بعد اقترابه من الحلقات الأخيرة في سلسلة الرد على الضجة المفتعلة من أنصار عائشة، وثباته على مستواه في الرد على الأكاذيب والافتراءات التي طالته وطالت المؤمنين بهذا المنهج، واصل سماحة الشيخ الحبيب في الجلسة الرابعة والعشرين أجوبته وتعليقاته على الرسائل الواردة لمكتب سماحته.
وكانت أولى الرسائل المستعرضة في هذه الجلسة هي رسالة الأخ (أبو فاطمة) الذي شكرَ بدوره الشيخ الحبيب على ما يقدّمه لعقيدة أهل البيت عليهم السلام، ووجّه نصيحته إلى الانبطاحيين الشيعة بأن لا يسيروا في مسعى استرضاء المخالفين لأنه طريق مسدود سوف ينصدمون في نهايته بعدم رضا المخالفين عنهم إلا إذا اتبعوا ملتهم وفقـًا للآية الكريمة {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} والتي تشمل قاعدتها كل الملل والأديان الأرضية والمحرّفة، مرشدًا إياهم إلى مسلك الشيخ الحبيب لأن الأمر سيّان عند الطرف المخالف الذي يرى نفسه على الحق ويستبطن في داخله البغض لكل ما هو شيعي، إلا أن المسلك الثاني يفرض قوته عليه عبر امتلاكه المعلومة وقدرته على إخضاعهم إليه وغزوهم في عقر دارهم، وختم الأخ الكريم رسالته بالدعوة للشيخ الحبيب بأن يدوم محروسًا في حفظ الله ورعايته.
من جهته شكرَ سماحة الشيخ الحبيب الأخ المرسل، وعبّر عن رسالته بأنها رسالة تثلج الصدر، ثم أكد سماحته على صحة ما جاء فيها من استنتاجات، بتفصيل سلس وصريح مع شواهد بيّنة من أرض الواقع المعاصر، منتقدا «حفظه الله» تأصل الإنهزامية في الطرف الشيعي تجاه المخالف.
أما الرسالة الثانية المستعرضة في هذه الجلسة فكانت رسالة الأخ "لؤي زيدان" من كندا، والذي افتتح رسالته بعد السلام والتحية بلعن أبي بكر وعمر والدعاء لسماحة الشيخ الحبيب والثناء عليه لما يقدمه من ضربات موجعة للمخالفين النواصب والبتريين والإنهزاميين، طالبًا من سماحة الشيخ قبول الاستضافة في إحدى غرف البالتوك للرد على من يزعمون أنفسهم شيعة وهم يعملون على تشويه صورة الشيخ، مؤكدا أنه ومن معه سيكونون في خدمة قناة فدك الفضائية.
من جانبه أجاب الشيخ الحبيب على هذه الرسالة بعد رد التحية الولائية والبرائية والسلام بشكر المرسل الكريم، واعتذاره عن قبول الدعوة كغيرها من الدعوات إلى دخول غرف البالتوك وذلك لضيق الوقت وعدم التفرغ لمثل هذه الأمور.
وفيما تبقى من وقت الجلسة رد سماحته الشبهة الواهية التي يطرحها المناوئون الداخليون من أعداء (منهج تعرية رموز الباطل لدى الملل والأديان الأخرى) والتي يروجون لها بكل خبث وتجرد من الحياء، ألا وهي شبهة أن هذا المنهج التبليغي يسبب سفك دماء الشيعة.
وأكد الشيخ على أن الواقع يثبت عكس ذلك بالأدلة والبراهين حيث أن الأمر واضح بأن منهج المناوئين للاحتفال بذكرى هلاك عائشة من دجّالي السياسة والأحزاب الفاشلة هو المنهج الذي يسبّب الحوادث الإجرامية التي تطال شيعة أهل البيت عليهم السلام، بالإضافة إلى أن الأمر جلي لكل من له عقل بأن الجرائم ضد هذه الطائفة المغلوبة على أمرها كانت موجودة قبل أن تنطلق مسيرة هيئة خدام المهدي عليه السلام في الكويت، بل قبل أن يولد مؤسسها أصلا.
وكأمثلة معاصرة فإن الثورة الإيرانية كانت مما أشعل عداء المخالفين ضد الشيعة والحال كذلك مع وصول الشيعة للحكم في العراق، كما أن الحال أجلى بكثير في الشخصيات التي يقدسها المناوئون ولكنهم لا يوجّهون سهام اللوم إليها لما يشاهدونه من واقع تسببها في سفك دماء الشيعة بل أنهم يبررون لها أفعالها ويفلسفونها ليبقى أصحاب منهج إظهار البراءة من الخصوم العقائدين هم الملامون الوحيدون في الساحة.
وكأبرز مثال لا يحتاج إلى نقاش فأن حسن نصر الله قام في تموز 2006 بأسر جنديين صهيونيين، فقام الكيان الصهيوني اللعين بشن حرب طاحنة ضد الشيعة في جنوب لبنان دكّ فيها الأرض دكًا وقصف المنازل والبنايات والمدارس وهدّها على رؤوس أصحابها وراح ضحية ذلك المئات من الرجال والنساء والأطفال.
ثم استشهد سماحة الشيخ بقول الشاعر:
فلست براءٍ عيب ذي الود كله.. ولا بعض ما فيه إذا كنت راضيا
فعين الرضا عن كل عيب كليلة.. لكن عين السخط تبدي المساويا
مؤكدا سماحته انطباق هذه الأبيات على الذين لا يخافون الله تعالى بتوجههم فقط إلى أنصار هذا المنهج العقائدي بالملامة والحرب الشعواء بداعي الدعوة إلى عدم مخالفة التقيّة كي لا تسفك الدماء، بينما لا يوجّهون كلامهم نفسه إلى حسن نصر الله وأضرابه السياسيين لعدم عملهم بالتقيّة وتسببهم في سفك دماء الشيعة.
وفي ختام الجلسة ردّ الشيخ الحبيب على الإشاعة المغرضة التي روّجها السائرون في فلك النظام الإيراني بأن الاحتفال بذكرى هلاك عائشة في لندن قد تسبّب بقتل شيعة في باكستان كانوا خارجين في مسيرات يحركها المرتبطون بنظام طهران بالضحك على ذقون السذجة والبسطاء في كل عام فيما يسمى عندهم "يوم القدس العالمي" الذي يتمخطرون فيه عند سفارات الدول الغربية بإحراق العلم الأمريكي والهتاف بشعار ”الموت لأمريكا“ وهم يرتدون بناطيل ”الجينز“ ويدخنون ”الماربورو“ ثم يعودون ويركبون سياراتهم الأمريكية وكأنهم قد حرروا فلسطين!
فأجاب سماحته في رد هذه التهمة المفضوحة بما صرّحت به الجهة المنفذة للهجوم، ناقلا نص الخبر الذي نشره موقع قناة بي بي سي العربية في 3 سبتمبر 2010، حيث كان عنوان الخبر ”طالبان باكستان تتبنى تفجيرات لاهور“، والتي أرجع الناطق باسم أحد قادتها سبب التفجيرات إلى مقتل جماعة من البكريين في باكستان.
كما أكد الشيخ أن إتيانه بهذا المثال ليس معناه بأنه ضد المقاومة في جنوب لبنان، إلا أنه يريد أن يوصل رسالته بأن التضحية بالدماء – إن جرت – فالأولى أن تجري لتحرير العقيدة الإسلامية من الشوائب أكثر من أن تبذل لتحرير الأرض وتغيير الخرائط الجغرافية.