هل انفرد الشيخ الحبيب بمقالة أن ما كان بين موسى والخضر عليهما السلام هو تصوير لتوفير الداعي الإلهي؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

1-هل انفرد الشيخ الحبيب بمقالة : أن ما كان بين موسى والخضر (ع) هو تصوير لتوفير الداعي الإلهي ، حيث إن موسى كان يعلم ما سيفعله الخضر وما تأويل تلك الأفعال وأنه كان بينهم اتفاق على فعل ذلك ؟ وما الدليل على ذلك فقد يشكل البعض أن هذا الكلام خلاف ظاهر القرآن حيث قال تعالى: (قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا) فكيف يطلب النبي موسى (ع) أن يعلمه الخضر أمورا وهو عالم بها ؟

2- الاستدلال بهذه الرواية : في تفسير العياشي، عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "كان موسى أعلم من الخضر". ألا يمكن أن يكون في أن موسى أعلم منه ولكن كان يخفى عليه أمور كان يعلمها الخضر ولم يكن يعرفها موسى (ع) ، وليس في أنه كان يعلم حتى ما سيجري بينه وبين الخضر (ع) ؟
وإن كان كليهما يشتركان في إحدى مؤدايتهما وهو عدم إيهام الناس بأن الخضر أعلم من موسى عليهما السلام .

3- من هنا ينشأ سؤال وهو: أيعلم المعصومون علم الغيب المطلق أم يتفاوت علمهم بالغيب على حسب درجاتهم ؟ وهل القائل بعلمهم (صلوات الله عليهم) بالغيب المطلق -بتعليم من الله- مشرك؟

3- عندي طلبان إن أمكن، ذكر عنواين محاضرات الشيخ التي أشار فيها إلى هذا المعنى ورد الإشكال المطروح للاستزادة .
وذكر الروايات التي نصت أن مما ورد في القرآن الحكيم بأنه لا يعلم الغيب إلا الله إنما المقصود منه استقلالا وليس ما يتوهمه العوام .

نسألكم الدعاء


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بمراجعة الشيخ،

ج1: أخال انفرادنا بذلك. والدليل عليه العمومات؛ كقوله تعالى: «بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ. لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ» (الأنبياء عليهم السلام: 27 - 28) ومقتضاها أن لا يكون ما كان بين موسى والخضر عليهما السلام من قول أو فعل إلا بأمره سبحانه، وهل هذا - حينئذ - إلا تصوير؟

والإشكال بأنه خلاف الظاهر لا يُصغى إليه، فإنّا لسنا من الحشوية في شيء، ولطالما عُدِل عن الظاهر بضميمة آيات أُخَر أو روايات، وإلا لوجب الأخذ مثلا بظاهر قوله تعالى: «وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ» (الضحى: 8) فكيف ترى؟!

ثم إن الاستعلام أو طلبه - في لغة القرآن - لا يلزم منه جهل المستعلِم ضرورةً، فإنك لست بغافل عن قوله تعالى: «وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ»؟ (طه: 18).

ج2: بلى يمكن لو رفعنا اليد عن إطلاق الرواية من جهة؛ وصرفناها عن موردها من جهة أخرى. وكلاهما كما ترى. أما الأول فلعل متأوِّلًا يتأول ما ذكرتَ عطفًا على ما ورد من أن الخضر قال لموسى عليهما السلام: «إني وُكِّلْتُ بأمر لا تطيقه، ووُكِّلْتَ بأمر لا أطيقه» (تفسير القمي ص389) بيد أن إطاقة الأمر شيء والعلم به شيء آخر، فالإطاقة راجعة إلى سعة وضيق التكليف ولا ترجع إلى سعة وضيق العلم إلا بتجوّز. سلّمنا أخذًا بتوسط العلم في تنجز التكليف، ولأن الرواية في لفظ آخر: «إني وُكِّلْتُ بعلمٍ لا تطيقه ووُكِّلْتَ أنت بعلم لا أطيقه» (علل الشرائع ص60) بيد أن الأصول المحكمة دلّت على أن الحجة لا بد أن يكون أعلم أهل زمانه في كل شيء حتى لا يفتقر إلى غيره. سلّمنا أخذًا بقول المرتضى: «وليس يمتنع أن يكون الله تعالى قد أعلم هذا العالم ما لم يعلمه موسى عليه السلام وأرشد موسى إليه ليتعلم منه، وإنما المنكر أن يحتاج النبي في العلم إلى بعض رعيته المبعوث إليهم، وأما أن يفتقر إلى غيره ممن ليس له برعية فجائز» (تنزيه الأنبياء عليهم السلام ص119) بيد أن إخراج الخضر عليه السلام من رعية موسى عليه السلام ليس يُخرجه من حجيته عليه، فإنما في كل زمان حجة واحدة وإمام واحد لكل مَن عليها؛ يحتاج إليه الخلق ولا يحتاج إليهم. فالحاصل أن هذا الأول - وهو رفع اليد عن الإطلاق - متقلقل - على أدنى تقدير - لأقوائية ما يرد عليه من أصول وأدلة.

وأما الثاني - وهو صرف الرواية عن موردها - فإنّا لا نرى موردا لهذا النص من الإمام عليه السلام إلا تبيان غامض ما كان بين موسى والخضر عليهما السلام مما ظاهره أعلمية الأخير، فأريدَ دفعه بتأكيد أعلمية الأول. ولو كان المورد غير هذا؛ أو كان المراد غير الإطلاق الشامل لما كان بينهما؛ لما كان لهذا النص منزلة في التبيان ولما زاد الغامض إلا غموضا. والله العالم وحججه عليهم السلام.

ج3: يتفاوت. والقائل بعلم غير الله تعالى الغيب المطلق مشرك - في الحقيقة - وإن قال أنه بتعليم الله سبحانه، ذلك لأن معنى قوله هذا هو أن لله شبيها أو نظيرا في ذاته، إذ ليس علمه تعالى إلا عين ذاته، ويستحيل أن تتصف بمطلقه أو كنهه الممكنات وإلا كانت مثله. هذا حكم عقلي، وأما النقلي فدونك الأدلة المتضافرة الناصة على انفراده واستئثاره سبحانه بعلم الغيب المطلق. نعم؛ قد لا يترتب حكم المشرك على القائل بهذه المقالة لمكان الغفلة أو ضعف التحصيل والإدراك.

ج4: هذه بعض الأجوبة السابقة، فراجع.

https://youtu.be/xxpMiyqRcsA

https://youtu.be/CuFsX7d-nvE

https://al-qatrah.net/an942

وفقكم الله لمراضيه.

مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى

24 جمادى الأولى 1443 هجرية


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp