هل فعلا منعت عائشة دفن الإمام الحسن (عليه السلام) إلى جوار النبي الأكرم؟ وهل الحجرة النبوية هي حجرتها حقا؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد و آل محمد الأطيبين الأطهرين

و اللعنة الدائمة الوبيلة على أعدائهم و ظالميهم أجمعين

سماحة الشيخ الفاضل أستاذي في التعرف على ديني و البرآءة من أعداء الله تعالى ، سماحة الشيخ الفاضل ياسر حبيب ، سلام عليكم :

هل فعلا عارضت عائشة دفن سبط نبي المصطفى صلى الله عليه و آله إلى جانب جده الأمجد أبوالقاسم محمد صلى الله عليه و آله ؟ و هل هذه الرواية صحيحة عند القوم ( أرجوا بحثا سنديا و رجاليا لو سمحتم في إسناد هذه الروايات عند القوم ) فهم ينكرونها مع ذكرها في كتبهم . هذا السؤال من أهم الأسئلة عندي و أريد جواب المصادر لهذا الجواب مقرونا مع بحث توثيقي في صحة رجال و إسناد هذه الروايات .

هل صحيح بأن النبي صلى الله عليه و آله إستشهد و دفن في بيتها ، أصلا هل هي بيتها و هل يقع البيت ضمن ميراثها ، على رأي أهل السنة عمر و جماعة معاوية طبعا ، ما هو سهم الزوجة من البيت و ماذا ترث منها و هل ترث من الأرض شيئا ، على رأي أهل السنة عمر و جماعة معاوية طبعا ، فكيف أدخلت في بيت رسول

الله صلى الله عليه و آله دون إذنه ، أبوبكر و عمر والله حرم ذلك : يا ايها الذين امنوا لا تدخلوا بيوت النبي الا ان يؤذن لكم الى طعام غير ناظرين اناه ولكن اذا دعيتم فادخلوا فاذا طعمتم فانتشروا ولا مستانسين لحديث ان ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق واذا سالتموهن متاعا فاسالوهن من وراء حجاب ذلكم اطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم ان تؤذوا رسول الله ولا ان تنكحوا ازواجه من بعده ابدا ان ذلكم كان عند الله عظيما ، و هي قد منعت دفن سبط نبي المصطفى صلى الله عليه و آله إلى جانب جده الأمجد أبوالقاسم محمد صلى الله عليه و آله و هو من أهل البيت عليهم أفضل الصلاة و السلام .أين دفنت عائشة حسب مصادر السنة و من قتلها سمعت أن معاوية دبر إغتيالها، فمتى ماتت و أين دفنت ؟ و ما هي قولتها ( إني أحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه و آله ) مع ذكر المصادر


باسمه عز اسمه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى استشهاد سيدنا ومولانا الإمام محمد الباقر صلوات الله وسلامه عليه. جعلنا الله وإياكم من الطالبين بثاره مع ولده المنتظر المهدي الحجة أرواحنا وأرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء وعجل الله فرجه الشريف.

الروايات مذكورة في مصادرهم المعتبرة، ومنها ما رواه ابن عساكر عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال: "سمعت عائشة تقول يومئذ: هذا الأمر لا يكون أبدا! يُدفن (الحسن) ببقيع الغرقد ولا يكون لهم (للرسول وأبي بكر وعمر) رابعا، والله إنه لبيتي أعطانيه رسول الله في حياته وما دفن فيه عمر وهو خليفة إلا بأمري وما آثر علي عندنا بحسن"! (تاريخ دمشق ج13 ص293). والرواية مسندة عن ابن سعد عن محمد بن عمر عن علي بن محمد العمري عن عيسى بن معمر عن عباد بن عبد الله بن الزبير. فأما ابن سعد فهو محمد بن سعد صاحب الطبقات الذي يقول فيه الخطيب في تاريخ بغداد: "محمد بن سعد عندنا من أهل العدالة وحديثه يدل على صدقه فإنه يتحرى في كثير من رواياته". وأما محمد بن عمر فهو الواقدي المؤرخ المشهور وهو أشهر من نار على علم، وأما علي بن محمد العمري فلم نعثر له على ترجمة، وأما عيسى بن معمر فهو حجازي قال فيه ابن حجر في تقريب التهذيب أنه "لين الحديث" أي يتساهل أحيانا في النقل عن بعض الضعفاء، لكنه في هذه الرواية ينقل عن الثقة وهو عباد بن عبد الله بن الزبير الذي قال فيه ابن حجر في تقريب التهذيب أنه: "كان قاضي مكة زمن أبيه وخليفته إذا حج، ثقة".

فالرواية بملاحظة أن روايها ابن سعد "الذي يتحرى في رواياته" وبملاحظة أنها مروية عن الثقة عندهم وهو عباد، وبملاحظة عدم وجود قدح في رواتها؛ تكون إذ ذاك معتبرة.

ومنها ما رواه أبو الفرج الأصفهاني عن علي بن طاهر بن زيد: "لما أرادوا دفنه ركبت عائشة بغلا واستنفرت بني أمية ومروان بن الحكم ومن كان هناك منهم ومن حشمهم وهو القائل: فيوما على بغل ويوما على جمل"! (مقاتل الطالبيين ص82).

ومنها ما رواه أبو الفداء: "وكان الحسن قد أوصى أن يُدفن عند جده رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما توفي أرادوا ذلك، وكان على المدينة مروان بن الحكم من قبل معاوية فمنع من ذلك وكاد يقع بين بني أمية وبين بني هاشم بسبب ذلك فتنة، فقالت عائشة رضي الله عنها: البيت بيتي ولا آذن أن يدفن فيه! فدفن بالبقيع، ولما بلغ معاوية موت الحسن خر ساجدا"! (المختصر ج1 ص255).

إلى غيرها من المصادر التاريخية المعتبرة عند القوم. وعلى أية حال فإنه وبغض النظر عن مدى قوة الأسناد فإن القوم يقرون بأن للبحث التاريخي أصوله وأن ثبوت اعتبار رواية تاريخية ما يختلف عن ثبوت رواية مشتملة على حكم شرعي مثلا، لأنه إنْ عُمِّم التشدد في السند على كل قضية تاريخية لما تبقى لنا تاريخ أصلا إذ جلّه مروي بطرق ضعيفة! لذا هم لا يملكون دفع هذه الأدلة ونقضها إلا إذا نقضوا سائر ما يتشبثون به من روايات تاريخية ضعيفة غير صحيحة السند تصحح خلافة خلفائهم وأئمتهم، فإذا ما أصروا على رفض هذه والقبول بتلك؛ كانوا واقعين في التناقض وقد أظهروا عجزهم عن مقارعة حجتنا، فنحن إنما نورد هذه الأدلة توثيقا لما نرويه عن ثقاتنا لا أننا نعتمد عليها وحدها في إثبات مطلوبنا، ووجود نظائر لما نرويه في مصادرهم التاريخية المعتبرة كافٍ لنا في حبسهم عن الرد، وأنّى لهم إلا أن يتبرؤوا من جميع محدثيهم ومؤرخيهم ورواتهم!

وأما عن مسألة دفن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجرتها، فذلك تدليس! فإنه (صلى الله عليه وآله) إنما دُفن في بيته، وكان بيته مقسّما إلى عدة حجر، لكل زوجة واحدة. وقد دُفن (صلى الله عليه وآله) في بيته، ثم لما استولى أبو بكر (لعنه الله) على مقاليد السلطة، أصبحت عائشة تتحكم في البيت كلّه مصداقا لما قاله ابن عباس: تبغلت تجملت ولو عشت تفيّلت.. لك التسع من الثمن وفي الكل تصرّفت!

فهي قد تصرّفت في كل البيت وكأنه ملك خالص لها! وبدأ إعلام السلطة يدّعي إنه (صلى الله عليه وآله) أوصى أن يُدفن في بيتها هذا حبا لها!

والدليل على أنه لم يدفن في حجرة عائشة أنها كانت مجرد حجرة صغيرة لا تسع لثلاثة قبور كما هو الوضع الآن، فالروايات التي رواها القوم كلها تشير إلى أن الحجرة كانت صغيرة بحيث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندما كنا يسجد كان يضطر لأن يغمز عائشة لتضم رجليها ويتسع المكان لسجوده صلى الله عليه وآله! فكيف أصبحت هذه الحجرة الصغيرة بهذه الوسعة التي نراها الآن بحيث ضمت ثلاثة قبور مع فسحة إضافية تكفي لقبر رابع أو أكثر؟! وإذا كانت كل هذه المساحة لواحدة من الزوجات فقط، فإن مقتضى العدالة أن يكون مثلها لكل واحدة أخرى، وهذا معناه أن البيت النبوي كان كبيرا جدا يتعدى حدود المسجد الشريف آنذاك! ولا يقول قائل بهذا، خاصة مع ثبوت أن في البيت دار علي وفاطمة والحسنان صلوات الله عليهم.

ثم إنه كيف يكون البيت ملكا لعائشة وعلى أي أساس شرعي؟! إن قيل أنها ورثته؛ قيل: كيف وعندكم أن النبي لا يورث؟! وحتى لو رجعتكم عن اعتقادكم هذا وقلتم بجواز التوريث فإنها لا ترث إلا التسع من الثمن، إذ الثمن للزوجات كلهن، وهن يتشاطرن فيه فيكون نصيبها التسع منه فقط، فكيف تصرّفت فيه كله؟!

وإن قيل أنها تملكته من النبي (صلى الله عليه وآله) أثناء حياته كما ادّعت في الخبر المتقدّم حين قالت: "والله إنه لبيتي أعطانيه رسول الله في حياته.."؛ قيل: هذا على النقيض من كتاب الله والسنة القطعية! فإن كتاب الله يشهد بنسبة تملك البيوت إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وجواز إخراج الزوجات منه إذا طلقهن مع أنها – أي البيوت – موصوفة بأنها بيوتهن على سبيل المجاز، فقال عز من قائل: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ" (الطلاق: 2). والحكم عام يشمل النبي (صلى الله عليه وآله) وغيره من المسلمين، فلا تخصيص يمكن ادعاؤه للفرار من الإشكال. والآية واضحة الدلالة في أنه يجوز إخراجهن من البيوت إذا أتيْن بفاحشة مبينة، ومعناه أنها البيوت ليست ملكا لهن، بل ملكا لزوجهن وهو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولو كان البيت ملكا لعائشة لما جاز له إخراجها منه لو ارتكبت الفاحشة المبينة فيه. فتنبّه.

وأما مناقضة هذا الزعم – وهو كونها تملكت البيت في حياته صلى الله عليه وآله – للسنة القطعية فيمكن إثباته بغير دليل، أبرزها قوله صلى الله عليه وآله: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة". (صحيح البخاري ج2 ص57 وصحيح مسلم ج4 ص123). فقد نسب البيت الذي دُفن فيه إلى نفسه ولم يقل إنه بيت عائشة وقد تملكته. أما ما ورد من إشارته إلى مسكنها وأن الفتنة تخرج منه أو قرن الشيطان يطلع منه فلا دلالة فيه على التملك كما لا يخفى، لأن كلمة "مسكن عائشة" لم تصدر منه بل من الراوي، وعلى فرض صدورها منه (صلى الله عليه وآله) فلا دلالة فيه على التملك بل على كونها ساكنة فيه بحق الزوجية ليس إلا.

وقد روى الطبري أنه (صلى الله عليه وآله) قال: "إذا غسلتموني وكفنتموني فضعوني على سريري في بيتي هذا على شفير قبري". (تاريخ الطبري ج3 ص193) فهو قد أكد على أنه بيته ولم يقل بيت عائشة، ولو كان ملكا لها لما جاز له وصفه بأنه بيته. إلى غيرها من الأدلة. ولو تمسكوا بأن النبي قد أعطى كل امرأة من أزواجه بيتا على نحو التملك لأفضى ذلك إلى عدم وجود بيت يملكه النبي أصلا! ولا يقول بهذا عاقل! فإن الله تعالى يقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ" (الأحزاب: 54). فقد وصف سبحانه بيوتا على أنها "بيوت النبي" فكيف تُسلب منه ولا يكون له بيت يملكه؟!

ثم إن كون البيت قد تملكته في حياته (صلى الله عليه وآله) إنما هو ادعاء منها، لم يرد في خبر آخر عن غيرها، ولم يشهد تمليكها أحد من المسلمين. والعجب كيف قبل أبوها بادعاء ابنته ولم يقبل قول سيدة نساء العالمين (صلوات الله عليها) مع شهادة العدول لها في تملكها لأرض فدك في حياته (صلى الله عليه وآله) ومع شهادة الأمر الواقع أيضا إذ كان فيها وكيلها!

وعلى ما تقدّم تكون عائشة قد غصبت البيت، ويكون دفن أبي بكر وعمر فيه غصبيا أيضا، سيما وأنها شرعا لا تملك حق التصرف في البيت إذ هي لا ترث من عينه، وإنما من قيمته، والتسع من الثمن فحسب!

وأما عن هلاكها (لعنها الله) وأين دُفنت، فقد هلكت في زمن معاوية ودُفنت في البقيع إلى جوار بقية أزواج النبي صلى الله عليه وآله، هذا مع أن في "حجرتها المزعومة" مكانا كان يتسع لأن تُقبر فيه، لكنها طلبت من الناس أن لا يدفنوها فيه لأنها قد أحدثت بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله ) أي ارتكبت من البدع والمنكرات ما جعلها لا تستحق أن تُدفن هناك! وقد روى القوم عنها ذلك، إذ روى الحاكم عن قيس بن أبي حازم قال: "قالت عائشة رضي الله عنها وكانت تحدث نفسها ان تُدفن في بيتها مع رسول الله وأبي بكر؛ فقالت: إني أحدثت بعد رسول الله حدثا! فادفنوني مع أزواجه! فدُفنت في البقيع". (المستدرك ج4 ص6) وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

وفقكم الله لرفع راية الولاية ولنصرة آل محمد والانتقام من أعدائهم وسندعو لكم على أن تبادلونا الدعاء لنا بالخير وحسن العاقبة. والسلام. ل

يلة السابع من ذي الحجة لسنة 1427 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp