• في وقعة صفين لابن مزاحم: فقال ذو الكلاع: أقسم بالله لئن بسطت يدك إليه لأخطمن أنفك بالسيف. ابن عمي وجاري عقدت له بذمتي، وجئت به إليكما ليخبركما عما تماريتم فيه. قال له عمرو بن العاص: أذكرك بالله يا أبا نوح إلا ما صدقتنا، ولم تكذبنا، أفيكم عمار بن ياسر؟ فقال له أبو نوح: ما أنا بمخبرك عنه حتى تخبرني لم تسألني عنه، فإنا معنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه عدة غيره، وكلهم جاد على قتالكم.
• قال عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول: "إن عمارا تقتله الفئة الباغية، وإنه ليس ينبغي لعمار أن يفارق الحق ولن تأكل النار منه شيئا". فقال أبو نوح: لا إله إلا الله والله أكبر، والله إنه لفينا، جاد على قتالكم. فقال عمرو: والله إنه لجاد على قتالنا؟
• فقال عمرو: والله إنه لجاد على قتالنا؟ قال: نعم والله الذي لا إله إلا هو، ولقد حدثني يوم الجمل أنا سنظهر عليهم، ولقد حدثني أمس أن لو ضربتمونا حتى تبلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا أنا على حق وأنهم على باطل ولكانت قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار. فقال له عمرو: فهل تستطيع أن تجمع بيني وبينه؟ قال: نعم.
• ما نستفيده من هذا الموقف أنك إذا كنت في نفس هذا المقام فليس لك أن تستعمل التقية، بل عليك أن تتحمل ما يصيبك، وفي كثير من الأحيان يدفع الله عز وجل عنك ببركة تصيدك لأعدائه.
• تكملة الرواية: فلما أراد أن يبلغه أصحابه ركب عمرو بن العاص، وابناه، وعتبة بن أبي سفيان، وذو الكلاع، وأبو الأعور السلمي، وحوشب، والوليد بن عقبة بن أبي معيط، فانطلقوا حتى أتوا خيولهم. وسار أبو نوح ومعه شرحبيل بن ذي الكلاع حتى انتهيا إلى أصحابه فذهب أبو نوح إلى عمار فوجده قاعدا مع أصحاب له، منهم ابنا بديل وهاشم، والأشتر، وجارية بن المثنى، وخالد بن المعمر، وعبد الله بن حجل، وعبد الله بن العباس.
• وقال أبو نوح: إنه دعاني ذو الكلاع وهو ذو رحم فقال: أخبرني عن عمار ابن ياسر، أفيكم هو؟ قلت: لم تسأل؟ قال: أخبرني عمرو بن العاص في إمرة عمر بن الخطاب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه يقول: " يلتقي أهل الشام وأهل العراق وعمار في أهل الحق يقتله الفئة الباغية. فقلت: إن عمارا فينا. فسألني: أجاد هو على قتالنا؟ فقلت: نعم والله، أجد مني، ولوددت أنكم خلق واحد فذبحتكم وبدأت بك يا ذا الكلاع. فضحك عمار وقال: هل يسرك ذلك؟ قال: قلت نعم.
• قال أبو نوح: أخبرني الساعة عمرو ابن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه يقول: "عمار يقتله الفئة الباغية". قال عمار: أقررته بذلك؟ قال: نعم أقررته فأقر. فقال عمار: صدق، وليضرنه ما سمع ولا ينفعه. ثم قال أبو نوح لعمار ونحن اثنا عشر رجلا: فإنه يريد أن يلقاك.
فقال عمار لأصحابه: اركبوا. فركبوا وساروا ثم بعثنا إليهم فارسا من عبد القيس يسمى عوف بن بشر، فذهب حتى كان قريبا من القوم، ثم نادى: أين عمرو بن العاص؟ قالوا: هاهنا. فأخبره بمكان عمار وخيله. قال عمرو: قل له فليسر إلينا. قال عوف: إنه يخاف غدراتك. فقال له عمرو: ما أجرأك على وأنت على هذه الحال! فقال له عوف: جرأني عليك بصيرتي فيك وفي أصحابك.