ما ردكم على زعم عدنان إبراهيم أن هذه الآية دليل على عدم عصمة الأئمة عليهم السلام؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

ما ردكم على هذا الشخص:



سلامي للشيخ الحبيب


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

جواب المكتب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عظم الله أجوركم بذكرى استشهاد الإمام الباقر عليه السلام.

هذا كلام ينم عن جهل؛ فلئن كان الله تعالى لم يذكر الرد إلى أولى الأمر في هذه الآية فلقد ذكره في آية أخرى وهي قوله سبحانه وتعالى: «وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ» (النساء: 84) ولذلك كان أئمة أهل البيت (عليهم السلام) يسوقون الآيتين في كلام واحد عند التذكير بوجوب طاعتهم وعصمتهم، فلاحظ مثلاً خطبة السبط الأكبر الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) بعدما بويع إذ قال: «نحن حزب الله الغالبون، وعترة رسوله الأقربون، وأهل بيته الطيبون الطاهرون، وأحد الثقلين اللذين خلفهما رسول الله صلى الله عليه وآله في أمته، والثاني كتاب الله، فيه تفصيل كل شي‏ء، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والمعوَّل علينا في تفسيره، ولا نتظَنَّى تأويلَه بل نتيقَّنُ حقائقَه، فأطيعونا فإن طاعتنا مفروضة إذ كانت بطاعة الله عز وجل ورسوله مقرونة، قال الله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ‏ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ، وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى‏ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ. وأحذركم الإصغاء لهتاف الشيطان، فإنه لكم عدو مبين، فتكونون كأوليائه الذين قال لهم: لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى‏ عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى‏ ما لا تَرَوْنَ. فتلفون إلى الرماح وزرا، وإلى السيوف جزرا، وللعمد حطما، وإلى السهام غرضا، ثم لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً» (أمالي المفيد ص349).

هذا مضافاً إلى أن الله تعالى في قوله: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» لم يفكّك بين طاعة الرسول (صلى الله عليه وآله) وطاعة أولي الأمر (عليهم السلام) فجعل طاعتهم واحدة وهو ما يكشف عن أن الرد إلى الرسول ملازم بعده للرد إلى من يقوم مقامه وهم أولو الأمر، وإلا فكيف يتحقق الرد إلى الرسول من بعده؟ أليس بالرجوع إلى ما صحّ عنه عبر نَقَلَةِ علمه ورواة حديثه؟ وهل هناك أحدٌ أعلم وأفقه بعلمه وحديثه من أولي الأمر من عترته؟ فوجب إذن الردّ إليهم وعدم تجاوزهم لأن ذلك في الحقيقة ردٌّ إلى الرسول، كما أن الردّ إلى الله تعالى لا يمكن أن يكون إلا بالرد إلى رسوله (صلى الله عليه وآله) لأنه الناقل عن الله، فلا يجوز مثلاً أن يتجاوزه أحد قائلاً: إني أردّ إلى الله بغير هذا الطريق كمراجعة أحبار اليهود ورهبان النصارى وكتبهم وآثارهم!

فالنتيجة أنه حين وقوع التنازع في شيء يجب الرد إلى الله، وهذا لا يتم إلا بالرد إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) لأنه الناقل عن الله ما هو صحيح وغير محرف، وكذا يجب الرد إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) فإن كان حيّاً يسهل الوصول إليه فيمكن الردّ إليه مباشرة، وإلا فيجب الرد إلى من يقوم مقامه من أولي الأمر من عترته (عليهم السلام) لأنهم الناقلون عنه ما هو صحيح وغير محرف، فثبت بذلك وجوب طاعتهم كما تثبت عصمتهم.

ومما يجعلك على يقين من ذلك هو تفسير الأئمة للآية بحسب الوحي التأويلي، فعن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: «فإن تنازعتم في شي‏ء فارجعوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منكم، وأولي الأمر من آل محمد صلى الله عليه وآله» (تفسير العياشي ج1 ص254).

وفقكم الله لمراضيه

مكتب الشيخ الحبيب في لندن

7 ذو الحجة 1438 هجرية


ملاحظة: الإجابات صادرة عن المكتب لا عن الشيخ مباشرة إلا أن يتم ذكر ذلك. المكتب يبذل وسعه في تتبع آراء الشيخ ومراجعته قدر الإمكان.
شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp