• قد يتراجع البعض منا إذا ما سمع صيحة من أهل الخلاف تجاه كلمةٍ في محاضرةٍ ما لأحدنا في رموزه، فيظهر انكسارا أو يقدم اعتذارا، وهذا كله غير سائغ، بل يجب على الجميع التعلم من عمار بن ياسر في موقفه مع عمرو بن العاص في وقعة صفين حينما شبّهه بفرعون.
• لماذا لم يحسب عمار هذه الحسابات من حفظ الشيعة والتشيع وحقن دمائهم وهو يجيب على أسئلة عمرو بن العاص بلغة حادة؟ قد كان بإمكانه أن يتكلم بلغة هادئة ليحقن الدماء وأن لا يعطي عمروًا ما يستفيد به لتأليب أهل الشام على عليٍ عليه السلام وأصحابه، إلا أنه لم يفعل ذلك لأنه لم يكن قاصر النظر.
• فلو أعطى عمروا ما يخصم به نفسه بالتحدث باللغة الاستسلامية لأفضى ذلك إلى عكس ما يريده من حقن الدماء. فكثيرا ما إذا أشعرت خصمك بأنك تراوغ ومضطرب وتقول خلاف ما هو الحق وما هو معلوم ضرورة من معتقدك، فكثيرا ما يؤدي ذلك بالخصم إلى أن يستكلب ويحمل عليك أكثر، لأنه يلحظ بانك في لحظة انكسار.
• وهذا ما حصل في زماننا -مع الأسف- من قبل الحمقى والسفهاء كما سماهم الأئمة عليهم السلام إذ قالوا: إن السفهاء من لا يوجبون أمرا بمعروف ولا نهيا عن منكر إلا إذا أمنوا الضرر.
• يظن هؤلاء السفهاء أنهم إذا تحدثوا بما هو المعلوم بطلانه في ديننا نحن الشيعة فإنهم يحقنون دماء الشيعة بذلك، كما لو جاء مخالف إليهم في مجلس أو مناظرة أو محاورة تلفزيونية أو ما أشبه؛ وسألهم عن أبي بكر وعمر -مثلا- فإنهم يقدمون أجوبة معلوم بداهة لمن لديه أدنى اطلاع بمعتقدات الشيعة أنها أجوبة باطلة.
• حين تقديم أجوبة باطلة؛ فإنه تتكون لدى خصمك انطباع أنك الآن في لحظة ضعف وانكسار وانهزام وإلا لما تحدثت به باللغة الضعيفة، فينقض عليك أكثر.
• أحد صبيان النظام الخامنئي وهو محمد علي التسخيري كانت له مقابلة مع إحدى الصحف الكويتية ووجّه له سؤالا عن موقف الشيعة من عمر بن الخطاب وقاتله أبي لؤلؤة النهاوندي، فأجاب بأن الشيعة يعتبرون عمر بن الخطاب مقتول ظلما ويدينون ذلك!! وأنهم يدينون أبا لؤلؤة.
• تكلم التسخيري بهذا الكلام وهو مسنود من نظام متجبر ويظهر قوته في المنطقة، لكنه في حقيقته يعيش أزمة نفسية، وعقدة الحقارة أما المخالف، ولذلك لا ينتصر. فقد أرادوا بهذا الكلام ضمان امتدادهم الإقليمي أكثر وأن ينفتح عليهم المخالفون فيتوسع أكثر في المنطقة، إلا أنهم صفعوا بالنعال.
• إذا أراد أحدا أن يقيّم التيارات والمناهج الشيعية المعاصرة وأن يحكم عليها ويكتشف أيها أقرب إلى التشيع الأصيل، فكل الذي عليه يقرأ وأن يطالع أكثر وأن يغوص في أعماق التأريخ الشيعي، ولا محالة أنه سيكتشف أن هذا المنهج الذي نحن عليه هو الأقرب إلى هذه اللغة والسلوك كلغة عمار بن ياسر.
• في وقعة صفين لابن مزاحم: فقام أهل الشام ولهم زجل فركبوا خيولهم فرجعوا، وقام عمار وأصحابه فركبوا خيولهم ورجعوا، فبلغ معاوية ما كان بينهم فقال: هلكت العرب إن أخذتهم خفة العبد الأسود يعني عمار بن ياسر. قال نصر: فحدثنا عمرو بن شمر قال: وخرج إلى القتال، وصفت الخيول بعضها لبعض، وزحف الناس، وعلى عمار درع بيضاء وهو يقول: أيها الناس، الرواح إلى الجنة