفتاهم كعب أن يأخذوه فيأكلوه فلما قدموا على عمر بن الخطاب ذكروا له ذلك فقال ما حملك على أن تفتيهم بهذا قال هو من صيد البحر قال وما يدريك؟ قال يا أمير المؤمنين والذي نفسي بيده إن هي إلا نثرة حوت ينثره في كل عام مرتين".
هذه المعلومة التي قالها كعب الأحبار لعمر بن الخطاب لعنهما الله تحوّل إلى حديثٍ عن رسول الله صلى الله عليه وآله، عن طريق تلميذ كعب الأحبار وهو أنس بن مالك.
في سنن ابن ماجة برقم 3221: "عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا دعا على الجراد قال: "اللهم أهلك كباره واقتل صغاره وأفسد بيضه واقطع دابره وخذ بأفواهها عن معايشنا وأرزاقنا إنك سميع الدعاء". فقال رجل: يا رسول الله، كيف تدعو على جند من أجناد الله بقطع دابره؟ قال: إن الجراد نثرة الحوت في البحر.
وهنالك تتمة لهذه الرواية فيها: قال هشام، قال زياد: فحدثني من يرى الحوت ينثره!
وفي رواية أخرى يرويها أحد تلامذة كعب الأحبار البارزين وهو أبو هريرة لعنه الله موجودةٌ في سنن أبي داوود برقم 1616، وفي سنن البيهقي برقم 1015: "عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال الجراد من صيد البحر".
لمزيد من التفصيل راجع الجلسة الرابعة عشرة من الليالي الرمضانية لسنة 1438: