بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بمراجعة الشيخ،

قال شيخ الطائفة الطوسي رحمه الله في كتاب المزار من كتاب التهذيب: «رسول الله صلى الله عليه وآله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، سيد المرسلين وخاتم النبيين صلى الله عليه وآله الطاهرين، كنيته أبو القاسم، ولد بمكة يوم الجمعة السابع عشر من شهر ربيع الأول في عام الفيل، وصدع بالرسالة في يوم السابع والعشرين من رجب، وله صلى الله عليه وآله أربعون سنة، وقُبض بالمدينة مسمومًا يوم الإثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة عشرة من الهجرة، وهو ابن ثلاث وستين سنة» (تهذيب الأحكام ج6 ص2).

وهذا هو قول مشهور الإمامية في قبال مشهور العامة القائلين بوفاته صلى الله عليه وآله في ربيع الأول، وهو الذي اختاره الكليني عليه الرحمة، ولذا استدرك عليه العلامة المجلسي عليه الرحمة فقال: «وأما ما ذكره من يوم وفاته صلى الله عليه وآله فقد بناه على ما هو المشهور بين المخالفين أيضا، والمشهور بيننا ما ذكره الشيخ في التهذيب وغيره في كتبهم أنه صلى الله عليه وآله قُبض مسمومًا يوم الإثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة عشر من الهجرة» (مرآة العقول ج5 ص174).

وأما ما يُظنَّ كونها رواية عن الباقر عليه السلام تؤرخ بليلتين خلتا من ربيع الأول؛ فما هي برواية، وإنما هي تتمة من كلام ابن الخشاب البغدادي الذي نقل عنه صاحب كشف الغمة مجموع الكلام بلا فصل، فاشتبه الأمر على الناقلين من بعد وظنوا الجميع روايةً عن الباقر عليه السلام. فلو رجعت إلى كتاب ابن الخشاب البغدادي لوجدت فيه هكذا: «وأخبرنا الذارع الزارع قال حدثنا صدقة بن موسى أبو العباس قال حدثنا أبي عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن حبيب السجستاني عن أبي جعفر الباقر محمد بن علي قالا: قُبض رسول الله صلى الله عليه وآله وهو ابن ثلاث وستين سنة في سنة عشر من الهجرة. (ذكر حالات النبي صلى الله عليه وآله) وكان مقامه بمكة أربعين سنة ثم نزل عليه الوحي في تمام الأربعين، وكان بمكة ثلاث عشرة سنة، ثم هاجر إلى المدينة وهو ابن ثلاث عشر سنين، وقبض صلى الله عليه وآله في شهر ربيع الأول يوم الاثنين لليلتين خلتا منه» (تاريخ ابن الخشاب ص6)، فكما ترى؛ إنما انتهت رواية الباقر عليه السلام عند قوله: «في سنة عشر من الهجرة»، وكذا رواية الصادق عليه السلام إذ ذكر البغدادي سندا إليه من قبل، وأما الزيادة فمن كلام ابن الخشاب على ما درج عليه في كتابه بعد أن يذكر روايات الأئمة عليهم السلام.

وأما الرواية المنسوبة إلى الرضا عليه السلام فهي أول رواية في كتاب الهداية الكبرى للخصيبي، وليس يؤخذ بما ينفرد به أو يوافق العامة لكونه من النصيرية لا منا، وفي رجاله من لا يوثق بروايته، على أن ثمة مخطوطة لكتابه جاء فيها لفظ الرواية هكذا: «وقُبض يوم الإثنين لليلتين بقيتا من صفر من آخر سنيِّ الهجرة» (تاريخ أهل البيت عليهم السلام للجلالي ص68). علاوة على أن في تعداده أسنادًا تنتهي إلى غير إمام ثم قوله: «فقالوا جميعا» ما يبعث على الارتياب وعدم الاطمئنان إلى سلامة اللفظ وضبطه.

فالمتعين ما عيَّنه شيخ الطائفة، وهو الذي نص عليه أستاذه المفيد رحمه الله في مسار الشيعة إذ قال: «ولليلتين بقيتا سنة عشر من الهجرة كانت وفاة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله» (مسار الشيعة ص27). وقال أيضا في الإرشاد: «وكان ذلك في يوم الإثنين لليلتين بقيتا من صفر» (الإرشاد ص189). وقال الراوندي عليه الرحمة: «وتوفي صلى الله عليه وآله لليلتين بقيتا من صفر سنة عشر من الهجرة» (قصص الأنبياء عليهم السلام ص359). وعلى هذا نص الأعلام الخبراء الذين يُركن إلى قولهم، فلا سبيل للقول بغيره.

وفقكم الله لمراضيه.

مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى

15 ربيع الآخر 1445 هجرية

شارك الإجابة على