هل يعتقد الشيخ الطوسي بسهو الأنبياء والمعصومين عليهم السلام؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم .
جاء في تفسير التبيان ج 4 : قال الشيخ: إنما لا يجوز عليهم السهو والنسيان فيما يؤدونه
عن الله، فأما غير ذلك فإنه يجوز أن ينسوه أو يسهو عنه مما لم يؤد ذلك إلى الاخلال بكمال العقل، وكيف لا يجوز عليهم ذلك وهم ينامون ويمرضون
ويغشى عليهم، والنوم سهو وينسون كثيرا من متصرفاتهم أيضا وما جرى لهم
فيما مضى من الزمان .

فهل يعتقد الشيخ الطوسي بسهو الأنبياء والمعصومين


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نبارك لكم حلول عيد الغدير الأغر وتنصيب الإمام علي عليه السلام أميراً للمؤمنين، وكل عام وأنتم بخير.

بمراجعة الشيخ،

ما توهمه هذه العبارة من اختلاف مع عقيدة الإمامية في نفي سهو المعصوم عليه السلام مطلقا؛ إنما هو اختلاف لفظي في الحقيقة. ذلك لأن شيخ الطائفة رحمه الله في رده على الجبائي بعدما أكد عدم جواز سهو ونسيان الأنبياء عليهم السلام في ما يؤدونه عن الله؛ وضع شرطاً مهماً لتجويز ذلك في غيره، وهو أن لا يؤدي ذلك إلى «الإخلال بكمال العقل».

عليه؛ فإن كل ما يُعتبر إخلالا بكمال العقل من السهو أو النسيان ممنوع غير جائز. ومع هذا الشرط لا يبقى شيء يُذكر يمكن أن يقع فيه سهو أو نسيان، لأنه إن لم يكن إخلالا بالعقل فهو لا ريب إخلال بكماله، والناس إنما يفرّقون بين المتحلي بكمال العقل وبين العاقل بمثل هذه الأمور، فيرون أن البعيد عن السهو والنسيان أكمل عقلا من غيره ممن يمكن أن يقع فيهما. والشيخ اشترط عدم الإخلال بذلك الكمال، فصارت النتيجة عدم بقاء شيء يُذكر يمكن أن يقع فيه سهو أو نسيان، ولذا ضرب أمثلة النوم والمرض والإغماء، وهي أمور لا نعتبرها من السهو لكنه اعتبرها من قبيله أو مما يلازمه.

فههنا اتفاق في حقيقة الاعتقاد، غايته أن الذي أدخله الشيخ في السهو - كالنوم - قد أخرجناه نحن منه، وكذا كل ما يكون من التصرفات والتروك التي جوَّز الشيخ أن تكون من قبيل السهو أو النسيان «غير المخل بكمال العقل» نجوِّزها نحن أيضا لكننا لا نعتبرها منهما، كالبحث في النسيان المذكور في القرآن الحكيم؛ المحمول عندنا على الترك بأمر الله تعالى ولطفه. فالاختلاف إذن لفظي شكلي ليس إلا.

هذا؛ وتصريحات الشيخ رحمه الله متوافرة في نفي وقوع السهو والنسيان من المعصومين عليهم السلام بنحو الإطلاق، ولا بد من عطف ما يكون ملتبساً من عبائره عليها. فمنها قوله تعليقاً على حديث ذي الشمالين في سهو النبي صلى الله عليه وآله: «وهذا مما تمتنع العقول منه». (التهذيب ج2 ص180) وقوله: «وذلك مما تمنع منه الأدلة القاطعة في انّه لا يجوز عليه السهو والغلط صلى الله عليه وآله». (الاستبصار ج1 ص371).

ومنها قوله في بيان المراد بأولي الأمر: «روى أصحابنا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أنهم الأئمة من آل محمد صلى الله عليه وآله، فلذلك أوجب الله تعالى طاعتهم بالإطلاق، كما أوجب طاعة رسوله وطاعة نفسه كذلك. ولايجوز إيجاب طاعة أحد مطلقاً إلا من كان معصوماً مأموناً منه السهو والغلط، وليس ذلك بحاصل في الأمراء ولا العلماء، وإنما هو واجب في الأئمة الذين دلت الأدلة على عصمتهم وطهارتهم». (تفسير التبيان ج3 ص236)

وأصرح من هذا كله قوله: «جميع الأنبياء كانوا معصومين مطهرين عن العيوب والذنوب كلها، وعن السهو والنسيان في الأفعال والأقوال، من أول الأعمار إلى اللحد، بدليل أنهم لو فعلوا المعصية أو يطرأ عليهم السهو لسقط محلُّهم من القلوب، فارتفع الوثوق والاعتماد على أقوالهم وأفعالهم، فتبطل فائدة النبوة. وما ورد في الكتاب (القرآن) فيهم فهو واجب التأويل». (جواهر الفقه للقاضي ابن البراج ج1 ص248 نقلا عن العقائد الجعفرية للشيخ الطوسي، المسألة 30)

وفقكم الله لمراضيه.

مكتب الشيخ الحبيب في لندن

19 شهر ذو الحجة 1439 هجرية


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp