ما ردكم على من يشنع على السيد المرجع الشيرازي دام ظله لنسبته مقولة (إن لنا مع الله حالات) إلى كتاب مصباح الشريعة؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته (لنا مع الله حالات نكون نحن هو وهو نحن ) رأينا جواب لسماحة الشيخ يقول هذي رواية موجوده في كتب الصوفية في كتاب مصباح الشريعة و رأينا السيد المرجع كذلك أجاب بنفس الجواب . وأيضاً السيد المرعشي النجفي يقول كذلك . بعض الحسابات في التواصل الاجتماعي يشنعون على السيد المرجع ان هذه الرواية ليست موجوده في كتاب مصباح الشريعة . هل لديكم نص الرواية في كتاب مصباح الشريعة . سوف أكون لكم من الشاكرين اذا بعثتوها لنا . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

جواب المكتب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ما جاء في جواب المكتب هو نقل لكلام السيد المرعشي النجفي قدس سره في إحقاق الحق.
 
والاشتباه في كون الرواية موجودة في مصباح الشريعة ناشئ عن عبارة السيد المرعشي النجفي "قدس سره" حيث قال في كتابه شرح إحقاق الحق، ج1 ص184: (رأيت بعض من كان يدّعي الفضل منهم (أي من العرفاء) يجعل بضاعة ترويج مسلكه أمثال ما يعزى إليهم عليهم السلام "لنا مع الله حالات فيها هو نحن ونحن هو" وما درى المسكين في العلم والتتبع والتثبت والضبط أن كتاب مصباح الشريعة وما يشبهه من الكتب المودعة فيها أمثال هذه المناكير مما لفقتها أيادي المتصوّفة في الأعصار السالفة وأبقتها لنا تراثاً...).
 
فكما تلاحظ أن عبارة السيد المرعشي وقوله: (أن كتاب مصباح الشريعة...) تُوهِم المتلقي بوجود الرواية في هذا الكتاب بدون الالتفات لقوله قدس سره: (وما يشبهه من الكتب المودعة) قبل أن يشير إلى كون "الرواية وأمثالها" من المناكير التي لفقها المتصوفة.

فهو هنا يقصد مجموعة من كتب الصوفية ومن ضمنها كتاب "مصباح الشريعة" بقرينة قوله: (وما يشبهه من الكتب المودعة) ويعني كذلك عدة روايات صوفية المصدر بقرينة قوله: (أمثال هذه المناكير) وإن كان المقصود تضعيف الرواية بذاتها، ولكن تقديمه لكتاب "مصباح الشريعة" المشتمل على روايات صوفية (كمثال على تلك الكتب الزائغة) هو ما أوجد هذا الاشتباه في كون الرواية المعنيّة موجودة فيه.

وأمثال هذه الاشتباهات واردة فلا مبرر للتشنيع على ذلك، فغير مُستغرب أن العلماء أو طلبة العلم أن يركنوا إلى ما ينقله السيد المرعشي رحمه الله فهو رجل موسوعي اطلع على مخطوطات كثيرة، واحتمال وجود نصٍ ما في نسخةٍ مخطوطة غير مُتداولة وسقوطه من النُّسخ المُتداولة هو أمر غير بعيد ولا عزيز.

ثم ليس يعني عدم وجود الرواية في هذا الكتاب صحتها أو اعتبارها أو عدم كونها من تلفيقات المتصوفة.

وكذلك الحال بالنسبة للكتاب نفسه (أي مصباح الشريعة) فعدم وجود الرواية فيه لا ينفي كونه كتابا "غير معتبر" ولا ينفي أنَّ جملةً من رواياته على مذاق المتصوفة وهذا ما صرّح به العلماء كالعلامة المجلسي رحمه الله وغيره.

فلم يُخْطِئ سماحة السيد المرجع الشيرازي دام ظله ولا الشيخ الحبيب أو مكتب سماحته في نسبة الحديث إلى الصوفية ومصادرهم وأنه على مذاق المتصوفة ويوافق مشربهم واعتقادهم بوحدة الوجود ويتناغم مع لغتهم وطريقتهم لاسيما عندما يفسِّرون ذلك كلّه بالكثرة في عين الوحدة والوحدة في عين الكثرة، وكلمات ابن عربي مشحونة بأمثال ذلك مثل قوله: "الحق خلق والخلق حق والحق حق والخلق خلق" (مصباح الهداية، الخميني،114)
 
وأما عن مصدر هذا الحديث فلا وجود له في مصادرنا المعتبرة أبداً ولعل أول من ذكره كحديث هو الفيض الكاشاني المتوفى سنة 1091هـ، وبالتحديد في كتابه (الكلمات المكنونة، ص174) ولا وجود له قبل القرن الحادي عشر.

وقد تناقله الفلاسفة والعرفاء كحديث في كتبهم ومصنفاتهم ثم تسرّب إلى الداخل الشيعي ككثير من الروايات والمقولات الصوفية!

نعم كان في الأصل من كلمات المتصوّفة قبل تحويله إلى حديث يتداوله العرفاء فقد جاء في كتاب الفتوحات المكية لابن عربي قوله: (جعل الله النجوم لمن يهتدي بها في ظُلُماتِ الْبَرِّ والْبَحْرِ وهو نظر العامة والخواص في ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ تارة يقولون نحن نحن وهو هو وتارة يقولون هو نحن ونحن هو وتارة يقولون لا نحن نحن مخلصون ولا هو هو) (الفتوحات المكية، ج4 ص279-280)

وقال في موضع آخر: (فنقول نحن هو ما نحن هو بعد ما قلنا إذ أخرجنا من الظلمات إلى النور هو هو ونحن نحن) (الفتوحات المكية، ج3 ص412)
 
فكما تلاحظ إنّ عبارات ابن عربي هنا تُشاكل ما ورد في ذلك الحديث المنحول ولكنهم أضافوا إلى صدره عبارة (لنا مع الله حالات..) ثم نسبوه إلى الأئمة عليهم السلام كذبا وزوراً.

فمن ينسبه إلى المعصومين عليهم السلام كحديث ثابت الصدور أولى بالتشنيع عليهِ ممن نسبه إلى مصدر صوفي في اشتباهٍ معقول.

وفقكم الله لمراضيه.

مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى

16 ذو الحجة 1445 هجرية


ملاحظة: الإجابات صادرة عن المكتب لا عن الشيخ مباشرة إلا أن يتم ذكر ذلك. المكتب يبذل وسعه في تتبع آراء الشيخ ومراجعته قدر الإمكان.
شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp