نقول: ثم على التنزل والقول بإجراء التزاحم والأهم والمهم فإن ذلك ينبغي ملاحظته في أصل تشريع الحكم قبل الوصول إلى نوبة المورد أو الموارد، والملاحظة هناك تقضي بأن حفظ النفس لا يزاحم قتل الغير في الأهمية والأولوية. ذلك لأن أدلة الشرع وافرة في استعظام تعمد قتل المؤمن وتحريمه والوعيد عليه بأشد ما هنالك لقوله تعالى (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) وقوله سبحانه (مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) فيما الأدلة على حرمة تعريض النفس للقتل لم تبلغ من الاستعظام والوعيد هذه الدرجة فلاحظ قوله تعالى (وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا () وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا) فلاحظ قوله تعالى المشفوع بما ورد عنهم عليهم السلام من أن سبب نزولها أن الرجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله كان يخاطر بنفسه في القتال فيحمل وحده على العدو ويقاتل من لا يطيق بلا أمر منه صلى الله عليه وآله فيُقتل، وأن المسلمين كانوا يدخلون على عدوهم في المغارات فيتمكن منهم عدوهم فيقتلهم كيف يشاء فنهاهم الله عن ذلك إذ هو قتلٌ لأنفسهم.
* فرعٌ في إطلاق كلمة (الدم):
قد يقال بأن الدم على إطلاقٍ يعم كل نفسٍ محترمة فيشمل مثل الكافر الذمي والمخالف إلا أنه يقال أن هذا الإطلاق منصرف إلى دم المؤمن خاصة ضرورة أن التقية إنما شرعت لحفظ المؤمنين خاصة ولسان أحاديث التقية في ذلك كقول الصادق عليه السلام (التقية ترس المؤمنين والتقية حرز المؤمن ولا إيمان لا تقية له) وقوله عليه السلام (كان أبي عليه السلام يقول: وأي شيء أقر لعيني من التقية إن التقية جُنّة المؤمن). وما عن أمير المؤمنين عليه السلام (وإياك إياك أن تترك التقية التي آمرك بها فإنك شائط بدمك ودماء إخوانك) إلى غيرها ما هو ظاهر في هذا الاختصاص.
* الآراء والنتائج التي يُنتهى إليها في هذا الدرس هي في مقام البحث العلمي فقط ولا يجوز العمل بها إن لم تطابق فتوى المرجع.