الشيعة في مواجهة تهويد وتحريف الدين الإسلامي - قصة كفاح تاريخية -
ملخّص الجلسة الثالثة عشرة:
قد عرفنا أنه بلغ من تولّع وافتتان عمر بن الخطاب بشخصية كعب الأحبار اليهودي عليهما اللعنة أنه كان يكتب إليه ويأخذ برأيه. فقد روى ابن الجوزي في كتابه كتابه المنتظم في تاريخ الملوك والأمم المجلد 8 ص70:
"عن ابن عائشة كتب عمر بن الخطاب إلى كعب الأحبار اختر لي المنازل فكتب إليه: يا أمير المؤمنين، إنه بلغنا أن الأشياء اجتمعت فقال السخاء: أريد اليمن، فقال حسن الخلق: أنا معك. وقال الجفاء: أريد الحجاز، فقال الفقر: وأنا معك. وقال البأس: أريد الشام، فقال السيف: وأنا معك. وقال العلم: أريد العراق، فقال العقل: وأنا معك. وقال الغني: أريد مصر، فقال الذل: وأنا معك. فاختر لنفسك يا أمير المؤمنين. فلما ورود الكتاب على عمر بن الخطاب قال: فالعراق إذاً، فالعراق إذاً".
فالرجل إذاً كان يكتب إلى كعب الأحبار ويأخذ برأيه وبتوجيهاته.
هنالك حديث آخر يدلنا على هذه الحقيقة والارتباط القوي ما بين الطرفين، كما يدلنا على مقدار ما يحمله عمر بن الخطاب في نفسه من تقديرٍ واحترامٍ وقناعةٍ بالمنزلة الدينية لكعب الأحبار، بحيث إنه إذا ما قال كعب شيئاً وزعم أنه يُدعى به الى الله عز وجل فإن عمر يسارع ويأخذ به، وهذا كاشف بطبيعة الحال عن مدى اقتناع عمر بن الخطاب بكعب الأحبار بأنه ذو رتبة دينية، وأن له اعتقاد به.
في كتاب الدعاء للطبراني إمام أهل الخلاف برقم 910: عن عبد الله بن عباس قال كنا مع عمر بن الخطاب في سفر فأصابنا رعد وبرق وبرد، فقال لنا كعب: من قال حين يسمع الرعد: سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ثلاثا عوفي مما يكون في ذلك الرعد، قال ابن عباس: فقلنا فعوفينا، ثم لقيت عمر بن الخطاب في بعض الطريق فإذا بردة أصابت أنفه فأثرت به فقلت: يا أمير المؤمنين ما هذا ؟ فقال: بردة أصابت أنفي فأثرت بي، فقلت: إن كعبا حين سمع الرعد قال لنا : من قال حين يسمع الرعد: سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته عوفي مما يكون في ذلك الرعد، فقلنا فعوفينا، فقال عمر: فهلا أعلمتمونا حتى نقوله).
معنى ذلك أن عمر بن الخطاب يأتم بكعب الأحبار ويعتقد بأن له منزلةً دينية بالحد الذي يقتدى به ويتأسى به ويؤخذ منه الذكر الصحيح في المواقف الصحيحة! وعمر يسارع لفعل هذا وينكر على ابن عباس أنه لم يبلغه هذه المعلومة من كعب الأحبار قبل أن يصاب بالبردة التي أصابت أنفه.
تعليق:
من الواضح أن هذا الذكر الذي زعم كعب أن من قرأه ثلاثاً لا يصب بشيء، هذا الذكر لم يؤثر من النبي، فهو ليس من تعاليمه. والفرقة البكرية والوهابية على وجه الخصوص حساسة جداً تجاه أي ذكر أو أي دعاء يُنضم وينشأ ويزعم أن له أثراً ما، إذا يقولون ما دام أنه ليس مأثوراً عن النبي فإنه بدعة وينهون عن ذلك ويشنون الحملات على ذلك.
كلامهم يحمل حقاً وباطلاً: أما الحق، فنعم إذا ما أنشأ الإنسان دعاءً ورتّب عليه أثراً دون نطقٍ من الشريعة فهذا لا يبعد عن البدعة، أما إذا أنشأ دعاء وداوم عليه وأنه وجد الأثر بالاستجابة فلا إشكال فيه. أما إذا زعم أنه من الدين ومن رسول الله فيكون من باب الكذب على النبي صلى الله عليه وآله والابتداع فيه.
لمزيد التفصيل راجع الجلسة الثالثة عشرة من الليالي الرمضانية لسنة 1438: