البحوث القرآنية (3) 

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
البحوث القرآنية (3) 

اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الرحمن الرحيم القول مني في جميع الاشياء قول آل محمد )عليهم السلام( فيما اسروا وما اعلنوا وفيما بلغني عنهم ومالم يبلغني ، الحمد لله رب العالمين وافضل الصلاة وازكى السلام على المبعوث رحمه للخلائق اجمعين سيدنا محمد واهل بيته الطيبين الطاهرينولعنة الله على قتلتهم واعدائهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم اجمعين الى قيام يوم الدين .. آمين

في المحاضرة السابقة ..

وصلنا في هذه البحوث القرآنيه الى تأكيد أنّ كلمة القرآن لفظه عربيه اصيله جاريه على قواعد الاشتقاق في اللغة العربيه ، ورددنا ما زعمه بعض المستشرقين من أنّ هذه اللفظه ليست عربيه وانما هي سيريانيه ، واكدنا بالرجوع الى مقاييس اللغه مثلا لإبن فارس وذلك في ختام المحاضرة السابقه من هذه السلسله أنّ الجذر اللغوي لكلمة القرآن او الاصل اللغوي لهذه الكلمه وهو الحروف الثلاثه قرا ، هذه الاصل موجود في اللغه العربيه ويدل على جمع واجتماع ، ومن هنا قيل للقريه قريه باعتبار انها تجمع من فيها من البشر ، ومن هنا كأن القرآن سمي قرآنا بهذا اللحاظ او لهذا اللحاظ وهو كونه يجمع الاحكام والقصص والتشريعات والوصايا والمواعظ والحكم والعبر وما الى هنالك .. ولعل في قوله (سبحانه وتعالى) : { إنّ علينا جمعه وقرآنه } ، {فإذا قرأناه فالتبع قرآنه} لعل في هذه الايه الكريمه ما يؤكد رجوع هذه اللفظه الشريفه لفظه القرآن الى ذلك الاصل الذي يدل على الاجتماع حيث يقول سبحانه: { ان علينا جمعه وقرآنه } ، فكأنه هنا يقرن بين القرآن والجمع على سبيل الترادف المعنوي ..

ندخل من الآن في فصل جديد من هذه البحوث القرآنيه وهذا الفصل عنوانه هذا السؤال وهو انه لماذا جائت معجزت الاسلام ونبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) القرآن الحكيم ؟
وبعباره اخرى لماذا جعل الله (عز وجل) المعجزه الابرز والاعظم لهذا الدين السماوي الخاتم خاتمة الاديان ، لماذا جعل هذه المعجزه معجزة في الكلام ؟ ولم يجعل معجزت هذا الدين كمعاجز الاديان السابقه او الانبياء السابقين (على نبينا وآله وعليهم افضل الصلاة و السلام) ؟

فمثلا كانت معجزت موسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة و السلام)في عصاه التي تتحول الى ثعبان وفي يده اللتي تبيض وكانت معجزت عيسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة و السلام) ابراء الاكمه والابرص واحياء الموتى ، النبي الاعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لماذا جعلت معجزته هي هذه ؟

لا يفوتكم مانبهنا عليه في المحاضرات السابقه وهي أنّ معجزت نبي الاسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) لاتنحصر بالقرآن الحكيم وأنّ القرآن هي المعجزه الابرز والاعظم والاخلد ولنبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) عشرات بل مئات المعجزات الاخرى ، وما من معجزت لنبي سابق إلا واعطي النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) مثلها واعظم منها ، فمثلا من معاجزه شق القمر الى ماهنالك من المعاجز التي ذكرتها الروايات الشريفه عن اهل البيت (عليهم الصلاة والسلام )

ولكن يبقى التساؤل على محله لم هذه المعجزه لم القرآن لم كانت المعجزه في الخطب والكلام ؟

مضافا الى ماسبق في المحاضره السابقه او التي سبقتها من أنّ هذه المعجزه مما يميزها انها تبقى على مر الدهور وانها تبقى حيه تشهد بإعجازها ، ولكل احد أن يقف عليها بمجرد أن يطلع بشيء من اللغه العربيه ، مضافا الى هذا أنّ من العلل التي جعلت معجزت الاسلام في نطاق الكلام والخطب وأنّ السائد في عصر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي المجتمع الذي ظهر فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان هو هذا ، اي الكلام .
كل نبي يأتي بمعجزه تفوق مابرع به قومه حتى يتمكنو من أن يقفوا على حقيقه أنّ هذا معجز يفوق ما هم قد برعوا فيه وسادوا فيه ، كان ما هو سائد في زمان موسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة و السلام) هو السحر ، وكان القوم الذين بعث اليهم موسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة و السلام) قد برعوا في السحر من هنا جائت معجزت موسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة و السلام) مايتمكن قومه من أن يقفوا على حقيقه أنّ هذه المعجزه تفوق هذا السحر ، تفوق هذا الذي برعوا فيه ، فإذا لايمكن أن يكون من صنع البشر وانما هو من صنع الله (تبارك وتعالى).

المعجزة تأتي بما تميز به اصحاب ذلك القوم ..

كذلك كان السائد في عصر عيسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة و السلام) وما برع فيه قومه كان علم الطب ، ولذا حين جاء موسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة و السلام) بمعجزته علم قومه من حيث انهم وصلوا الغايه في ذلك العلم انذاك بحسب مقتضيات وضروف ذلك الزمان ، أنّ هذا الذي يأتي به عيسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة و السلام) لايمكن أن يكون من صنع البشر في علم الطب احياء الميت مثلا ليس بمقدورنا ، كذلك في زمان محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كان الذي برع فيه قومه الذي سادوا فيه كان الادب ادب اللغه والبلاغه والفصاحه والقوه في التعبير والكلام ، سادوا بذلك فإذا كان لازما أن يأتي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بمعجزه حين يقارونها بما هم قد برعوا فيه يتأكدوا من أنّ هذه معجزه حقيقيه ليست من صنع البشر وأنّ هذا مما يفوق القدره البشريه .
هنالك روايه شريفه رواها شيخنا الكليني رضوان الله تعالى عليه في الكافي الشريف تثبت هذه العله والروايه بسند الكليني عن ابي يعقوب البغدادي قال قال ابن السكيت لأبي الحسن (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ابن السكيت هذا للتنبيه والتذكير هو رجل من صلحاء الشيعه رحمة الله عليه وكان  بارعا في الادب واللغه ، كان اديبا وله مؤلفات قيمه ولأنه ساد اهل عصره في هذا العلم وفي هذا الفن فإن طاغيه بني العباس المتوكل (لعنة الله عليه) وضّفه لكي يؤدب ابنيه احسن تأديب ، أن يعلمهما وبالفعل الرجل نهض بهذه المهمه ولكنه تعرض الى محنه بعدما ادرك المتوكل أن الرجل رافضي شيعي فجاء اليه وسأله هذا السؤال ، ايهما احب اليك ابناي ام الحسن والحسين (صلى الله عليهما وآلهما الطاهرين) ؟ فقال والقصه معروفه مشهوره نعلي قنبر خادم علي (صلى الله عليه وآله وسلم)  احب الي وافضل واعظم منك ومن ابنيك ، اتقارن ابنيك بسبطي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟
ولعل في الروايه أنّ التراب الذي يمشي عليه قنبر (عليه السلام) خير منك ومن ابنيك واحب الي منك ومن ابنيك ، مضمون كلام ابن سكيت (عليه السلام) وبسبب هذا الجواب قام الطاغيه المتوكل (لعنة الله عليه) بالأمر بإعدام ابن السكيت فقتل شهيدا (عليه السلام) ..

هذا ابن السكيت كان مما يلازم الامامين الرضا والجواد (صلوات الله وسلامه عليهما وآلهما الطاهرين) ،  كان من جملت اصحابهما وقد وثقه بعض علمائنا الرجاليين واعتبروه وجها وعينا من عيون هذا الطائفه فهنا يسأل ابن السكيت ابو الحسن (صلى الله عليه وآله وسلم) والاظهر انه الامام الرضا (صلى الله عليه وآله وسلم)  قائلا له لماذا بعث الله موسى ابن عمران (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة و السلام) بالعصا ويده البيضاء وآلة السحر وبعث عيسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة و السلام) بآلة الطب وبعث محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى جميع الانبياء بالكلام وبالخطب ماهو السر في ذلك ياابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ موسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة و السلام) بآله السحر بالعصا بيده البيضاء عيسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة و السلام) بآله الطب ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بآله الخطب ،
فقال ابو الحسن اي الامام علي ابن موسى الرضا (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة و السلام) : { إنّ الله لما بعث موسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة و السلام) كان الغالب على اهل عصره السحر فأتاهم من عند الله بمالم يكن في وسعهم مثله وما ابطل به سحرهم واثبت به الحجه عليهم وأنّ الله بعث عيسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة و السلام) في وقت قد ظهرت فيه الزمانات [الزمانات بمعنى الآفات المزمنه يقال لها الزمانات] واحتاج الناس الى الطب فأتاهم من عند الله بمالم يكن عندهم مثله وبما احيا لهم الموتى وابرأ الاكمه والابرص بإذن الله واثبت به الحجه عليهم وإنّ الله بعث محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في وقت كان الغالب على اهل عصره الخطب والكلام } يقول ابن السكيت واضنه قال الشعر [وهذا من احتياط الرواة اناذاك انهم إذا كانوا مترددين في أنّ الامام المعصوم (صلى الله عليه وآله وسلم)  جاء بهذه الكلمه او لم يأتي بها مع انها لاتخل بسياق الكلام وبمضمون وفحوى الروايه ، لكن مع ذلك تحرزا واحتياطا وتأدبا مع كلام المعصومين (صلوات الله وسلامه عليهم) الذي هو في الحقيقه كلام الوحي في وجه من الوجوه ، فلذلك إذا لم يكونوا متيقنين من أنّ هذه اللفظه قد جائت على كلام المعصوم (صلوات الله وسلامه عليه) كانوا يقولون اضنه قال كذا او واحسبه قال كذا ، فلذا نجد ابن السكيت (عليه السلام) يقول راويه عن الامام (صلى الله عليه وآله وسلم) {وإنّ الله بعث محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في وقت كان الغالب على عصره الخطب والكلام} واضنه قال الشعر يعني واظن الامام (صلى الله عليه وآله وسلم)  قال الخطب والكلام والشعر {فأتاهم من عند الله من مواعضه وحكمه ما ابطل به قولهم واثبت به الحجه عليهم } .

إذا هذه الروايه الشريفه تبين لنا السر في أنّ  في اختلاف هذه المعاجز بين الانبياء وإنّ كل معجزه تأتي متوافقه مع الغالب في ذلك الزمان عند اولئك القوم الذين بعث فيهم ذلك النبي ولابد من أن تكون هذه المعجزه تفوق مايكون عندهم مما برعوا فيه من العلوم او الفنون ، ويكون واضحا لديهم انهم لا قبل لهم بالاتيان بمثل هذا وانه لايسعهم مثله وبذا يبطل ماعندهم وتثبت الحجه عليهم .
هنا نحتاج الى اثبات امرين مهمين هذا في معرض الاحتجاج على الملل والطوائف الاخرى :

الامر الاول :إن اهل او قوم موسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة و السلام) او الذين بعث اليهم موسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة و السلام) كان بالفعل الغالب عندهم هو السحر حتى يستيقن الآخرون من حقيقه ما انبأتنا عنه هذا الحديث الشريف .
الامر الثاني : إنّ الذين بعث فيهم عيسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة و السلام) ايضا كان الغالب عندهم هو البراعه والتقدم في علم الطب .
اما بالنسبه الى الامر الاول فلا كلام فيه ، يعني لانحتاج أن نسهب في اثباته لأننا نعلم إنّ موسى (صلى الله عليه وآله وسلم)  بعث اين ؟بعث في مصر ومصر كانت انذاك مصر الفراعنه ولايختلف اثنان على أن الفراعنه وقومهم برعوا في السحر ، تشهد بذلك الآثار والمخطوطات ودراسات المؤرخين والآثاريين على السواء ، هذا امر واضح لاخلاف فيه وتواتر الاخبار عن قوم موسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة و السلام) او عن فرعون وملئه انهم كانوا يتعاملون بالسحر ، وكان لهم سحره وجائو بهذه السحره في قبال موسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة و السلام) في قبال التحدي هذا كله مما يرقى الى درجة اليقين فلايحتاج الى نقاش ..

اما بالنسبه الى الامر الثاني وهو اثبات أنّ قوم عيسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة و السلام) او الذين بعث اليهم كانوا قد برعوا في علم الطب فهذا ايضا امر متواتر له اكثر من شاهد ، واني لأعجب أنّ بعضا من النصارى اليوم ينكرون ذلك مع أنّ شواهده موجوده حتى  في مايسمونه عنده بالكتاب المقدس ، واحسب أنّ انكارهم لهذا هو فقط محاوله منهم لإبطال معجزت النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، لأنهم يطالبون بأن تكون معجزت النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) كمعاجز عيسى المسيح (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة و السلام) ولايعتبرون القرآن معجزه ، وهذا من ضعف عقولهم وسخافتها فلذا قالوا انه اصلا لانسلّم لكم بأن كل معجزه تأتي متوافقه مع الغالب مع اهل ذلك العصر والزمان ، ويشككون كذلك في أنّ ماكان في زمان عيسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة و السلام) كان هو البراعه في علم الطب ، هذا امر ايضا ترده ادله شتى ، من بينها مثلا ما اطبق عليه المؤرخون عيسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة و السلام) اين بعث ؟بعث في فلسطين في الشام الكبرى وفلسطين والشام كانت انذاك مستعمره للرومان وكانوا ينزلون دائما فيها اي يرتحلون اليها ، وبسبب اختلاف الجو والمزاج كانت تتفشى امراض ومن هنا نشئت الحاجه الى الاطباء والطب .
ولهذا تكاثر عدد الاطباء في تلك الرقعه الجغرافيه وبرعوا في علم الطب الى حد ما ، ونحن نجد مثلا من جملت الشواهد على أنّ الطبابه وأنّ الاهتمام بالطب والاطباء كان واضحا في تلك الحقبه الزمنيه ، نجد من الشواهد على ذلك أنه لوقى الذي هو احد كتاب الاناجيل الاربعه ، وهو ممن يقول النصارى انه من تلامذه المسيح (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام)، هذا الرجل كان طبيبا ايضا ، لُوقى كان طبيبا وهذا يعطينا صورة عن أنّ مسألة الطب والاطباء كانت حاضره في ذلك الزمان ، وللعلم ذكر المؤرخون ايضا أنّ الرومان الذين كانوا يحكمون فلسطين ماكانوا يسمحون لأحد أن يمارس مهنة الطب إلا بعد اختبارات وامتحانات هي من الصعوبه بمكان ، كل ذلك لأنه كما قلنا مسألة الطب وفن الطب كان قد تفشى آنذاك وصار هنالك اكثر من طبيب حاذق وماهر .
وكان حقيقه هذا اللون الغالب على ذلك المجتمع انذاك من جملت الشواهد ايضا على أنّ الغالب على ذلك الزمان هو الطب هو مانجده ايضا في سفر اللاويين من التوراة المحرفه أنّ فيها مثلا تعاليم طويله وعريضه في كيفيه شفاء المصاب بالقرع والبرص والقوباء ، القوباء هو مرض جلدي كان يصيب الناس ، وتلك تعاليم نلاحظ فيها انها تنتهي الى ماهو اشبه بالحجر الصحي انه يحجر على هؤلاء ولكن مع مسحه روحيه كهنوتيه للإيهام أنّ هذا الشفاء بعد هذا الحجر الصحي ، وهذه المعالجات هو نابع من قدراتهم الروحيه او من بركاته وآثارهم وبهذا كانوا يستغفلون الناس . بعباره اخرى إنّ هؤلاء الكهنه كانوا في واقع الامر اطباء وكانت عندهم تعاليم جائتهم حتى من اسفارهم وتوارثها فيما بينهم وبدأو يعالجون الناس ومن هنا برعوا وكانوا يستخدمون هذا العلاج لأجل استقطاب الناس ، لهذا الدين المحرف الذي ابتدعوه فإذا عندنا شاهد أنّ تلميذ المسيح (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام) كان طبيبا مشهورا كانو االاطباء في زمنه معروفين في اسفار مايسمى عندهم بالعهد القديم التوراة المحرفه ، هنالك تعاليم طبيه واضحه لها ارتباط بالعمل الديني او الكهنوتي ، بل اكثر من هذا نحن نلاحظ انه في هذا الذي يسمى العهد الجديد اي الاناجيل المحرفه أنّ المجتمع الذي ظهر فيه المسيح (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام) يتعامل مع المسيح (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام) على انه طبيب ، يعني كان الناس يتعاملون معه على انه طبيب وحتى نسب الى المسيح (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام) اكثر من مره انا طبيب وانا اشافيكم فلذلك تركوا باقي الاطباء الذين كانوا بكثره وذهبوا الى المسيح (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام) لكي يشفيهم .

شواهد على أن قوم عيسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام) كانوا اطباء ..

انقل لكم هنا بعضا من الصور على مادونه النصارى في اناجيلهم ، مثلا نحن نقرأ في انجيل مايسمى بإنجيل مرقس يقول : " ولما عاد ياسوع وعبر بالقارب الى الضفه المقاربه في البحيره اجتمع اليه وهو عند الشاطئ جمع كبير وإذا واحد من رؤساء المجمع واسمه يايروس قد جاء اليه وما إن رآه حتى ارتئى عند قدميه وتوسل اليه بإلحاح قائلا له ابنتي الصغيره مشرفه على الموت فتعال والمسها بيدك لتشفى فتحيا فذهب معه يتبعه جمع كبير وهم يزحمونه وكانت هناك امراه مصابه بنزيف دموي منذ اثنتي عشر سنه وقد عنات الكثير من الالم على ايدي اطباء كثيرين [هنا ايضا هذه العباره تلفت انظارنا وتسترعي انتباهنا ، أنّ هذا المقطع يقول قد عانت الكثير من الالم على ايدي اطباء كثيرين] وانفقت في سبيل علاجها كل ماتملك فلم تجني اي فائده بل بالاحرى ازدادت حالتها سوءا فإذ كانت قد سمعت عن ياسوع جائت في زحمت الجمع من خلفه ولمست ردائه لأنها قالت يكفي أن المس ثيابه لأشفى وفي الحال انقطع نزيف دمها واحست في جسمها انها شفيت من علتها وحالما شعر ياسوع في نفسه بالقوه التي خرجت منه ادار نظره في الجمع ، وسأل من لمس ثيابي فقال له تلاميذه انت ترى الجمع يزحمونك وتسأل من لمسني ولكنه ضل يتطلع حوله ليرى التي فعلت ذلك فما كان من المرأه وقد علمت بما حدث لها إلا أن جائت وهي خائفه ترتجف وارتمت امامه واخبرته بالحقيقه كلها فقال لها يا ابنه ايمانك قد شفاك فالذهبي بسلام وتعافي من علتك " ..
فإذا كانوا يأتون اليه من اجل أن يشفي المعتلين المرضى وهذا يعطينا صوره وينبؤنا عن أنّ الغالب في ذلك الزمان او القضيه الحاضره كانت انذاك كانت قضية المرض والعلاج فالطب كان سيد الموقف وهو الذي يرفع ويخفض . يعني من يكون بارعا في الطب يصبح عاليا عند ذلك القوم ، ومن لايكون فإنه ينزل ويهبط فعيسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام) انما ارتفع لأن قومه التفتوا انه يقدر أن يشفي بإذن الله (عز وجل) ، بخلاف الآخرين لايتمكنوا أن يحققوا بمثل هذا ، فلذا هو اتى بمعجز اي يعجز عنه الآخرون موسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام) ايضا جاء بأمر يعجز عنه سائر السحره ، عيسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام)جاء بأمر يعجز الاطباء ، النبي الاعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) جاء بأمر يعجز عنه سائر البلغاء .

 


يجب أن تكون المعجزة متوافقه مع ما عليه أهل ذلك الزمان لكي يدركوها !

إذا أنّا انى لهذا النصراني الآن أن ينكر شيوع امر الطب في زمان عيسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام) وهذي هي الشواهد والتي منها ماجاء في كتابه المقدس ايضا ، نخلص من هذا الى هذه النتيجه انه لابد أن تكون المعجزه التي يأتي بها النبي (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام) متوافقه بنحو او بآخر مع ماعليه اهل ذلك الزمان ، وحتى يدركوا انها معجزه لابد انها تتفوق على كل ماهو بمقدورهم مما يكون قد برعوا فيه ، وإلا لو افترضنا انه جاء النبي (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام) بمعجزه اخرى غير القرآن الحكيم الذي هو في مجال الخطب والادب والبلاغه والكلام فماذا كان سيرد عليه قومه ؟

يجب أن تكون معجزة النبي الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم القرآن الكريم ..

يعني نفترض أنّ النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) جاء بأمر شبيه بعصا موسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام) او بأمر شبيه بما كان مثلا من سليمان او من عيسى او اي من الانبياء (على نبينا وآله وعليهم افضل الصلاة والسلام) وجعل ذلك حجته الابرز ، هو جاء بمثلا ماجاء مثله الانبياء ولكن لم يجعل ذلك حجته الابرز ، يعني لم يكن مثلا شق القمر هو ما يتحدى به النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) على مر السنين قومه لا ، وانما اجرى لهم هكذا معجزه وانتهى الامر او امر مثلا دك الجبل او نطق الجبل اساسا وسلامه عليه وشهادته له بالنبوه او امثال هذه الامور ماذا كان سيجيب قومه ؟ سيجيبون كما اجابوا بالنسبه الى تلك المعاجز ، انتم اقرأوا التاريخ والسيره النبويه الشريفه تجدون أنّ المشركين لما اظهر الله على يده قالوا سحركم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لماذا ؟

لأن هذا المجتمع لم يكن بارعا في السحر فلذلك لايستطيع أن يميز بين ماايكون سحرا من البشر وما يكون من الله (تبارك وتعالى)، ولايمكن أن يكون سحر ، نعم الذي يميز ذلك مثل سحرت فرعون (عليه اللعنه) هؤلاء بالفعل لما جاء موسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام) والقى عصاه وتحولت الى ثعبان وهذا الثعبان ابتلع عصيهم و ثعبانهم التي كان يخيّل لهم انهم تسعى ، فسجدوا وآمنوا ، انتهى الموضوع لأنهم عندهم خبره ويعلمون اين يتوقف حدود السحر ، وإن هذا لايمكن أن يكون سحرا ، اما المشركين فلأنهم لم يبرعوا في هذا العلم او هذا الفن فإنهم سينكرون كل شيء ويحيلونه الى السحر ، كذلك فيما أن جاء النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمر شبيه بما جاء به عيسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام) وقد جاء به فكذلك يقولون انه مثلا ممكن أنّ محمد (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام) قد تعلمه من احد ، وإن هذا من قبيل الطب والعلاج او انه من قبيل السحر او الكهانه او الشعوذه كما رموا النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) بأكثر من مره بهذا الشأن لكنه ، جعل معجزته العظمى عليهم القرآن الكريم .

هذا القرآن الذي هم ادركوا بشكل واضح انه لايمكن أن يكون من البشر ولذلك احتاروا ماذا يقولون فيه ، لماذا ادركوا انه لايمكن أن يكون صادرا من البشر ؟ لأنهم كانوا خبراء في اللغه في الادب في البلاغه والفصاحه ، مااستطاعوا أن يعارضوا القرآن ، علموا بأن الكلام يصل عند هذا الحد مهما برعنا في الفصاحه في البلاغه في الشعر في النثر في المنظوم في المنثور نتوقف عند حد معين ، وهذا فوق كلامنا هذا لايشبه كلام المخلوق مع انه مركب من نفس الماده التي هم يركبون منها اشعارهم وخطبهم وكلامهم ، يعني مادة القرآن ماهي انما هي هذه الجمل والكلمات والحروف ، نفس ماهم يستخدمونه وكل انسان يتمكن منهم أن يركب من هذه الحروف كلمه من الكلمات جملا ، ومن هذه الجمل شعرا نصيا او نثريا .
فإذا مع امتلاكهم للماده لم يتمكنوا بأن يأتوا بمعارض للقرآن ، لم يتمكنوا بعشر سور بمثله مفتريات بل لم يتمكنوا بأن يؤتوا بسوره واحده بل لم يتمكنوا بأن يأتوا بآيه واحده الامر واضح وبقى هذا التحدي لهم الى يومنا هذا إذ لم يسجل التاريخ أنّ احدا استطاع أن يأتي بمثل هذا القرآن او بما يعارض القرآن الحكيم ، وهذا مبحث مطول فيه كلام كثير لذا سنرجئه الى حينه ومحله إن شاء الله ، لأن فيه بحثا مطولا لأن بعضا من اعداء الاسلام توهم أنه قد جيء بما يعارض القرآن قديما وحديثا ، ولكن ماجاؤوا إلا بما اضحك عليهم الادباء والشعراء والضالعين باللغه ، وهذا كله سنأتي فيما بعد إن شاء الله (سبحانه وتعالى) على ذكره ونذكر تلك النماذج ونبين ما المراد بتلك المعارضه حقيقه المعارضه ، وهل أن المعارض كما توهموا انها مجرد التقليد وابدال كلمه مكان كلمه ، ام أنّ المعارضه لها اصولها عند العرب ، ولذا اعترف الجميع سواءا كان موافقا للإسلام او معاديا له اعترفوا بأن هذا القرآن معجز ولا يمكنهم أن يعارضوه او يأتوا بمثله ، هذا مبحث نرجئه إن شاء الله (سبحانه وتعالى) الى حينه فترقبوا الى ذلك الحين وتريثوا الى ذلك الحين .

لم يستطع العرب رد معجزة النبي الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم اطلاقا ..

انما نريد هاهنا أن نثبت هذه النقطه أنّ العرب ماوسعهم أن يردوا هذه المعجزه الالهيه التي جرت على لسان النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وهي معجزت القرآن الحكيم الخالده التي لانظير ولامثيل لها ، مااستطاعوا أن يردوا عليها الا بشيء واحد إلا السيف وهذا دليل عجزهم ، لقد كان الامر سهلا بالنسبه اليهم إن كانوا حقا إن لم تكن هذه معجزه ، اي إن لم يكن هذا مما يعجزون بالاتيان بمثله او مما يعارضه ، إن لم تكن معجزه القران ، ان لم يكن معجزه فلماذا إذا اشهروا السيف وتحملوا تلك الحروب التي افقدتهم الكثير من الارواح واجرت منهم الكثير من الدماء وانتهت نتيجه بهزيمتهم ؟
معجزت المعاجز القرآن الكريم .. لماذا ؟
كان بإمكانهم إذا لم يكن القرآن معجزه حقا ، والنبي الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) انما يتحداهم به أن يوعزوا حقيقتا الى شعرائهم الكبار وادبائهم الكبار ، ان يأتوا بمثله ويقتلو هذه الدعوه في مهدها ، ويسخرون من النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ،ويسخرون من قرآنه ، ويقولون انت تحديتنا بأنك جئت بمالا يمكن لأحد أن يتفوق عليه في البلاغه والفصاحه ، فنحن قد جئناك مثلا بما فاق قرآنك ويجعلون النبي الاعظم (صل الله عليه وآله وسلم) ــ حاشاه ــ والعياذ بالله  اضحوكت العرب ولايلتفت اليه احد حين إذ ، لأنه يٌقال هاقد جائوك بما هو اعظم من معجزتك ، فإذا هم الانبياء لا انت ، إذا كان مناط النبوه هو الاتيان بكلام معجز فحيث علمنا بأنهم ما استطاعوا أن يردوا على هذا القرآن ، أن يأتوا بمثله واضطروا نتيجتا الى أن يحاربوا صاحب هذه الدعوه بالسيف ، ويتحملوا كل تلك الحروب والخسائر فإذا هذا مما ينبؤنا حقا وصدقا على أنّ القرآن الكريم معجزه حقيقيه وإلا لكان احد قد استطاع أن يعارضه من هؤلاء لأن الامر كان سهلا يسيرا خصوصا مع توافر الماده التي منها يستطيعون أن يخلقوا تلك المعجزه او ماهو مثيل لما هو يتحداهم انه معجزه .

يعني تاره مادة السحر لعلها تحتاج الى تهيئه الى شراء ، مثلا بعض المواد فلذلك يمكن للمشكك مثلا يقول ما ادرانا أن احدا لم يستطع أن يتفوق على معجزت موسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام) لعل مادة السحر لم تكن متوفره انذاك فإذا موسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام)ليس بنبي . اجعلوا نفس الماده التي يمكن أن يكونوا منها  ماهو مثيل لماجاء به موسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام)ثم حين ذلك قارنوا ما ادرانا أنّ الآخرين كان عندهم نفس المواد كذلك في زمن عيسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام)ربما مادة الطب لم تكن متوفره .

الكميه والكيفيه كانت متوفره عنده ومنها استطاع انه يشفي الناس ونسب ذلك الى الله ، والحال انه كان مجرد تقدم عنده بعلم الطب لم يكن امر الماده متوفرا عند الجميع في زمان عيسى (على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام) ، في زمان موسى(على نبينا وآله وعليه افضل الصلاة والسلام) لم يكن الكل اطباء ، لم يكن الكل سحره ، وعلى افتراض أنّ الامر هكذا فالماده لم تكن متوفره ، المواد التي من خلالها ينشئ سحرا ، ويمكن من خلالها أن يطببوا الاخرين . اما بالنسبه لزمان النبي الاعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فالماده متوفره عند الجميع وهي هذه الحروف والالفاظ ، هذه التراكيب اللغويه وهذا الامر لايحتاج لشراء من احد ومع توفر هذه الماده .

ومع توفر عمالقة الشعر والفصاحه والبلاغه في زمان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما استطاعوا أن يعارضوا الكلام الذي جاء به ، وهذا ينبئ عن كون هذا الكلام معجزا جاء من الله (عز وجل) ليس كلاما من كلام المخلوقين ، هذه نتيجه للتساؤل الذي طرحناه انه لما كانت معجزت الاسلام هي الكلمات والحروف ؟ وقد ظهر لنا من خلال هذا البحث أن المعجزه تكون عادتا متوافقه مع اهل ذلك الزمنا وأنّ المعجزه القرآنيه بالذات كانت معجزت المعاجز ، لأن ماتوفر من مادة الكلام الكلمات والحروف كان امرا متوفرا ، ومع ذا لم يستطع احد أن يأتي بمثله هذا وصلى الله على سيدنا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على قتلتهم واعدائهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم اجمعين الى قيام يوم الدين .. آمين

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp